هي الحكومة الأولى منذ قيام الثورة السورية في 51/5/1102، ستحمل حمل السنين الماضية، بالإضافة إلى حمل ما دمره النظام.. تأتي هذه الحكومة في مرحلة أكبر من مفصلية في تاريخ الدولة السورية منذ تأسيسها عام 6491.
يترقب ما يقارب مليوني سوري، برنامج أول حكومة للثورة، في وقت يدب فيه اليأس في نفوس السوريين بإعادة إعمار بلادهم بعد عامين وأكثر من الدمار الممنهج.
«عكاظ» حاورت أول رئيس للحكومة الدكتور أحمد طعمة، ليقدم تصوره عن حكومته ذات الـ31 وزيرا، إذ يتناول الحديث كل ما يتعلق بمهام الحكومة ومقرها وآلية عملها.
وكشف الدكتور طعمة، عن أولويات عمل الحكومة، مشيرا إلى أن الجانب الأمني يأتي في مقدمة الاهتمامات، تليه قضايا الإعمار والصحة والإغاثة والتعليم. ولفت إلى أن هذه الحكومة ستقوم بمشاريع قصيرة المدى، على اعتبار أنها حكومة مؤقتة، تمهيدا للمرحلة الانتقالية ومن ثم الدائمة.. فإلى تفاصيل الحوار:
• أنت الآن أول رئيس لحكومة الثورة.. السوريون والعالم كله يترقب برنامج عملك أمام بلد شبه مدمر بالكامل.. ماذا ستقدم للسوريين؟
– لقد قدمت برنامجي للهيئة العامة للائتلاف ويرتكز على احتياجات المواطن السوري في المناطق التي يمكن للحكومة أن تعمل فيها، وتلبية الحاجات الآنية، ونحن نريد من خلال هذه الحكومة التأسيس للمرحلة الانتقالية ومن ثم الحكومة الدائمة، أما عمل الحكومة فيرتكز على ثلاث نقاط:
أولا: تحقيق الأمن والاستقرار، فالمواطن السوري فقد الأمن والاستقرار خلال أكثر من سنتين من العدوان والقتل والتدمير وهو الأولوية بالنسبة لي في مشروع الحكومة.
ثانيا: أن نسهل حياة المواطن السوري في المناطق المحررة وحتى المناطق التي يسيطر عليها النظام والهدف تقديم كل احتياجات المواطن وخصوصا الصحة والإغاثة، ومساعدته على متابعة حياته كما كانت في السابق.
ثالثا: الاهتمام بقضايا التعليم والأمن والصحة.
سياسات اقتصادية قصيرة المدى
• ماذا دار من نقاشات مع الهيئة العامة خلال تقديم برنامج عملك؟
– حقيقة.. كانت الانطباعات إيجابية لدى الهيئة العامة، ذلك أن المشروع ركز على احتياجات الناس، وتضمن مشروعا مهما يمكن تطبيقه في المستقبل القريب، فيما يتعلق بعمل الوزارات مستقبلا والتنسيق مع رئاسة الأركان لتأسيس الجيش الوطني الذي سيعمل بدوره على حماية الحكومة.
وكان ضمن البرنامج توجه الحكومة في المجال الصحي والتعليمي ووزارة الداخلية وعملية ضبط المعابر لترشيد المساعدات الدولية، وستسعى إلى سياسات اقتصادية قصيرة الأجل بحكم طبيعة عمل الحكومة المؤقتة.
• كم هو عدد الوزارات التي سيتم تشكيلها؟
– الاتجاه الآن نحو تشكيل 13 وزارة، ولعل من أبرزها العدل والداخلية والخارجية، والدفاع والإدارة المحلية والتعليم والبنى التحتية والتعليم، بالإضافة إلى وجود ست هيئات، من أبرزها هيئة الرقابة المالية والتفتيش وتقييم الأداء الحكومي، وهذا له دور في إقناع الشعب في أداء الحكومة وستكون مقنعة للمجتمع الدولي بأن هذه الحكومة ستكون جادة في ضبط الموارد المالية، ونحن نريد في النهاية تجسيد الحكم الرشيد، بالإضافة إلى هيئة أبناء الشهداء والمسجونين، والشؤون الدينية التي ستواصل مع قادة الكتائب لتحقيق تطلعات الشعب السوري، لنزع الشرعية الدينية عن النظام مدعوم من بعض رجال الدين، وهذه الهيئات مرتبطة برئيس الحكومة.
• هل من مرشحين للحقائب الوزارية؟
– حتى الآن نحن في العموميات ولم يتم التطرق للأسماء، أما المعايير الموجودة لتولي الحقائب الوزارية، فإننا لم نستعبد أي طرف والخروج من حالة الاستقطاب، ونريد مشاركة الجميع من كل السوريين، ولن تكون الحكومة فقط لطرف أو تيار، ونحن بحاجة إلى كل الخبرات السورية، وهي حكومة بيروقراطية وتكنوقراط وسياسية.
