الكاتب خالد السليمان: التسوُّل غير الأخلاقي عبر ”الكيك” أتاح فرصة كبيرة لتجارة الجنس بشكل أكبر
– أستاذ علم الجريمة الدكتور إبراهيم الزبن: أغلب المتسولين في السعودية غير سعوديين.. والنساء 71 %
– استشاري أمراض المناعة: الأمراض التي تنتقل من علاقات التسوُّل غير المشروعة (الإيدز والزهري والسيلان والكبد)
– الناطق الإعلامي لشرطة جدة: نسبة المتسولات في تناقص لتكثيف الحملات التي تستهدفهن
أساليب مختلفة وفنون متعددة يبتكرها المتسولون والمتسولات الوافدون؛ بهدف الحصول على المال.. تراهم في كل مكان يلاحقون فريستهم بأسلوب الذلة، والمسكنة.. ويبتكرون أفكاراً لاستدرار عطف المارة. لكن الغريب أن يُستغل الجسد في التسوُّل، وتتحول المرأة إلى سلعة تُباع وتُشترى؛ لتدخل في عالم من العلاقات المحرَّمة رغبة في الحصول على المزيد من المال، وتصبح خطراً في المجتمع.
تم طرح القضية للنقاش، وتحذِّر من تزايد العلاقات المشبوهة مع متسولات وافدات، ابتُلين بالأمراض الجنسية، وفقاً لما نُشر أخيراً في وسائل الإعلام المحلية.
تبدأ بمساعدة مالية
بدأ الكاتب في جريدة عكاظ “خالد السليمان” حديثه متسائلاً: لماذا هناك متسولات في الشارع السعودي؟ ولماذا لم يتم التعامل بجدية معهن للآن؟ لافتاً إلى أن التسوُّل بالجسد ليس بجديد، بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة دفعت به من عتمة الظلام إلى بؤرة الضوء، وقال: التسوُّل مهنة لا تقتصر على النساء بل الرجال أيضاً. وتحدَّث عن التسوُّل غير الأخلاقي عبر الكيك، الذي أتاح فرصة كبيرة لتجارة الجنس بشكل أكبر، واصفاً تويتر بوجه آخر لعالم مظلم لتجارة الإباحية، بيد أنه أكد أن السلوكيات المستقيمة هي الملاذ الآمن والصحيح.
وعبَّر الكاتب عن أسفه من عدم وعي البعض بخطورة ذلك النوع من العلاقات الناتجة من التسوُّل لممارسة الدعارة المستترة؛ إذ يعتقد البعض أنهم في مأمن من خطر الإصابة بالمرض، مشيراً إلى بعض المنحرفين الذين يمارسون علاقات غير مشروعة ثم يعودون يمارسون حياتهم مع شركائهم، ولا يبالون بسهولة انتقال عدوى الإيدز لشريكة الحياة بلا ذنب؛ ما ينتج منه توسع في دائرة الإصابة بالعدوى؛ فلا علاقة مأمونة سوى العلاقة الزوجية.
وبسؤال عمن تقع عليه مسؤولية هذا النوع من التسوُّل غير الأخلاقي، أجاب السليمان قائلاً: لا نستطيع أن نلقي باللوم على فئة ونهمل فئة أخرى؛ فالمسؤولية مشتركة بين الأسرة وتربية أبنائها، والفرد تجاه نفسه، والمجتمع الذي يتحمل الجزء الأكبر؛ إذ تعامل بلا مبالاة تجاه الكثير من التصرفات، وأخيراً الدولة.
وختم حديثه بإشارة إلى أن “رتم” الحياة السريع وسهولة الحصول على الشيء جعلا هناك العديد ممن يندفعون خلف شهواتهم دون تقدير للمخاطر، منتقداً الإهمال الرسمي للمواقع التي تروج لتجارة الجنس، التي رأى أنها لا تقل ضرراً عن المواقع التي تبث الفتنة والإرهاب.
أساليب خداعية
وأوضح أستاذ علم اجتماع الجريمة الدكتور إبراهيم بن محمد الزبن أن الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للمتسولين في السعودية تبيّن أن معظم المقبوض عليهم من غير السعوديين بنسبة تتراوح بين 62-83٪، لافتاً إلى أن نسبة الإناث تصل إلى 71.25٪، ومن صغار السن؛ إذ تتراوح أعمارهم بين 6-20 سنة، بنسبة 38.67٪، ثم بين 20 سنة وأقل من 30 سنة بنسبة 18.75٪. وقال: معظمهم من العزاب العاطلين عن العمل، ودخولهم منخفضة، ومستوياتهم التعليمية متدنية.
وردًّا على سؤال حول أسباب لجوء النساء للتسول أجاب: بيّنت بعض الدراسات أن من أسباب لجوء النساء للتسول عدم وجود عمل بنسبة (30.7٪)، ثم إجبار ولي الأمر لهن على القيام بذلك بنسبة (24.56٪)، ثم اعتباره حرفة بنسبة (17.54٪)، وأخيراً سهولة التسول؛ فهو لا يكلفهن شيئاً بنسبة (7.02٪). لافتاً إلى أنه قد يصاحب ظاهرة تسول النساء بعض السلوكيات (كميكانيزما) دفاعية لدى المتسولات، مثل الإعاقات أو التشوهات الجسدية أو الاستعطاف للآخرين بأساليب خداعية، ونبه إلى استغلال بعضهن العاطفة الدينية لدى المنفقين، ورغبتهم في تقديم المساعدة للمحتاجين، خاصة عندما يكون التسول من نساء يصطحبن أطفالاً، يتم تدريبهم على هذه المواقف السلوكية الانحرافية.
