طوال الأيام الماضية لا حديث في ربوع المملكة سوى عن سامي الجابر، فمرة تدخله الشائعات في خلافات عميقة مع نجوم الهلال ولا أعرف حقيقة أي أداة استخدمها ناشر الشائعة لقياس مدى عمق الخلاف، ومرة ثانية أن إدارة الهلال وأعضاء الشرف يبغون “تفنيش” المدرب، بينما يتصدى لهم وحيدا الأمير عبد الرحمن بن مساعد، وثالثة ورابعة وخامسة، ليصبح سامي الجابر الذي يملك من الإنجازات ما لا يملكه غيره من لاعبي المملكة على مدى تاريخها الكروي كله مع الاحترام لهم جميعا، هو العدو رقم واحد لجماهير الهلال من وجهة نظر بعض وسائل الإعلام السعودية لمجرد أن مشجعا أو اثنين أو حتى مائة تكلموا عليه بالسوء.
وفي غمرة انشغال الجماهير والإعلام بحفلات “تقطيع” سامي الجابر تناسى الجميع ما قدمه الجابر كلاعب للهلال ومنتخب بلاده، مثل أنه اللاعب العربي الوحيد حتى الآن وربما لعقود طويلة قادمة الذي شارك في 4 دورات متتالية لكأس العالم واللاعب الوحيد أيضا الذي سجل في 3 بطولات منها، وهو أمر إن دل على شيء، فإنما يدل على تميزه والأهم من ذلك التزامه ونجاحه في المحافظة على مستواه طوال 16 عاما ليكون حاضرا في صفوف الأخضر بعكس نجوم كثيرة قضت على مواهبها بسلوكياتها غير المسؤولة.
ونسي الجميع أو تناسوا أن سامي الجابر بما يملك من نجومية وعلاقات داخل المملكة وخارجها فإن أسوأ قرار كان يمكن له أن يقدم عليه هو التدريب خصوصا في العالم العربي الذي يتمتع بجماهير وإعلام سريع النسيان، فكان يمكن للجابر لو كان يفكر بشكل أناني أن يسلك العمل الإداري فيكتفي بالظهور في الفضائيات المختلفة لينظّر في تكتيكات الكرة ويوزع الاتهامات يمينا ويسارا والجميع يصفق له والكل يتهافت على استضافته، لكن لأنه رجل يعرف قيمة العمل ويملك من الشجاعة ما يجب أن يملكه الرجال، فقد أقدم على سلك مجال التدريب رغم وعورته، وتصدى للمهمة مع فريقه الكبير وهو يعلم أن تدريب الزعيم أصعب من السير على الأشواك، لأنه إذا نجح سيعيدون الفضل للاعبين والإدارة وقيمة الهلال، وإذا أخفق سيتحمل هو وحده مسؤولية الإخفاق.
مساء اليوم قد يفوز سامي على النصر أو يخسر منه وقد تكون مباراة الليلة هي الأخيرة له مع الأزرق كما تتناثر بعض الشائعات، لكنها بالتأكيد لن تكون محطته التدريبية الأخيرة، لأن ما أظهره الجابر من قوة شخصية وثقة بالنفس، وما يملكه من دعم واقتناع من الأمير عبد الرحمن بن مساعد وسائل تكفل له النجاح القريب مع الهلال أو مع غيره من الفرق دخل السعودية وخارجها.
ولمن تفرغوا لانتقاد الجابر أُذكرهم بأنه لم يخسر بالستة مثل مدربين كبار ليس آخرهم أليكس فيرجسون وفينجر وكابيلو وغيرهم، ومع ذلك لم يتعمد الجمهور والإعلام التقليل منهم ولا اتهمهم أحد بضحالة المستوى، علما بأن من ينتقدون سامي لم يرتد أي منهم شورتا إلا في حديقة منزله وهو يستمتع بالشواء!!.