• وماذا عن مقر الحكومة؟
– كل الجهود تتركز على أن يكون مقر الحكومة في المناطق المحررة بحكم العامل الأمني، لكن سيكون هناك مقر ثابت للحكومة في غازي عينتاب التركية.
• كيف تكون الحكومة في غازي عينتاب والشعب السوري يواجه الويلات في الداخل.. أليس الأجدر بكم أن تكونوا إلى جانبه؟
– هذا أمر تفرضه الظروف الأمنية، لكن المكان الأساسي سيكون في حلب، ونحن يجب أن نكون واقعيين في هذا الأمر.
• وهل ناقشتم مسألة الاعتراف الدولي؟
– المجتمع الدولي اعترف بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري، وهناك 113 دولة اعترفت به، والحكومة بطبيعة الحال منبثقة عن الائتلاف، وبالتالي ما ينطبق على الائتلاف بطبيعة الحال ينطبق على الحكومة المؤقتة.
• لكن هذا اعتراف سياسي وليس قانونيا دوليا.. وهناك فرق بين المفهومين.
– هذا صحيح.. ولكن بقيام الحكومة المؤقتة سنعمل على التوافق مع دول أصدقاء الشعب السوري على تمثيل مصالح السوريين في الخارج، وخصوصا مسألة إصدار الجوازات وتلبية احتياجات المواطن السوري في الخارج.
• هل ستكون هيئة الأركان بمثابة وزارة الدفاع في الحكومة؟
– نحن نعمل بالتنسيق مع هيئة الأركان، وطرحت في مشروعي فكرة التنسيق بين الأركان ووزير الدفاع في القضايا العسكرية.
وزير دفاع مدني وليس عسكريا
• كيف سيتم حل مسألة الرتب العسكرية، فوزير دفاع في سوريا هو «فريق أول» وأكبر رتبة منشقة هي «لواء»؟
– من السابق لأوانه طرح مثل هذه الأسئلة، فنحن نسعى لأن يكون وزير الدفاع شخصية مدنية من أجل ترسيخ الدولة الديمقراطية، ومن ضمن مشروع الحكومة فكرة مأسسة الديمقراطية لترسيخ مبادئ الحريات العامة وسيادة القانون.
• ماذا بالنسبة للمجموعات المتطرفة على الأرض السورية، كيف ستتعامل الحكومة مع هذه الجماعات وضبط السلاح المنتشر في كل مكان، وخصوصا «جبهة النصرة» وما يسمى «دولة الشام والعراق»؟
– بداية المجتمع الدولي وتردده في التدخل لحسم الأزمة ساهم في انتشار هذه المجموعات، والأصل في طبيعة الشعب السوري الاعتدال، والأصل في الحكومة أن تكون علاقتنا جيدة مع كافة أطياف الشعب السوري، والتعامل مع هذه الجماعات سيكون في حينه.
• ما هو موقفك من المتطرفين؟
– نرفض رفضا تاما الإكراه وأن يتم فرض الأفكار على الشعب السوري، نحن نسعى لإقامة دولة ديمقراطية على أساس المواطنة يتساوى فيها كل أبناء الشعب السوري.
• من أكثر الاعتراضات على رئاستك للحكومة أنك تفتقر للخبرة العملية، ألا تعتقد أن المرحلة المقبلة تتطلب رئيس حكومة أكثر خبرة من أجل تمكين الشعب السوري من الحصول على احتياجاته؟
– هذا كلام صحيح من الناحية النظرية، وهي في الظاهر حجة منطقية، لكن هذا المنصب منصب سياسي ومن يتولاه يجب أن يتمتع بخصال محددة منها، المرونة والتفكير بمستقبل سوريا وأن يكون متوافقا عليه من فئات المجتمع السوري، ومن أهم النقاط التي تجتمع على شخصي أنني شخص توافقي في الائتلاف، ولا أقول كل فئات شعب السوري وإنما معظمها، وأتوقع أنني شخص مقبول من إسلاميين وليبراليين، وهناك نقطة جوهرية أن مصلحتنا الأساسية في سوريا هي الديمقراطية، ولا تستهن بالخبرات التي اكتسبتها في السجن، فأنا سجين سياسي سابق، وبكل الأحوال هناك فريق من الاستشاريين يعملون على تقويم عمل الحكومة، وما خاب من استشار.
• ما هي الدولة الأولى في زياراتك الخارجية؟
– ستكون المملكة العربية السعودية أولى محطاتي الخارجية، وهذا أمر طبيعي بالنسبة للحكومة وكذلك الشعب السوري، إذ إن المملكة كانت من أوائل الدول الداعمة للشعب السوري، ووقفت طوال الفترة الماضية إلى جانبه وخصوصا على المستوى الإغاثي. كما سنقوم بزيارات متعددة لكل الدول التي ساندت الشعب السوري.
