عادت “صعدة” إلى واجهة الأحداث مرة أخرى؛ لتسجل سابع مغامرة حربية فاشلة للحوثيين في 10 سنوات، بعد عودة القادة الحوثيين لممارسة تصرفاتهم الصبيانية واستفزازهم للسعودية؛ بهجومهم بالهاون على المدنيين في مدينتَي نجران وجازان وتسبّبهم في مقتل وإصابة البعض؛ ما دعا قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية إلى إعلان محافظة صعدة هدفاً عسكرياً ثأراً لنجران.
عقر دارهم
مازالت محافظة صعدة تمثل إحدى أكبر المحافظات اليمنية المصدّرة للإرهاب، وعقر دار الحوثيين ومقر انطلاقهم لزعزعة استقرار اليمن ومحاولة السيطرة عليه بدعم إيراني ازداد كثافة خلال السنوات القليلة الماضية.
تحالف ودعم
برز اسم صعدة بشكل مفاجئ في الأحداث مع انتشار المد الحوثي داخل اليمن ومحاولتهم انتزاع السلطة من الحكومة الوطنية، أولاً بدعم إيراني ثم بتحالف مريب مع الرئيس السابق علي صالح؛ غير مبالين بالحروب الست التي خاضوها ضدّه في الأعوام العشرة الماضية وتكبّدوا فيها الآلاف من القتلى والجرحى
تهور صبياني
بالعودة للسنوات الماضية يتجلى حجم التهور الصبياني للقيادات الحوثية الذي يعود في كل مرة عليهم بالخسائر المادية والبشرية، وفشلهم في الوصول لأهداف طهران التي تقودهم إلى المحارق الصاروخية في كل مرة غير مبالية بقتلاهم وجرحاهم.
مغامرة فاشلة
أولى المغامرات الصبيانية للحوثيين انطلقت في العقد الماضي، وفقاً لموقع ويكيبيديا، ففي أواخر 2004م، اشتعل فتيل المعارك بين الجيش اليمني وأنصار حسين بدرالدين الحوثي، بعد اتهام الحكومة له بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله واستعمال المساجد لبث خطابات معادية للولايات المتحدة والتحريض على الإرهاب، وجنّد حينها الرئيس السابق صالح، مقاتلين قبليين من العصيمات، وهي إحدى قبائل حاشد السبع، واستعمل المقاتلون الحوثيون القنابل اليدوية والأسلحة الخفيفة في مدينة صعدة وكتاف، وتوقفت المعارك في 10 سبتمبر 2004 بعد إعلان الحكومة اليمنية مقتل حسين بدر الدين الحوثي.
المحاولة الثانية
في مارس من عام 2005م عادت المعارك من جديد بين الطرفين، وقتل خلال تلك الفترة 200 شخص في معارك بين الجيش اليمني والحوثيين، وفي شهر مايو من العام نفسه, عرض الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ عفواً رئاسياً على المتمردين شريطة أن يسلموا أنفسهم ويوقفوا إطلاق النار، ورفض الحوثيون العرض واستمرت المناوشات بين الطرفين وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا يلوم فيه المتمردين على مقتل 522 مدنياً وجرح 2708 آخرين وخسائر اقتصادية تقدر بـ 270 مليون دولار، وانتهت المغامرة بعودة الحوثيين إلى جحورهم وتسليم بعض كبار قياداتهم في 23 يونيو من العام نفسه.
تعطش ثالث
لم يهدأ بال الحوثيين وهم يرون الاستقرار يعود لليمن السعيد، فعادوا خلال الفترة من نوفمبر 2005م إلى يناير 2006م للمغامرات الصبيانية واشتبكت قواتهم مع قوات قبلية من قبيلة وادعة الهمدانية المؤيدة لعلي عبدالله صالح، وتوقف الاقتتال قبل الانتخابات الرئاسية، بعد أن تكبّدوا الكثير من الخسائر البشرية والمادية.
