“من غير اللائق إنسانياً أن تُنقل جثث الموتى عبر سيارات البلدية المسؤولة عن نقل النفايات”.. شكوى يرفعها الأهالي وحقوقيون إلى الجهات المسؤولة لإسناد مهمة نقل الموتى إلى هيئة “الهلال الأحمر” بدلا من البلدية، حفاظا على حرمة الأموات.
غير أن إمكانات “الهلال الأحمر” لا تُلبِّي إلاَّ ما نسبته (35%) من الحاجة الإسعافية في العاصمة “الرياض” حسب ما أكده مساعد رئيس هيئة الهلال الأحمر للشؤون الفنية لصحيفة “الرياض”، الدكتور رشيد بن صالح العيد، في التحقيق الذي نشرته، اليوم الاثنين.
ولا يزال “الهلال الأحمر” وغيره من الجهات الخدمية الأخرى تعاني من بعض العوائق التي لا تدخل ضمن تنظيمها، كالزحام وتوقف السير المروري في بعض الطرق السريعة وعدم انسيابية الحركة على بعض الطرق، وقلة الكوادر، ما يسبب معوقات عن أداء مهمته الإسعافية، فضلا عن أن يتحمل مهمة جديدة وهي نقل الموتى بما تشمله من إجراءات طويلة.
وتعرض أحد المواطنين في “المنطقة الشرقية” قبل مدة لحادث مروري، إلاَّ أن “الهلال الأحمر” حينما باشر الحالة أكد وفاة المُصاب وتركه في موقع الحادث لحين وصول سيارة “البلدية” لنقله إلى ثلاجة الموتى، بيد أنه اتضح بعد وصول سيارة “البلدية” أن الرجل لا يزال على قيد الحياة، إذ اشتبه أمر وفاته من عدمه على كادر “الهلال الأحمر”، الأمر الذي عرَّض المواطن للخطر قبل إدخاله بعد ذلك إلى قسم “العناية المشددة”.
“عوائق”
الدكتور رشيد بن صالح العيد (مدير تنفيذي، مساعد رئيس هيئة الهلال الأحمر للشؤون الفنية) قال من جانبه: “يرفع الهلال الأحمر يده عن الجثة المتوفاة؛ لأنها ليست من مهامه، وهو إجراء الجهات المعنية وليس تنظيما من الهلال الأحمر”.
وأضاف أن الدور الرئيس للهلال الأحمر هو نقل الأشخاص المصابين ممن لا يزالون على قيد الحياة ومهددين بالموت، أو ذوي الإصابات المتوسطة، مشيراً إلى أنه إذا أضيفت مهمة نقل الوفيات إلى الهلال الأحمر فإن ذلك يعني استنزاف كبير لطاقة “الهلال الأحمر”.
كما لفت العيد إلى أن الفرقة الإسعافية من الممكن أن تنقذ روحين، وتستجيب لبلاغين في الوقت الذي ستنشغل فيه بنقل الجثة المتوفاة، مشيرا إلى أنه لا يوجد في تجارب دول العالم ما يشير إلى وجود فرقة إسعافية أو فريق إسعافي ميداني يقدم هاتين الخدمتين سوياً.
غير أن العيد ألمح لإمكانية تقديم الهلال الأحمر خدمة نقل الموتى ولكن بكوادر مستقلة وقوات ووظائف وسيارات خاصة مجهزة لذلك، لافتا إلى أن الهيئة بدأت التجهيز وتحديد الآليات ووضع الاحتياجات والتنظيمات ليتم الرفع بها للمقام السامي لاعتمادها ومن ثم التطبيق بعد الإقرار.
وفي “أمانة منطقة الرياض” قالت مصادر للصحيفة ردا على سؤال حول تجهيزات وخدمات نقل الموتى، إن الأمانة تنقل جثث الموتى وفق قرار مجلس الوزراء القاضي بإحالة مهام نقل الوفيات إلى البلديات.
وخصصت “الأمانة” غرفة عمليات متخصصة لتلقي البلاغات تعمل على مدار الساعة مع تأمين احتياجاتها من الكوادر البشرية والسيارات الحديثة المُجهَّزة لهذا الغرض بشكلٍ يضمن حفظ حرمة الميت إلى أن يتم تسليمه لثلاجة الموتى في “مدينة الملك سعود الطبية” بالرياض.
حُرمة الميِّت
ورأت الدكتورة سهيلة زين العابدين (عضو جمعية حقوق الإنسان،) أنه من غير اللائق إنسانياً أن تُنقل جثث الموتى عبر سيارات البلدية التابعة لأمانة المنطقة.
وأضافت: “نحن لا ننتقد أداء البلدية، ولكن هناك ارتباط ذهني لدى الأشخاص مفاده أن البلدية مسؤولة عن نقل النفايات، وهذا بحد ذاته فيه امتهان لكرامة الميت وأذى نفسي لذويه، خاصة أن كرامة الأموات أشد حرمة من الأحياء.. ويجب أن يُحال ما يختص بالإنسان والأرواح للجانب الصحي وليس البيئي”.