تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لفرنسا مطلع سبتمبر، لتعبّر عن دعم التقارب بين البلدين في وجهات النظر بعددٍ من القضايا المهمة التي تهم الرأي العام في العالم، وفي منطقة العالم العربي والشرق الأوسط على وجه الخصوص.
ويبحث سمو ولي العهد خلال الزيارة عدداً من هذه القضايا؛ تأتي في مقدمتها: حسم صفقة سلاح الجيش اللبناني، والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، والأوضاع في العراق، والملف السوري، وقطاع غزة.
صفقة تسليح الجيش اللبناني
تتسم قضية إنهاء العقد “الفرنسي – السعودي” لدعم الجيش اللبناني بأهمية خاصّة، حيث يسعى سمو ولي العهد للوصول إلى حسم الأمر بتسريع تسليم جيش لبنان الأسلحة الفرنسية، بعد أن موّلت المملكة شراءها من أجل مساعدته على مواجهة الجماعات المتطرفة التي تهدّد أمن لبنان، ضمن هبة بلغت قيمتها 3 مليارات دولار أمريكي أعلنتها السعودية في شهر ديسمبر من عام 2013.
زيارة هولاند ومتانة العلاقات بين البلدين
جاءت زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، للمملكة في ديسمبر من العام الماضي لتترجم مدى قوة ومتانة العلاقات بين فرنسا والسعودية.
وأشاد خلالها الرئيس الفرنسي، بحكمة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ورؤيته وحرصه على التوصل لحلول لجميع الأزمات المطروحة على الساحة، منها الوضع المتأزم في سوريا ولبنان.
فبعد مباحثاته مع الملك عبد الله، قال في مؤتمر صحفي على هامش الزيارة: “إن زيارته للمملكة تشمل مناقشة الملفات السياسية، إضافة إلى الشأن الاقتصادي”، وتابع “لدينا شراكة عسكرية وتعاون مشترك دائم مع السعودية”، مشيراً إلى أن التعاون في المجال الدفاعي مع السعودية هدفه استقرار المنطقة بأكملها وليس موجهاً ضد أحد”.
وأكّد هولاند حينها أن المملكة هي البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين التي ترسم السياسات الاقتصادية العالمية، لدورها كأكبر منتج للنفط في العالم، وجهودها في الحفاظ على أسعار عادلة للنفط تحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين البالغ ثمانية مليارات يورو، قائلاً “رقم كبير ونأمل في أن تشهد المبادلات التجارية نمواً أوسع، خصوصاً أن لدى المملكة برنامجاً كبيراً لتطوير البنى التحتية يستجيب لحاجات المواطنين وللاقتصاد السعودي”.
هولاند يسير على خُطى شيراك
اهتم الإعلام الفرنسي بشكل كبير بزيارة هولاند للسعودية وحرصه على تعزيز العلاقات الثنائية، فوصفتها بعض الصحف هناك بأنها تأتي تفادياً لأخطاء حكومة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي التي انتهجت إستراتيجية مخالفة في منطقة الخليج، بينما كان الرئيس الذي سبقه جاك شيراك، حليفاً قوياً للمملكة في المنطقة لسنوات طويلة.
مصافحات تاريخية
كانت فرنسا من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع المملكة، فافتتحت مفوضية لها بالسعودية، إضافة إلى أنها ضمن الدول التسع الأولى التي أقامت سفارات لها بالخارج في عهد الملك عبد العزيز في أوائل الثلاثينيات الميلادية.
وتتميز العلاقات بين “السعودية وفرنسا” بطابع استراتيجي تاريخي تعود إلى عشرات العقود، وهي علاقات نشطت بشكل أكبر في عام 1967 عند أول زيارة للملك فيصل بن عبد العزيز لباريس في فترة حكم شارل ديجول.
كما زار الملك فيصل – رحمه الله – فرنسا في عهد الرئيس جورج بومبيدو عام 1973.
وزار الملك خالد – رحمه الله – باريس مرتين كانت الأولى عام 1978 ميلادية والثانية في سنة 1981.
الملك فهد – رحمه الله – يوطد العلاقات مع باريس
أما جلالة الملك فهد – رحمه الله – فزارها عندما كان ولياً للعهد 4 مرات، بينما عام 1984 قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة رسمية إلى هناك.
وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن العزيز مع الرئيس شيراك خلال لقائهما التاريخي بجدة في عام 1996 أسس جديدة للتعاون بين البلدين تركزت حول التعاون الاقتصادي والتجاري وسبل الارتقاء به إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.
الأمير سلطان – رحمه الله- والدولة الصديقة
سعى سمو الأمير سلطان خلال زياراته المتعددة إلى فرنسا، إلى فتح آفاق جديدة في العلاقات مع فرنسا، وخاصة في المجال الاقتصادي، وبهذا عمد سموه ألا تقتصر هذه العلاقات في المجال الدفاعي، عن طريق جذب الاستثمارات الفرنسية إلى السعودية وإقامة مشاريع مشتركة.
وشهد عام 1983 لقاء بين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، في باريس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، ثم اجتمع سموه فيها مع وزير الدفاع الفرنسي سارلهيرنو حينها، ليبحثا العلاقات الثنائية وبعض القضايا التي تهم البلدين.
وفي عام 1986 وصل الأمير سلطان إلى باريس في زيارة أخرى، وبحث مع ميتران التطورات كافة سواء في الشرق الأوسط أو العلاقات الثنائية ليلتقي سمو الأمير خلال زيارته بوزير الدفاع الفرنسي آنذاك بول كيليس، وبحثا معا سبل التعاون العسكري بين المملكة وفرنسا.
وأكد الأمير سلطان أن الهدف من الزيارة التنسيق مع حكومة فرنسا في مجال التعاون العسكري، قائلاً إن “شراء السلاح بالنسبة للمملكة يعتمد على التخطيط ونحن نقوّم احتياجاتنا ونعرضها على الدول الصديقة”، ثم تكررت الزيارة عام 1990.
وشهد عام 1997 زيارة للأمير سلطان كانت لها أهمية كبرى، لتأكيدها على دعم العلاقات الثنائية، ونجحت في الاتفاق على دعم الشراكة من جانب، كما نجحت في توافق الآراء حول القضايا السياسية العربية والإسلامية والعالمية، كما تكررت الزيارة في عام 1999.
شيراك يقدم التعازي في وفاة الملك فهد
أما الرئيس الفرنسي جاك شيراك، فذهب إلى السعودية على رأس وفد كبير لتقديم التعازي في وفاة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز “رحمه الله”.
زيارات خادم الحرمين الملك عبد الله لفرنسا
أما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فزار فرنسا مرات متعددة رسمية عندما كان ولياً للعهد، الأولى كانت عام 1981 والثانية في 1985 ثم في عام 1998، وأخرى في عهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، تميزت جميعها ببحث سبل التعاون بين البلدين في المجالات كافة.
الأمير متعب يلتقي وزير الدفاع الفرنسي
وكان الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، وزير الحرس الوطني، قد بحث في يونيو الماضي، مع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وأوجه التعاون بين وزارة الحرس الوطني والدفاع الفرنسية في مجال التسليح والتدريب العسكري.
معاهدة وتعاون عسكري
وتجمع البلدين معاهدة عسكرية تعود إلى عام 1982، هذا إضافة لتعاون باريس في تدريب الضباط السعوديين، وإجراء التدريبات المشتركة بين كل قطاعات في القوات المسلحة للجيشين خاصة في القوات البحرية، والدفاع الجوي.