دموية رابعة
بعد استقرار دام العام تقريبا، عادت شهوانية السلطة لتداعب خيال القادة الحوثيين، وبدأوا في أواخر يناير 2007 م في استفزاز القوات اليمنية، وهجموا عليهم وقتلوا ٦ جنود وجرحوا خلال الغارة 20 آخرين، ثم نفّذوا هجوماً آخر خلف عشرة قتلى وعشرين جريحاً عند مهاجمة نقطة تفتيش قرب الحدود السعودية، وردّت الحكومة اليمنية بقتل ثلاثة من المتمردين، حسب تصريح رسمي لمسؤول عسكري يمني, واضطرت حينها القوات اليمنية لشن حملة شرسة على صعدة قتل خلالها 160 من الحوثيين، وتوقفت بعد أن تم الاتفاق على هدنة في 16 يونيو وقبل قائدهم عبدالملك الحوثي، شروطها ومنها اللجوء السياسي إلى قطر مقابل الإفراج عن مساجين حوثيين في السجون اليمنية.
خامسة حمقاء
في أبريل لعام 2008م عادت المواجهات بين الجيش اليمني والحوثيين مرة أخرى، ضاربين بعرض الحائط أمن اليمن، واضعين نصب أعينهم مصالحهم العليا وتطلعاتهم السلطوية؛ حيث نصبوا كميناً قتل خلاله ٧ جنود نظاميين، وانفجرت قنبلة في 2 مايو بعد صلاة الجمعة خارج مسجد بن سلمان وقتل 15 شخصاً وجرح 55، واتهمت الحكومة حينها الحوثيين بالوقوف وراء الحادث، وقتل في الليلة نفسها ثلاثة جنود وأربعة حوثيين في مناوشات بين الطرفين، وتواصلت الاشتباكات ونتج منها قتل 13 جندياً و26 من المتمردين في اقتتال داخل صعدة ثم توقفت الاشتباكات عام 2008عندما أعلن علي صالح، وقف إطلاق النار في 17 يوليو.
تهور جبل الدخان
في أغسطس عام ٢٠٠٩م، عادت تصرفات الحوثيين الحمقاء للساحة من جديد، بعد خطف الميليشيات الحوثية ٩ سائحين أجانب وقتلهم دون سببٍ واضح، وشنّت القوات اليمنية حملة عسكرية عُرفت باسم عملية الأرض المحروقة، وفجأة هجم الحوثيون على نقاط حدودية سعودية وقتلوا جنديين سعوديين وجرحوا 11 آخرين في نوفمبر، ودخلوا على جبل الدخان على خلفية اتهامات للسعودية بدعم الجيش اليمني باستعمال مواقع سعودية لشن هجماته، خاصة أن معاقل الحوثيين قريبة من الحدود السعودية، هذا الاستفزاز للمملكة أدّى إلى بدء القوات السعودية هجوماً جوياً عنيفاً على الحوثيين وأعلنت بعد ثلاثة أيام أنهم استعادوا السيطرة على جبل الدخان، وبعد معارك برية وجوية اضطرت الميليشيات الحوثية للاستسلام والعودة إلى مواقعها السابقة، بعد أن كلفوا أرواحهم وأموالهم الكثير من جرّاء مغامراتهم غير المحسوبة والمتعطشة للسلطة وغير المبالية لسفك الدماء.
السابعة.. ثأر نجران
مع انطلاقة عاصفة الحزم لردع الميليشيات الحوثية من الانقلاب على الحكومة الشرعية، وتركزها بشكل دقيق على الأهداف العسكرية، وإنهاء مهمتها بنجاح وبدء عملية “إعادة الأمل”، واصل الحوثيون مغامراتهم الصبيانية واستفزوا المملكة بضرب المدنيين والمدارس والمساجد في نجران وجازان بمدافع الهاون، وأعلنت المملكة بدء عملية الثأر لنجران، وأسقطت قوات التحالف منشورات على محافظة صعدة (شمالي اليمن)، دعت فيها جميع المدنيين للمغادرة قبيل عملية عسكرية تبدأ الساعة السابعة مساء أمس، ثم انطلقت في حملات عنيفة لدك مقر القيادة الحوثية في عقر دارها، والتي لم تتعلم من دروس الماضي ومن مغامراتها غير المحسوبة والتي كلفتها الكثير من الأموال والأرواح؛ لتؤكد لقارئ التاريخ الجيد العقلية الحوثية غير المتزنة التي تهرول تجاه استفزاز الاخرين؛ تنفيذاً لأجندة مذهبية وغير مبالية بحجم الدمار المهول الذي سيصيبها مالياً وبشرياً.