– المجتمع يعاني من المتشدّدين فكرياً والمنحرفين أخلاقياً.
– انفتاحنا جعلنا في أزمة قيم وبعيدين عن التسامح واحترام الآخر.
– الإعلام يحتاج إلى التدريب والمهنية والأخلاقيات.
– عدم جديتنا في العمل.. والتسيُّب موجود ويسري في دمائنا.
– لم أتخيل أن الإعلام السعودي سيصل إلى هذه الدرجة من الانفتاح.
– السعوديون شهدوا كثيراً من التغيُّرات المذهلة أخيراً.
حوار: شقران الرشيدي- سبق- الرياض: يقول الدكتور سعود كاتب مدير عام الإعلام الخارجي بمنطقة مكة المكرّمة والمفكر والأكاديمي المتخصّص في الإعلام الجديد، إن الإعلام السعودي تطوّر كثيراً في السنوات الماضية بشكلٍ غير متوقعٍ وبخطواتٍ كبيرة.
وأكّد د. كاتب في حواره مع “سبق”، أنه شخصياً منبهرٌ بالتعليم في الغرب، والقيم الأخلاقية لديهم؛ كالصدق والجدية في العمل واحترام الوقت والمواعيد وغيرها.
وأشار إلى أن من السلبيات أن كثيراً من الموظفين السعوديين يعتبر أن الراتب الذي يتسلّمه آخر الشهر حقٌ من حقوقه فقط؛ لأنه سعودي وليس مقابل الإنتاجية والعمل.
وأوضح أن المجتمع السعودي يفتقد قيم التسامح، وأدب الحوار واحترام الآخر.. كما يتطرق كذلك إلى دخول المرأة في مجلس الشورى، والإعلام السعودي، والصحافة الورقية، ومواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها في الربيع العربي وغيرها من المحاور المهمة فإلى تفاصيل الحوار:
** بعد تعيينك في منصب مدير عام الإعلام الخارجي بمنطقة مكة المكرّمة، ما طموحاتك؟ وبماذا تَعِد؟
– الحماس موجود، والطموح موجود، وأنا عملت في مجال الإعلام سنوات طويلة، وبتوفيق الله متفائلٌ كثيرا بتحقيق عديدٍ من الإنجازات مع زملائي، والوقت مبكر جداً، وسلاحي في هذه المرحلة هو الطموح والرغبة في التحسين، إضافة إلى الخبرة التي أحمد الله أنني جنيتها في السنوات الماضية.
** الاعلام السعودي لايزال يعيش في تقليدية رتيبة، متى يتحدث بشكلٍ يليق بالتطوّر الكبير الحاصل في السعودية؟
– تصور أن في السنوات الماضية حصل تغيُّر كبيرٌ في الاعلام السعودي، ونحن لم يكن يخطر ببالنا أنه يمكن أن يحصل هذا التطور، ولو سألتني قبل خمس عشرة سنة.. هل أنت تتخيّل أنه في يوم من الأيام أن الإعلام السعودي يصل إلى هذه الدرجة من الانفتاح وهذه الدرجة من المهنية؟ كنت سأقول لك بالتـأكيد لا.. ولكن هل هو المأمول؟ بالتأكيد لا أيضاً؛ لا من ناحية التدريب والمهنية، والأخلاقيات كل هذه الأمور هي أساسية في الإعلام، وأعتقد أن الإعلام السعودي يحتاج إلى أن يعمل عليه أكثر وهو مؤهلٌ لها.
** لماذا ارتبطت الأخبار الرسمية في الإعلام السعودي الرسمي بأخبار “ودّع واستقبل”؟
– الجميل في الأمر أن البدائل كلها موجودة، التلفزيون السعودي بتقليديته، والقنوات الفضائية كذلك، والريموت في يد المشاهد.. وهو الذي يستطيع اختيار القناة التي يريدها، والملاحظ أن الكثير من الناس يتابع الأخبار الرئيسة في الإعلام السعودي. والمسؤولون في الهيئة قادرون على تطوير التلفزيون والإذاعة للأحسن، والتحوُّل للهيئة معناه مرونة أكثر، ووضع القدرات في يد المسؤول لتطوير الأشياء التي لم تكن متاحة من قبل. وهم الآن قادرون على المنافسة، ويُفترض فيهم المنافسة لأنها هيئة مستقلة خرجت من الروتين الحكومي والتقليدية الرسمية. وأتمنى أن يكون في الهيئة من الكفاءات الشابة التي تمثل الدماء الجديدة العارفة برغبات المشاهدين الذين أغلبيتهم من جيل الشباب، وهؤلاء يحتاجون إلى تفكير معين يواكب تطلعاتهم في المرحلة القادمة.
