منذ أن أفاقت سوريا على حرب عنوانها “وظلم ذو القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند”، تشرد مئات الآلاف من السوريين عن ديارهم، ليجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بلا مأوى يقيهم من برد الشتاء أو من لهيب الصيف، وأطفال اعتادوا منذ هذه الحرب على سماع دوي القذائف، وبكاء الأمهات وأنين الجرحى، وغياب الآباء ما بين شهيد وجريح.
رصدت صوراً لأطفال اللاجئين السوريين في الأردن، وملامحهم التي تبدو مبتسمة تارة وهي تخبئ خلفها دمعاً وألف حكاية وحكاية، وتتأمل وتنتظر تارة أخرى، وطفلاً يأكل خبزاً في الطريق ظفر به بعد طابور الانتظار، وأخرى في زحام الانتظار تنام على أمل أن تستيقظ وقد جمعها القدر بوالدها الغائب الحاضر، وعجوزاً تتكئ على عصاها وقد ظهرت تجاعيد الألم في وجهها، وطفلة تحمل لأشقائها المؤن، والأخرى تغسل الملابس بعد أن غيبت الحرب ألعابهما.
ومقابل تلك المشاهد القاسية التي حلت بالشعب السوري، وقفت السعودية مع أشقائها للتخفيف من معاناتهم بعدما باتوا بلا مأوى في البرد القارس والأمراض المعدية، بحملات شملت كميات من الأدوية والأجهزة الطبية والطحين والطعام والأغذية المتنوعة والملابس الشتوية والبطانيات.
كما أمّنت الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء السوريين أكثر من 4000 “كرفان” للعائلات السورية، إضافة إلى توقيع عقد تأثيث مستشفى ميداني يشمل أكثر من 22 عيادة طبية متخصصة بموقع مخيم الزعتري.
وما زالت الحملات مستمرة لتجسد موقفاً إنسانيا عظمياً، فـ “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.