لا تزال ظاهرة رفض أولياء أمور استلام نسائهن تصب في معاناة كثير من السجينات خاصة اللاتي انقضت مدة سجنهن , مما حمل ادارة السجون لإحالتهن لما يسمى ” دار الضيافة ” التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية .
وتقول إحدى السجينات : ” بأي شرع وبأي دين تظل التقاليد التي لا تمت للدين بصلة يتم السكوت عنها ، ونحرمنا من أهلنا واسرنا , لافتة أنها ايضا تعتقد أن الحكومة مسؤولة عن حمايتهن ، كما أن على العلماء والمشائخ دور في التوعية للآباء ، وما نريد أن نصل إليه : الا يوجد في الشرع الحنيف ما يعاقب به ولي الأمر الذي يتخلى عن أبوته وولايته ويتنكر أو يتبرأ من بنته أو أخته .
وطالبت إحداهن بأن يسن “قانون” يلزم أولياء الأمور استلام السجينات بعد انتهاء مدة السجن , أو يسمح للسجينة أن تغادر السجن لأسرتها أسوة بالرجال , واضافت أن شرط استلام ولي أمر هو ما جعل أولياء الأمور يستغلون هذا النظام برفض الاستلام , بالرغم أن أمهاتهن يعانين الكثير ولا حول ولاقوة لهن في ذلك .
جدير بالذكر أن النظام يفرض على إدارة السجون تسليم السجينة بعد انتهاء محكوميتها الا لولي أمرها فإن رفض فإنها تبقى في السجن حتى يقتنع الولي باستلامها , مما أدى ذلك لبقائها بالسجن إلى أجل غير مسمى , وبعد قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بإنشاء ” دار الضيافة ” حيث تحال اليه السجينات عندما يرفض ولي امرها قطعيا بعد عدة محاولات لا ستلامها , وفي حالات ترفض السجينة أن يتسلمها خوفا على حياتها .
جدير بالذكر أن الدكتورة سهيلة زين العابدين، عضوة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان انتقدت في وقت سابق وفقا لـ (عكاظ) أسلوب التعامل الاجتماعي مع السجينات، وقالت: “تتبرأ العائلات من المرأة عندما ترتكب أي جريمة، بينما الرجل لو ارتكب جريمة قتل، تتعاون الأسر وتتسول قيمة الدية بعشرات الملايين لإخراجه من السجن”.
وأضافت زين العابدين: “المشكلة أنه حتى لو استلم الولي السجينة، يبقى هناك خطر يهدد حياتها بالقتل، خاصة عندما تكون جريمتها أخلاقية”.
من جانبه توقع الفاخري أن يصدر قانون يعالج هذه الاشكالية ، مشيرا إلى أن تعنت بعض أولياء الأمور هو أساس المشكلة، وأن بقاء السجينة في السجن بعد انتهاء عقوبتها يعد انتهاكا لحقوقها، مضيفا: “لكننا لا نستطيع إلزام ولي الأمر باستلام ابنته، خاصة إذا تبرأ منها”.
وتطالب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بتأسيس جمعيات تستضيف السجينات المفرج عنهن ليتمكن من ممارسة حياتهن العادية ويواصلن أعمالهن ودراستهن، حتى لا تتعطل حياتهن بسبب تعنت ولي الأمر”.
وتقضي قوانين السجون أن تحال السجينة التي انتهت محكموميتها ورفض ذووها استلامها، إلى دار تسمى “دار الضيافة”، وهي بمثابة جمعية تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، تهيئ للسجينات بيئة حياة مناسبة، لكنها تقيد حرياتهن ولا تسمح لهن بالخروج من المقر.
بذات السياق دعت لطيفة أبونيان وكيلة وزارة الشؤون الاجتماعية وفقا لـ ” المدينة ” الجهات المختصة إلى إلغاء موافقة شرط ولي الأمر أو اقتراح آلية أخرى لإنهاء معاناة السجينات، مشيرة إلى أن “دار الضيافة” شهدت حالات هروب فتيات كثيرات.
وانتقدت الدكتورة حنان الأحمدي، عضوة مجلس الشورى، غياب الأرقام عن تقارير هيئة التحقيق والادعاء العام المختصة بهذا الشأن، وقالت في حديث نقلته صحيفة الجزيرة في مارس/آذار الماضي: “لا بد من وجود أرقام لأولئك السجينات ضمن تقرير الهيئة مع تفاصيل محكومياتهم، وكذلك أعداد النساء اللاتي لا يرغب ولي أمرهن أن يستلمهن”.
وطالبت الأحمدي بمعاقبة أولياء الأمور الذين يرفضون استلام قريباتهن، حيث أن بقاء هؤلاء النساء في السجون هو ظلم وتمييز ضد المرأة، على حد تعبيرها.