نفى الرئيس السوري بشار الأسد أنه مسؤول عن هجوم بالأسلحة الكيماوية على المدنيين السوريين في حين واصل البيت الأبيض جهوده الصعبة لإقناع الكونجرس بالموافقة على شن ضربة عسكرية لمعاقبة الأسد.
وتواجه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تصويتا يمثل اختبارا حاسما يوم الأربعاء في مجلس الشيوخ فيما شارك كبير موظفي البيت الأبيض دينيس مكدونو في خمسة برامج حوارية للدفاع عن مشروع قرار التفويض بتنفيذ ضربة محدودة في سوريا.
وفي باريس لم يستبعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تبني اقتراح فرنسا بالرجوع إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على تفويض بضربة عسكرية محتملة فور استكمال محققي الأمم المتحدة تقريرهم بخصوص الهجوم الذي وقع يوم 21 أغسطس آب قرب دمشق وأودى بحياة ما يزيد على 1400 شخص.
وكانت روسيا والصين العضوتان الدائمتان في مجلس الأمن اللتان تمتلكان حق النقض (فيتو) عرقلتا جهودا سابقة لمعاقبة الحكومة السورية. وترى الولايات المتحدة وفرنسا أن الأسد مسؤول عن الهجوم ويجب ردعه عن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى.
وذكرت شبكة سي.بي.إس الأحد إن الأسد نفى تورطه في الهجوم وقال إنه إذا كان لدى الولايات المتحدة دليل فعليها تقديمه.
وقالت المحطة إن الأسد قال في مقابلة أجريت في دمشق “لا يوجد دليل على أنني استخدم الاسلحة الكيماوية ضد شعبي.” وقدمت سي.بي.اس موجزا للمقابلة لم يحتو على أي تسجيلات صوتية أو مصورة للأسد.
ونقلت سي.بي.اس عن الأسد قوله إنه يخشى أن يتسبب الهجوم في تقويض الجيش السوري ويخل بميزان القوى في الحرب الأهلية المستمرة منذ سنتين ونصف السنة.
وأضافت الشبكة أن الأسد حذر أيضا من رد انتقامي من جانب المتحالفين مع سوريا في حال نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية.
وفي لندن رد كيري الرئيس السوري بقوله “الدليل يتحدث عن نفسه”.
ويواجه أوباما مهمة صعبة في إقناع أعضاء الكونجرس الأمريكي العائدين من عطلة صيفية للتصويت على العمل العسكري. وفي أثناء العطلة عبر ناخبوهم عن معارضتهم القوية للعمل العسكري خشية أن يجر البلد إلى صراع آخر مكلف وأوسع نطاقا في الشرق الأوسط.
وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الأمريكيين يعارضون تنفيذ ضربة عسكرية. وكشف استطلاع أجرته رويترز/ابسوس مؤخرا أن 56 بالمئة من الأمريكيين يرون أن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في سوريا بينما أيد 19 بالمئة الإجراء العسكري.
وقاد مكدونو جهود الضغط التي بذلتها الإدارة الأمريكية اليوم الأحد في إطار مسعاها لكسب الدعم والذي ستواصله غدا الاثنين عندما يجري أوباما ست مقابلات تلفزيونية ويتوجها بكلمة للأمة مساء الثلاثاء.
ويدعم الجمهوري مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب شن الضربات العسكرية لكنه قال إن أوباما لم يقدم مبررات جيدة لمعاقبة الأسد.
وقال روجرز على شبكة سي.بي.إس “من الواضح جدا أنه فقد الدعم في الأسبوع الماضي.” وأضاف أنه كان ينبغي على أوباما استدعاء الكونجرس من عطلته الصيفية لعقد اجتماعات مغلقة بخصوص الضربات المقترحة مشيرا إلى أن الإدارة في حاجة إلى “تجميع صفوفها”.
وقال روجرز “لم يقدم الرئيس أسبابا مقنعة.”