• تعيش سوريا حالة من النهب لثرواتها، على سبيل المثال صدرت جبهة النصرة ما قيمته سبعة مليارات ليرة إلى خارج سوريا من القطن، كيف يمكنك ضبط هذه الثروات من الزراعة إلى النفط وحتى الآثار؟
– نحن همنا الأول في الحكومة المؤقتة توفير الأمن للمواطن ومساعدته على العودة إلى الحياة الطبيعية، وهذا جوهر عمل الحكومة، ونحن متفائلون بالنجاح ونعتقد أن الشعب السوري يملك مقومات بناء الدولة الجديدة، ولدينا خطط نسعى لأن تكون نافذة على الأرض، الحكومة أيضا يجب أن تكون مخلصة لجذب أبناء الشعب سوري، قد لا ننجح ولكن علينا أن نبذل كل جهد.
• من أهم شروط قيام الحكومة كان مسألة التمويل والتزام أصدقاء الشعب السوري بمتطلبات الحكومة المادية، ونحن أمام حكومة مؤقتة، هل حصلتم على الالتزام بالتمويل؟ وألا تعتقد أن هذا المال هو مال سياسي؟
– بالعكس لا أتفق مع مقولة المال السياسي في الحالة السورية، وعلى سبيل المثال دول الخليج تقدم الدعم المفتوح للشعب سوري، والمملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي لم تشترط علينا في دعمها، وحتى الآن لم نر شيئا مما تتحدث عنه، ودعني أقول إن الدعم المالي ليس مسألة مستمرة وإنما محدودة فقط في مرحلة الإقلاع، لكن في المراحل اللاحقة ستعتمد الحكومة على ذاتها.
قرارات الحكومة غير مرتبطة بالائتلاف.. ولكن
• من الناحية الهيكلية، هل قرارات الحكومة ذاتية أم مرتبطة برئاسة الائتلاف؟
– في القضايا التنفيذية على الأرض، ستكون الأمور عائدة لرئاسة الحكومة، أما فيما يتعلق بالقضايا الخارجية، فالحكومة تنفذ سياسة الائتلاف ولا تصنعها، وهذا من أبرز التفاهمات مع رئاسة الائتلاف.
• جوار سوريا يتأرجح بين مؤيد ومعارض للثورة السورية، كيف ستكون علاقة الحكومة مع العراق ولبنان، خصوصا فيما يتعلق بالتعاملات التجارية؟
– الشعب اللبناني مكره في سياسة حزب الله الذي يقاتل أبناء شعب السوري، لكن هناك طيفا واسعا من اللبنانيين يتفاهمون ويؤيدون الثورة، أما بالنسبة للعراق، فيؤسفني هذا الموقف، خصوصا وأنهم جربوا ويلات الديكتاتورية فيما سبق، ورغم ذلك يدعمون نظام الأسد الديكتاتوري، وللأسف العراق بات مرتهنا لإيران وليس له سياسة مستقلة.
سنذهب حيث تقتضي مصلحة السوريين
• هل ستتعامل مع نوري المالكي؟
– إذا كانت مصلحة السوريين تقتضي التواصل مع من يتبنى موقفا معتدلا من الثورة فليكن ذلك، أما من يعادي ثورة، فلن نتواصل معه.
• لماذا تأخر الحسم في الثورة السورية؟
– موقع وأهمية سوريا، والدعم الهائل الذي تلقاه من روسيا والصين وإيران، ثبت أركانه التي ارتعدت في بداية الانتفاضة الشعبية المدنية السلمية، والسر الحقيقي في الدعم الإيراني هو الخوف من ربيع إيراني وكذلك الصين وروسيا، الا تذكر ما قالته شيرين عبادي إن أكثر شعب في العالم ينتظر نتائج الثورة السورية هو الشعب الإيراني والنظام في طهران يريد أن يقول لشعبه إذا فكرتم في انتفاضة وربيع جديد فسوريا أمامكم.
• ألا ترى أن هناك توافقا دوليا حول عدم إسقاط النظام في هذه الفترة؟
– مع الأسف المجتمع الدولي متردد في اسقاط نظام الأسد، ونحن بالرغم من أننا نسعى لحل سياسي للأزمة السورية الا أننا في الوقت ذاته لن نقبل أن يكون للأسد ونظامه دورا في المرحلة الإنتقالية.
• ما هو موقعكم من مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية، هل أنت مع تفكيكها أم بقائها؟
– بالنسبة للجيش فالرأي العام لدى المعارضة هو إعادة الهيكلة، بحيث تتغير عقيدة هذا الجيش وأهدافه وإعادة التوازن إليه، وليس التدخل في السياسة، أما الأجهزة الأمنية فالمشكلة مع هذه الأجهزة نشأت في سوريا منذ خمسين عاما، والتي أوصلتنا إلى هذا المستوى من الخوف والقمع.