قال مسؤولون أمريكيون إن السعودية أخفت عن واشنطن بعض التفاصيل الرئيسية لعمليتها العسكرية “عاصفة الحزم” في اليمن حتى اللحظة الأخيرة؛ ما يعني أن المملكة باتت تستعد لدور إقليمي أقوى تكون فيه أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة في قضايا المنطقة.
وأضاف المسؤولون أن السعودية أبلغت الولايات المتحدة قبل أسابيع بأنها تدرس تحركًا في اليمن، لكنها لم تبلغ واشنطن بالتفاصيل المحددة إلا قبل بدء الضربات الجوية غير المسبوقة التي انطلقت الخميس ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران، حسب ما نقلته عنهم وكالة “رويترز” الجمعة.
وناقش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الوضع في اليمن خلال زيارة إلى الرياض في 5 مارس الجاري، ولكن مسؤولًا أمريكيًّا كبيرًا تحدث إلى “رويترز”، شرط عدم الكشف عن اسمه، قال إنه “لم يتضح ما إذا كانوا (السعوديون) اتخذوا أي قرارات بشأن عمل محتمل في ذلك الوقت”.
ورغم أن السعوديين تحدثوا مع كبار المسؤولين الأمريكيين أثناء التشاور بشأن هجوم جوي لدعم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فإن المسؤولين الأمريكيين أقروا بوجود فجوات في معرفتهم بخطط المملكة للمعركة وأهدافها.
وعندما سئل الجنرال ليود أوستين قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي، عن التوقيت الذي أبلغته فيه السعودية عزمها القيام بعمل عسكري في اليمن؛ قال أمام جلسة لمجلس الشيوخ يوم الخميس، إنه تحدث مع وزير الدفاع السعودي “قبل تحركهم مباشرةً”.
وأضاف أنه لا يستطيع تقييم احتمالات نجاح الحملة؛ لأنه لا يعرف “أهدافها المحددة”.
وسبق أن قال عادل الجبير سفير السعودية لدى الولايات المتحدة، الخميس، إن الرياض تشاورت عن كثب مع واشنطن بشأن اليمن، لكنها قررت في نهاية المطاف أن عليها التحرك سريعًا، بعد أن تقدم المتمردون الحوثيون صوب آخر معقل لهادي في مدينة عدن الجنوبية.
وقال الجبير لمجموعة من الصحفيين: “كانت المخاوف أنه إذا سقطت عدن فما الذي يمكن فعله؟! تمثلت المخاوف في أن الموقف خطير إلى الدرجة التي يتعين معها التحرك”.
وتشير الضربات الجوية للسعودية إلى طموح إلى الدفاع عن مصالحها الإقليمية مع عدم الاعتماد كثيرًا على المظلة الأمنية الأمريكية.
وكان لقرار أوباما في صيف 2013 بعدم التدخل عسكريًّا في سوريا، إضافة إلى إعلان واشنطن المفاجئ عن إجراء محادثات سرية مع إيران؛ أثره في زيادة قلق السعوديين من السياسات الأمريكية في المنطقة.
وتعد إيران حليفًا للحوثيين.
وفيما هوَّن المسؤولون الأمريكيون من نطاق العلاقة بين إيران والحوثيين في اليمن، قال الجبير إن أعضاء من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، يقدمون النصح للحوثيين على الأرض.
والتدخل السعودي في اليمن يمثل أحدث جبهة في صراع إقليمي متنامٍ على السلطة مع إيران التي تلعب أيضًا دورًا في سوريا؛ حيث تدعم حكم بشار الأسد، وفي العراق؛ حيث تدعم قوات الحشد الشعبي التي تؤدي دورًا كبيرًا في القتال، حسب “رويترز”.
وأرغم الصراع المتفاقم في اليمن، واشنطن على إجلاء كل القوات الخاصة الأمريكية من البلاد؛ ما يقوض بشكل أكبر الهجمات التي تشنها أمريكا بطائرات بلا طيار على جناح تنظيم القاعدة هناك.
ويقول البيت الأبيض إنه لن يشارك مباشرةً في العمليات العسكرية في اليمن، لكنه شكل خلية لتنسيق الدعم العسكري والمخابراتي للعملية.
إلا أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم يشاركون في تبادل المعلومات المخابراتية على أساس محدود حتى الآن.
وبالنسبة إلى منتقدي أوباما في الحزب الجمهوري المنافس لحزبه الديمقراطي، فإنه يتخلى عن دور الزعامة التقليدي للولايات المتحدة.
وينفي البيت الأبيض أنه فك ارتباطه بالمنطقة، ويقول إنه كان على اتصال وثيق بالسعوديين فيما يتعلق بخططهم في الأيام الماضية.