وأبلغ النائب الديمقراطي جيم مكجفرن من ولاية ماساتشوستس شبكة سي.إن.إن “لو كنت مكان الرئيس لسحبت طلبي. لا أعتقد أن هناك تأييدا في الكونجرس.”
واوضحت دراسات مسحية في الكونجرس ان اوباما امامه مهمة صعبة. واظهر حصر للاصوات اجرته صحيفة واشنطن بوست ان 233 من اعضاء مجلس النواب اما يعارضون الترخيص باستخدام القوة العسكرية في سوريا واما يميلون لمعارضته. ويزيد ذلك على العدد اللازم لعرقلة القرار والذي يبلغ 217 صوتا.
ويقول البيت الابيض ان الرئيس يمكن ان يمضي قدما في ضربة عسكرية بدون تصريح من الكونجرس لكنه لم يقل انه سيفعل ذلك.
واشار الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند امس الى انه يمكن ان يسعى لاستصدار قرار من الامم المتحدة رغم استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مرات سابقة. ويتعرض اولوند لضغط متزايد داخليا ومن شركائه الاوروبيين لطلب تفويض من الامم المتحدة قبل اي تدخل عسكري في سوريا.
ومن المرجح ان يسلم مفتشو الامم المتحدة تقريرهم في وقت لاحق هذا الاسبوع في نفس الوقت تقريبا الذي يصوت فيه الكونجرس الامريكي على التحرك العسكري. وتقول الامم المتحدة ان المفتشين سيحددون فقط ان كان الغاز استخدم وليس من المسؤول عن استخدامه.
وقال كيري في مؤتمر صحفي في باريس “بخصوص تصريحات الرئيس اولوند فيما يتعلق بالامم المتحدة فالرئيس (اوباما) وكلنا ننصت باهتمام لكل اصدقائنا.” واضاف “لم يتخذ الرئيس قرارا بعد.”
وقال مسؤول امريكي في وقت لاحق ان واشنطن لا تسعى لتصويت في الامم المتحدة حاليا.
وقال كيري ان دولا عربية حليفة تميل الى دعم بيان مجموعة العشرين الذي وقعته بالفعل 12 دولة ويدعو الى رد دولي قوي.
والتقى كيري في باريس مع وزراء خارجية لدول عربية منها السعودية ومصر وقطر والامارات عقب محادثات في ليتوانيا مع وزراء خارجية اوروبيين القوا بالمسؤولية عن الهجوم في سوريا على الاسد لكن رفضوا التصديق على عمل عسكري.
وحذر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة من انها ستشعل حريقا في الشرق الاوسط اذا هاجمت سوريا.
وقال ظريف في مؤتمر صحفي اثناء زيارة للعراق “نحن قلقون بشأن دعاة الحروب في هذه المنطقة. أولئك المصابون بقصر النظرة الذين يدقون طبول الحرب يشعلون نارا ستحرق الجميع.”
واكد مسؤول اسرائيلي خطر امتداد الصراع السوري خارج حدود سوريا وقال اليوم الاحد ان الولايات المتحدة ستبلغ اسرائيل مسبقا قبل ساعات من مهاجمة سوريا.
ورغم ان اسرائيل ظلت على الهامش رسميا في الازمة السورية الا انها تخشى تعرضها لانتقام من دمشق اذا نفذت الولايات المتحدة ضربات لمعاقبة سوريا.
وذكرت صحيفة المانية نقلا عن المخابرات الالمانية ان الاسد ربما لا يكون اعطى شخصيا الاذن بتنفيذ هجوم 21 اغسطس اب.
وقالت صحيفة بيلد ام سونتاج ان قادة ميدانيين سوريين كانوا يطلبون من القصر الرئاسي السماح لهم باستخدام الاسلحة الكيماوية على مدى اربعة شهور ونصف شهر مضت حسب رسائل لاسلكي اعترضها جواسيس المان لكن الاذن كان موضع رفض دائما.
واشار ضباط مخابرات الى ان ذلك قد يعني ان الاسد ربما لا يكون وافق شخصيا على الهجوم