** يُقال إنك مفكر وإعلامي منبهرٌ بالغرب، ما مدى صحة ذلك؟
– نعم أنا منبهرٌ بالغرب وبالعلم هناك، وبالتعليم في الغرب، وانبهاري هذا من احترامي وحبي لوطني، ومجتمعي، ولكني أتمنى أن أرى هنا ما رأيته في الغرب من علمٍ، وتقدمٍ، وتطورٍ، وأعتقد أن هذا ليس عيباً.. ودعني أقول شيئاً قد “يزعل” منه البعض، وهو أنني منبهرٌ كثيراً بأخلاقيات الغرب.
** مثل ماذا؟
مثل الصدق، واحترام المواعيد، واحترام الوقت، وجدية العمل، وهذه الأمور موجودة بشكل قوي في الغرب، ومع الأسف نحن نفتقدها كثيراً إلى درجة أعتقد أنه من المؤلم عدم احترامنا للوقت، وعدم جديتنا في العمل، والتسيُّب موجود لدينا، ويسري في دمائنا، ولست أقول الجميع ولكن أقول الأغلبية، ومع الأسف الشديد هذا يحتاج إلى علاج ليس فقط في القطاع العام، بل في القطاع الخاص والمؤسسات الأخرى. والعلاج يحتاج إلى مجموعة من الحلول منها التعليم، والانضباطية، والقدوة، وأن يكون الرؤساء قدوة، فالمال السائب يعلم الحرام، كما يُقال. وإن لم يكن هناك قوانين، وأنظمة تعلم الموظف وتحاسب المقصر وتكافئ المجتهد فلا فائدة، ومع الأسف هناك الكثير من الموظفين السعوديين يعتبر أن الراتب الذي يتسلّمه آخر الشهر هو حقٌ من حقوقه فقط؛ لأنه سعودي وليس لأنه موظف عليه واجبات ومسؤوليات وليس حقوقاً فقط. وهذا رأيته، وعانيته كثيراً في أماكن كثيرة وأنا عملت في القطاعين الخاص والعام، وفي الجامعات وأعتقد أن المشكلة موجودة لدينا.
** ما أبرز التحولات في المجتمع السعودي في الفترة الأخيرة؟
– في السنوات الأخيرة شهد المجتمع السعودي تغيرات في جميع المجالات سواء الاقتصادية، الاجتماعية، الفكرية، الثقافية، والاعلامية، وكلها شهدت تغيرات مذهلة في بعضها المجتمع السعودي تغيّر كثيراً بشكلٍ سريعٍ جداً بسبب الانفتاح الإعلامي والإنترنت، وقنوات التواصل الاجتماعي وبسبب كثرة السفر، وأصبح هناك انفتاحٌ سريعٌ في بعض المراحل أسرع من قدرتنا على التأقلم معه، وبالتالي أثّر فينا إيجابياً من نواحٍ عدة وأصبحت لدينا فئة كبيرة من الشباب والفتيات المتعلم تعليماً عالياً جداً.
ولو نظرنا إلى هذا التغيير نجد بعض النواحي السلبية المتعلقة بالبُعد نوعاً ما عن القيم الأخلاقية والتسامح، وانفتاحنا المفروض أن يجعلنا أكثر تسامحاً، ولكن تسامحنا ضعيف جداً وأقل من المطلوب وهذا تجده على “تويتر” وشبكات التواصل الاجتماعي، وهناك سيلٌ من الشتائم والسب بعيداً عن النقاش الموضوعي السليم. وهناك الكثير من عدم القبول من البعض. وكثير من قيمنا الحالية تحتاج إلى مراجعة وهناك أزمة قيم في المجتمع السعودي.
