المتابع لواقع المرأة الاجتماعي يجد العديد من مظاهر التغريب المتعددة، التي تتفاوت في نسبتها بين امرأة وأخرى.. وبيئة وأخرى.
هذا الزحف التغريبي الملحوظ في صفوف النساء المسلمات يزداد كل يوم عن اليوم الذي قبله، والسبب المباشر في هذا يعود لوسائل الإعلام، ويأتي في مقدمتها: الفضائيات العربية، التي تحتضن وتبث المادة الغربية باحتراف وتعمد على مدار الساعة، مستهدفة في ذلك كل شرائح المجتمع، بمن فيهم المرأة.
ولا شك أن المرأة جزء مؤثر ويتأثر في المجتمع، والإعلام بات ضرورة ملحة، لا تستطيع المرأة أن تكون في منأى عنه متابعة أو مساهمة، خاصة الإعلام الجديد!
لكن الأهم من ذلك هو: هل هذا الأثر والتأثير سلبي أم إيجابي؟
الواقع يقول إن محصلة التأثير السلبي أخذت مساحة كبيرة في صفوف النساء، مع إيماننا بدور الإعلام الإيجابي وبصماته الملموسة على المرأة المحافظة.
وهذا الأثر السلبي التغريبي الذي تركه الإعلام المعاصر متعدد الاتجاهات حسب الآتي:
منه ما يتعلق بعلاقة المرأة بزوجها، وتصوير الطاعة نوعاً من التخلف والانقياد، بل لا بد أن تكون نداً عنيداً غير خاضعة لأي قانون شرعي أو عرفي في علاقتها بالزوج.
ومنه ما يتعلق بعلاقة المرأة بالأطفال والإهمال المتزايد وإيعاز أمر الأبناء إلى الخادمات، والمفاخرة بذلك.
كذلك علاقة الفتاة بقيّمها؛ إذ يستمرئ الإعلام التغريبي علاقة المرأة بالرجل في غير إطارها الشرعي، ويشجعها على التمرد على المجتمع عبر المسلسلات المكثفة التي تمتد لحلقات طويلة.
وتصوّر الفتاة في وسائل الإعلام بأنها لا بد أن تكون خليلة وعشيقة ومتمردة على كل التعاليم دينية وعرفية، ومع تعدد وسائل التقنية الحديثة يُشهد ببعض التجاوزات المستغربة على مجتمعنا المسلم بسبب الإعلام التغريبي.
كما يبرز الدور التغريبي للإعلام تجاه المرأة عبر:
ـ استنهاض همة المرأة في الدفاع عن حقوقها بطرق لا تمتّ للشرع بصلة، وفي الغالب تكون ليست حقوقاً حقيقية وماسة، وإنما تبرز فيها روح التقليد الغربي وتهميش القضايا الحقيقية التي تحتاج إليها المرأة، كقضايا الفقر، والعنوسة، ومشاكل المعنفات.
ـ تسليط الضوء على القضايا الشاذة ونادرة الحدوث وتضخيمها لتصوير أن المرأة في المجتمع المحافظ لديها مشكلة حقيقية.
ـ تصوير الكمال العام في المجتمع الغربي، وبث برامجه وترجمتها لمحاولة التأثير على المرأة المسلمة.
ـ أصبح تأثير التغريب على النساء المسلمات جلياً من الناحية الفكرية والتطبيقية.
وغيرها من مظاهر باتت ملموسة ولا تخفى على كثيرين؛ ما يوجب - وخصوصاً مع مظاهر تعددها - مقابلتها بجهود مضادة، أجملها فيما يأتي:
ـ ضرورة تكثيف التأصيل الديني العميق في المدارس والجامعات؛ لأنه الحصن الحصين من الشبه ودعوات التغريب التي تعج بها وسائل الإعلام، ومنها الفضائيات العربية.
ـ انتشار التوعية الواسعة بالتغريب وأبعاده وآثاره، عبر وسائل الإعلام، وحبذا استغلال وسائل الإعلام التغريبية ذاتها، ليس إقراراً لفعلها ولكن محاجّة لضيوفها عبر البرامج الحوارية، مع ضمانة عدم تهميش رأي المشارك.
ـ إعداد اللقاءات النسائية المتعددة للتوعية بالتغريب عبر المؤسسات والجامعات.
ـ الحرص على صناعة جيل نسائي مثقف من الصغيرات، والعمل على متابعتهن وتشجيعهن.