– “المالية” دفعت 173 مليون ريال على مدار العام تكاليف إسكان الضيوف في الفنادق مع الهدايا فقط.
– بعض الوزارات تستضيف أعضاء الوفود لأداء العمرة على حساب الدولة بسيارة مع سائق طوال اليوم.
– الدول الأخرى تقنن مصاريفها بهداياها بـ”فلاش ميموري” ونحن “نشرّه” هدايانا الكريستال والمجسمات المذهبة والحقائب والأقلام الغالية.
– “نثريات” الاستضافات الحكومية تكلف الدولة مبالغ طائلة ولا بد من متابعة “نزاهة” وديوان المراقبة العامة لمساراتها وكشف خفاياها.
– الأجدى صرف الملايين في تنمية وتطوير الخدمات وتسريع المشاريع الحكومية بدلاً من بعثرتها في مناسبات “العلاقات العامة” والملتقيات المكررة التي لا فائدة منها.
على الرغم من الأمر الملكي الموجه للقطاعات الحكومية بالحد من المبالغة في المصروفات عند استضافة المناسبات، والمؤتمرات، والندوات، والملتقيات داخل السعودية، وتوفير ما تخسره الدولة من ملايين الريالات سنوياً على مثل هذه المناسبات المكررة. كشف تقرير لوزارة المالية، نُشر أخيراً، أن قيمة الحفلات والضيافات الحكومية بلغت 124 مليون ريال، وأن “المالية” دفعت على مدار العام نفقات الاستضافة في موسم الحج شاملة تكاليف وإسكان الضيوف في الفنادق مع الهدايا بقيمة 173 مليون ريال. وورد في التقرير أن الضيافة النقدية “الشرهات” المخصصة لأمراء المناطق، والمحافظين، ورؤساء المراكز إضافة إلى “حفلات” الاستقبال في مكاتب الوزراء، ورؤساء المصالح المستقلة بلغت 91 مليون ريال، مع التوضيح أن هذه المبالغ “الشرهات” تُصرف فقط إن لم تقدم الضيافة طهياً أو في صور إعاشة للموظفين.
وأثار هذا الهدر المالي الكبير العديد من التساؤلات عن دور الجهات الرقابية في الحد من استمرار هذه التقاليد الحكومية “العريقة”، ومراقبة الصرف المُبالغ فيه الذي لم يتغير على مدار عقود مضت رغم تغير الوزراء والمسؤولين؛ فلا تزال مبالغة بعض الجهات الحكومية في سخائها على حفلات الضيافة، والإسكان، والهدايا، واستقبال ضيوف المناسبات، والملتقيات، والمؤتمرات، وهي مصاريف تتضخم تكاليفها “المعتادة” بشكل غير منطقي كان أجدى صرفها على تنمية وتطوير الخدمات، وتحسين وتسريع المشاريع بدلاً من بعثرتها بهذا الشكل في مناسبات “العلاقات العامة”، والملتقيات المكررة التي لا فائدة تذكر من أغلبها.
وتتضح مبالغة وزاراتنا، وجامعاتنا، وقطاعاتنا الحكومية في مصروفاتها على المناسبات التي تستضيفها من خلال تقديم الدروع التذكارية الثمينة، وهدايا الكريستال، والمجسمات المذهبة، والحقائب، والأقلام الغالية لرؤساء وأعضاء الوفود المشاركة، وقطع الذهب والألماس إن كان هناك سيدات مشاركات ضمن الوفود، والمبالغة في إسكانهم في أفخم الفنادق، مع توفير سيارة فخمة مع سائق لكل رئيس وفد، وأحياناً لكل ضيف مشارك، حتى إنها -أي القطاعات الحكومية- تتكفّل بزيارة أعضاء الوفود المسلمين لمكة المكرمة، والمدينة المنورة، واستضافتهم على حساب الدولة لأداء العمرة، واستئجار قاعات الفنادق الكبيرة؛ لإقامة مناسبات علمية وإعلامية لالتقاط “الفلاشات” فقط، في حين لا يحضرها إلا قلة قليلة من المهتمين، مع التعاقد مع محلات الورود لتوفير باقات الزهور بآلاف الريالات يومياً لتزيين القاعات، والتعاقد مع المطاعم المشهورة لتقديم البوفيهات المفتوحة طوال أيام إقامة المناسبة شاملة وجبتي الغداء والعشاء لكل الضيوف؛ في حين أن الدول الأخرى حين تستضيف مثل هذه المناسبات تقنّن مصاريفها بدقة، وتنظم ملتقياتها حسب إمكاناتها المالية، وإن قدمت لضيوفها هدايا تذكارية فتكون بسيطة كـ”فلاش ميموري” يحتوي معلومات عن الجهة أو الملتقى أو قلم أو كأس للقهوة أو “تي شيرت” بشعار الجهة.
وفي ظل هذه المبالغة المستمرة في الصرف على المناسبات التي تستضيفها القطاعات الحكومية -كما يوضح تقرير وزارة المالية- أصبح من المهم تفعيل الأمر الملكي على جميع الجهات الحكومية، والحرص على عدم المبالغة، وتقنين الصرف على الملتقيات، والمؤتمرات الدولية التي تستضيفها الأجهزة الحكومية وفق أوجه الصرف المحددة نظاماً؛ أسوةً بما تقوم به الدول الأخرى. فالمصروفات الحكومية أو ما يُسمى “النثريات” لا تزال تكلّف الدولة سنوياً مبالغ طائلة تتطلب من الجهات المسؤولة كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة”، وديوان المراقبة العامة، وغيرها من الجهات المعنية متابعتها ومراقبتها؛ لمعرفة أين تصرف ملايين الريالات؟ والحرص على التزام جميع الجهات، والهيئات، والمصالح الحكومية بالضوابط المالية، بعيداً عن الإسراف والمبالغة “المعتادة”.