كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – التي وجهها للعالم في الخامس في شوال الماضي من العام الهجري الذي ودعناه أمس ذات أثر قوي؛ حرّك قوى كبرى؛ لتواجه خطراً كبيراً يتربص بالعالم؛ إذ إن ذلك الخطر فاض عن مستواه، وكبر ليهدد العالم؛ ووجب التصدي له.
وفي ظل الصمت الكبير للعالم، فقد حملت كلمة خادم الحرمين في مضامينها وصورها التحذير من أن يدق ناقوس خطر الإرهاب في العالم، وكذلك لومه المجتمع الدولي تجاه تراخيه المستمر وصمته أمام العربدة الإسرائيلية لقتل الفلسطينيين، وكذلك تعبيره عن ألمه حيال التقاعس العالمي عن إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه يحذّر قادة وعلماء الدول الإسلامية من مخاطر اختطاف دينهم.
خادم الحرمين الشريفين – كما عرفه زعماء العالم – لا يتحدث كل يوم؛ لذلك عندما يتحدث يعلم الجميع أن الخطر اقترب إلى ما لا يمكن السكوت عنه، فقد وقعت كلمته في النفوس، وتحركت المياه الراكدة، التي صمتت عن محاربة ومواجهة المتآمرين مع وحش الإرهاب داعش.
كلمة خادم الحرمين عبَّرت لتدرك ما يلحق بقطاع غزة وسط صمت المجتمع الدولي الذي يندد بالحقوق والإنسانية، والتصدي للمجازر، فكلتا الحالتين (داعش ومجازر غزة) يلتف حولهما صمت المجتمع الدولي الذي ينادي بالسلام ولا يحافظ عليه.
تلك الكلمة لم يسبق لزعيم في العالم أن قال مثلها بصدق خطابها، وجرأة توجيهها، فقد أدرك خادم الحرمين من واجبه الديني والإنساني والسياسي تلك الأحداث التي بقي غيره يلتزم الصمت، وينتظر أن يصيبه نار تلك الفئات التي اتخذت من أفكارها الضالة منهجاً، ومن القتل والسفك وترويع الآمنين طريقا للانتشار والتوسع في مخططاتهم.
تضمنت كلمته الحزن على وقوع أبناء العالم العربي والإسلامي من المغرر بهم ضحية لهذا المخطط الأجنبي المشبوه، فيصبحون بلا وعي وأدوات لتنفيذ هذا المخطط، وهم مجرد حلقة فيه، ولا يعرفون أهدافه؛ فمنهم من ينفذ بغباء، ومنهم من يهلل ويشجع، ولا يدري أنه يشارك في هدم بيته ومنجزاته.
وقد ظهر للعالم أن إرهاب الشام “داعش” والجماعات الإرهابية المختلفة والمجازر التي تحدث في غزة تسير بغير وضوح لمن لا يعلم ومن لا يعرف ومن يأخذ الأمور بظواهرها، ولكن من يقرأ كلمات خادم الحرمين الشريفين يعرف أن السعودية بمكانتها الدينية والسياسية، وبحفاظها على الأرواح واستقرار العالم، وبلغتها الدبلوماسية، تدرك الربط بين ما يبدو متناقضاً، وتحذر من المخاطر غير المحسوبة لمخططات رعناء، تهدف إلى جعل الفوضى في المنطقة أسلوب حياة.
ولعل ما دعا المحللين للتوقف عند كلمة خادم الحرمين الشريفين تلك الشفرة الرئيسية ذات المضامين العميقة والصور القوية، التي أتت في قوله “واليوم نقول لكل الذين تخاذلوا أو يتخاذلون عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد، وكأنهم بذلك لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، التي لم يسلم منها أحد. اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد”. فظهر الرابط الحقيقي بين إرهاب «داعش» في العراق وإرهاب إسرائيل في غزة.
وبذلك تكون كلمة خادم الحرمين الشريفين رسالة واضحة رغم لغتها الدبلوماسية، وبعد فك شفراتها تصبح واضحة كالشمس لمن يعنيهم الأمر.
كلمة دحضت شعارات ومزايدات رخيصة عدة، تحاول النيل والتشكيك في مواقف السعودية من القضية الفلسطينية ومن الحرب على الإرهاب، وتقطع الطريق على هؤلاء المأزومين المنافقين الذين يخدمون أجندات تعنيهم هم وحدهم فقط!