** ماذا سيقدم دخول المرأة مجلس الشورى للمجتمع السعودي؟
دخولها لمجلس الشورى أعطاها الفرصة لتبدي رأيها، ومن حق المرأة أن تشارك في اتخاذ الآراء والقرارات التي تخص الأسرة، والكثير من الأشياء المرأة أقرب لها من الرجل كتعليم الفتيات وغيرها من الأمور.. لأن فيها عدلاً، ومنطقاً، وقدرة على اتخاذ القرار الصائب والمعرفة الصحيحة ووجودها في مجلس الشورى هو خطوة ضرورية.
** يتساءل الكثير عن توجهك الفكري .. كيف تصفه؟
أنا معتدلٌ فكرياً وملتزمٌ بديني وقيمي.. ولست متشدّداً ولست متطرفاً لا في اتجاه اليمين ولا في اتجاه الشمال .. والجميع يرى نفسه معتدلاً حتى المتطرفين، وأتمنى أن أكون وسطياً في كل شيء. المجتمع السعودي يفتقد قيم التسامح، وأدب الحوار واحترام الآخر وهذا ليس فيه نقاشٌ أبداً.. سيغضب الكثيرون لكن هذه الحقيقة، والسعودية تمر بتشدُّد ديني، وانحراف أخلاقي خطيرين. والنقيضان موجودان بشكلٍ كبير، وحتى الناس الذين في المنتصف بدأ الطرفان يتجاذبونهم، ونحن نحتاج إلى جهود المثقفين والمتعلمين والجهات التعليمية الحكومية لتوعية الناس، ليس فقط للابتعاد عن التشدد الديني، ولكن أيضاً عن التطرُّف الأخلاقي.
** هل أسهمت شبكات التواصل الاجتماعي في الربيع العربي؟
لم تصنع الربيع العربي.. وهذا خطأٌ كبيرٌ يتردّد بكثرة.. لكنها سرّعت وساعدت الأشخاص على سرعة الحصول على النتائج. ولكن بالتأكيد الأرضية كانت جاهزة في هذه الدول.
** ماذا عن مستقبل الصحافة الورقية.. هل ستنتهي قريباً كما يُقال؟
أعتقد أن الصحافة المطبوعة إلى زوال.. أما كم سنة أمامها للزوال فهذا يختلف من دولة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى أخرى.. لكن التآكل بدأ والصحافة المطبوعة لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل مهما بذلت من مجهودات. والصحافة المطبوعة تعيش على التوزيع والإعلانات، ومنحنى هذين المجالين في انحدارٍ مستمر، والجيل الجديد لم يعد يذهب إلى المكتبات والبقالات ليشتري الجرائد، بل الجميع على الأجهزة الإلكترونية، وبدأنا نجد في المملكة صحافة إلكترونية مؤثّرة في الرأي العام، وأكبر مثال ودون مجاملة صحيفة “سبق”.
والمستقبل للصحافة الإلكترونية.. ونحن نحتاج إلى أكثر من صحيفة، فالمنافسة دائماً تخلق نوعية أفضل وتعطي خيارات أكثر.
** الكثير يعتقدون أن الليبرالية ضدّ التديُّن.. أليس كذلك؟
في الواقع ليست كذلك إلا إذا دعت إلى التطرُّف الفكري والانحلال الخلقي وفيها الكثير من الأشياء الايجابية.
** ما أبرز مشكلاتنا نحن السعوديين؟
لدينا مشكلة في التعليم بجميع مراحله رغم الجهود المبذولة، وانا أعول على المبتعثين السعوديين في تلافي الكثير من السلبيات.
** ما أنجح مشروع حكومي؟ وما أفشله؟
من أنجحها مشروع الابتعاث، أما افشلها فهو المرور في الشوارع ولاسيما في ظل ارتفاع نسبة الوفيات، والمرور يحتاج إلى ضبط أكثر وساهر – وحده – لا يكفي.