جرائم منظمة
ولفت أستاذ علم اجتماع الجريمة إلى أن ظاهرة التسول في المجتمع إحدى المشكلات الأمنية التي يصاحبها سلوكيات انحرافية، تؤثر في استقرار المجتمع، وترفع معدلات الجريمة به، خاصة المرتبطة بالمرأة، كالجرائم المنظمة عابرة الحدود، وجرائم الاتجار بالبشر والجرائم الاقتصادية والأخلاقية، مشيراً إلى الأبعاد الثقافية والاجتماعية والصحية على النساء اللاتي يمارسن التسول، وقال: تتعرض المتسولة للحوادث الجسدية، كالعمل الشاق في بيئة عمل قاسية، والتحرش الجنسي والاغتصاب، كما تتعرض أحياناً إلى الإيذاء والتشويه الجسدي بهدف المتاجرة بهن، وانتشار الأمراض المعدية.
وحذَّر من انعكاس ظاهرة التسول سلباً على اقتصاديات الدول، سواء المصدرة للنساء اللاتي يتم استغلالهن، أو الدول المستقبلة التي تزيد لديها النشاطات الاقتصادية القائمة على الكسب غير المشروع، لافتاً إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي في المجتمع، وزيادة الأعباء التي تتحملها الدولة في توفير الرعاية الاجتماعية والأمنية الوقائية والعلاجية لمكافحة ظاهرة التسول في المجتمع.
غياب الوعي الصحي
وبدورها تواصلت جهات مختصه مع استشاري أمراض المناعة الدكتور “غسان ولي”؛ للتعرف على الأمراض التي تنتقل من علاقات التسول غير المشروعة، وقال: ليس الإيدز فقط هو المرض الذي ينتقل بالعدوى عبر علاقة خاطئة، بل هناك أمراض أخرى قد يجهلها الشباب كـ”الزهري والسيلان والكلاميديا والهربس والكبد الوبائي بنوعيه بي وسي”.
وردًّا على وجود حالات تأتي إليه، تعاني من تلك الأمراض، ومدى انتشارها، أجاب “ولي” قائلاً: بالتأكيد منتشرة وموجودة بين الشباب، ووجودها لا يحدث إلا من علاقات خارجية. معرباً عن أسفه من نقلها إلى الزوجة بكل سهولة. وأضاف: في حالة وجود أي من تلك الأمراض لا بد من مواجهة الرجل، ومعرفة عدد العلاقات التي مارسها، وهناك من يستجيب للعلاج، وهناك من يعاند.
وأشار إلى أن غياب الوعي الصحي والفقر الشديد ساهما بدرجة كبيرة في تسول المرأة بجسدها، موجهاً رسالته إلى الرجال الذين يتسولون الحرام بأن تلك العلاقات مجال كبير لنقل العدوى والأمراض التناسلية، ولا توجد علاقة جنسية مأمونة سوى العلاقة الزوجية. محذراً من عدم التحليل لمن يمارسون تلك العلاقات، التي تُزيد من نسب العدوى بالإيدز.
واعتبر” الولي” أنه من الممكن تقليص نسبة الإصابة بالإيدز إلى 50 % في حالة التخلص من الجنسيات غير النظامية في السعودية، مشيراً إلى الضرر الكبير الذي يقع، ونقل العدوى من هؤلاء المتسولات، ومعبراً عن أسفه من وجود ما يقرب من 20 % من مرضى الإيدز يجهلون مرضهم.
ومن جانبه أشار المتحدث الإعلامي لوزارة الشؤون الاجتماعية “خالد الثبيتي” إلى أن نسبة المتسولات خلال عام 1434هـ من النساء السعوديات بلغت 4 %، ونسبة المتسولات من الأجانب 27 % .
تكثيف الحملات
من جانبه رأى الناطق الإعلامي لشرطة جدة الملازم نواف البوق أن نسبة المتسولات في تناقص؛ لتكثيف الحملات التي تستهدف تلك الفئة، لافتاً إلى وجودهن عند إشارات المرور والأسواق وأماكن العبادة والحدائق العامة، وقال: إنهن يتعمدن تغيير مواقعهن بغرض التخفي من الحملات الأمنية.
وبسؤاله عن هيئة المتسولات أجاب البوق: نساء يرتدين عباءات سوداء، وغالباً بمعيتهن أطفال، ويوجَدن في الأماكن المذكورة آنفاً.
وحول كيفية ضبط المتسولات قال: أعضاء مكتب مكافحة التسول مزوَّدون بعناصر من الشرطة؛ لإجراء عمليات الضبط، إضافة إلى وجود حملات للشرطة ضمن الحملات الأمنية، تستهدف تلك الفئة. مشيراً إلى جهود شعبة التحريات والبحث الجنائي حيال المراقبة السرية لمواقع وجودهن، وتتبعهم لأماكن سكنهن، ومن ثم ضبطهن.