“على من يريد العبث بأمن السعودية أن يفكر مرات، فهناك رجال قادرون على صد أية عمليات بما فيهم من إيمان وشجاعة وإتقان واحترام”؛ تلك الكلمات نطق بها وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، في موسم حج 1425هـ، والتي حملت معاني قوية فيه وظهر للعالم حقيقة تلك الكلمات التي برهنت على أن رجال الأمن في المملكة قادرون على صد أية عمليات تخريبية وإرهابية تستهدف أمن المملكة.
ولم تكن حادثة الجمعة الماضية التي أجهزت فيها قوات الأمن السعودي على خمسة من المطلوبين الأمنيين المنتمين للقاعدة وإصابة أحدهم؛ هي الحادثة الأولى التي تعامل معها رجال الأمن في الجنوب بكل تضحية وبسالة، وإنما جاءت كحلقة في سلسلة مواجهات عدة، نال فيها رجال الأمن: فهد الدوسري، “حرس الحدود قطاع شرورة”، سعيد الجبيلي القحطاني، ومحمد البريكي “شرطة شرورة”، وسعيد هادي القحطاني “المباحث العامة في شرورة” شرف الشهادة، وهم يدافعون عن وطنهم.
فقد سبقهم في عام 2009 استشهاد أحد أفراد الأمن عامر الشويش في نقطة الحمراء بجازان أثناء مواجهة اثنين من مطلوبي تنظيم القاعدة، وكذلك الرقيب أول حسين حنتول، الذي نال الشهادة في مواجهة لقوات الأمن مع مجموعة من الإرهابيين تحصنوا في مستشفى الملك فهد بجازان 2003م.
ونظرا لأن الحد الجنوبي الممتد من جازان إلي شرورة ترتبط بحدود طويلة مع دولة اليمن الشقيقة، فقد اتجهت أنظار الكثير من الخوارج، أفراد تنظيم القاعدة، نحوها للهروب من قبضة الحصار الأمني المتواصل إلى اليمن بفكر “التكفير” أو التخفي وجلب أسلحة التدمير وأدوات “التفجير”، إلا أن يقظة رجال الأمن في تلك المنطقة أحبطت كل مخططاتهم، وأفشلتها في حينها استناداً إلى حسهم الأمني الكبير، وهو ما يتمتع به رجال الأمن في المملكة؛ والذي يتجلى ذلك الحس الأمني لدى رجال الأمن في جميع القطاعات.
جازان تصدت للإرهابيين 2003 و 2009
فقد كانت منطقة جازان شهدت بداية المواجهات الأمنية مع المطلوبين في المنطقة منذ أغسطس 2003؛ حيث تم القبض على 21 شخصاً في قرية الكربوس بمنطقة جازان، وبحوزتهم أسلحة وذخائر، وتمكن رجال الأمن من إفشال مخططاتهم دون أن تكون هناك خسائر في رجال الأمن.
وفي الثالث والعشرين من شهر سبتمبر عام 2003 م، كانت هناك مواجهة كبرى لرجال الأمن مع عدد من المطلوبين بعد أن تحصنوا في إحدى الشقق السكنية بمستشفى الملك فهد بجازان، وأسفرت هذه المواجهة عن مقتل المطلوب الثالث عشر على القائمة الأولى للمطلوبين في السعودية، وهو سلطان القحطاني، كما جرى القبض على آخرين، فيما استشهد رجل الأمن الرقيب أول حسين بن مفرح حنتول.
وفي 13 أكتوبر 2009م كان رجال الأمن على موعد جديد مع تنظيم القاعدة؛ ليقطعوا أملهم في تنفيذ مخططاتهم؛ حيث أحبطوا تلك المخططات في نقطة أمن الحمراء، وأسقطت رصاصات رجال الأمن رجال تنظيم القاعدة المتنكرين في زي نسائي، محاولين التمويه على رجال الأمن والعبور بأسلحتهم وأحزمتهم الناسفة، إلا أن يقظة وفطنة رجال الأمن البواسل أحبطت مخططاتهم؛ حيث قتل اثنان من تنظيم القاعدة في نقطة الحمراء، ونال رجل الأمن عامر بن أحمد الشويش الشهادة.
وفي 2014 حاول تنظيم القاعدة أن يكرر محاولاته للدخول إلى أراضي المملكة، ولكن كان رجال الأمن متصدين له في محافظة شرورة بمنطقة نجران بالحد الجنوبي، ليفشلوا مخططاتهم التخريبية ويصرعوهم.
مخطط الأحزمة الناسفة
واعتاد المطلوبون في القوائم من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي؛ على استخدام الأحزمة الناسفة في تحركاتهم وتنقلاتهم كما حدث لمطلوبين في قوائم أمنية سابقة عمدوا إلى تفجير أنفسهم عندما اقتربت أجهزة الأمن منهم، وهو ما فعله المطلوب في قائمة الـ26 طلال عنبري الذي فجر نفسه بالحزام الناسف، عند محاصرة قوى الأمن وكراً إرهابياً كان يتحصَّن فيه مع ثلاثة مطلوبين في ذات القائمة في حي الصفا بجدة في أبريل عام 2004م، وكذلك تركي الدندني الذي فجر نفسه بحزام ناسف في مسجد في صوير ــ الجوف الذي كان يتحصن فيه مع مطلوبين آخرين في يونيو2003م.
وفي عام 2009 كان بحوزة مطلوبي الحمراء الذين أجهز عليهما رجال الأمن أحزمة ناسفة، وتكرر مشهدهم الدرامي 2014 في شرورة الذي يحاولون صرع الكثير من رجال الأمن بأحزمتهم الناسفة، والذين صرعوا قبل تفجيرها، في حين عمد اثنان من المطلوبين الذين تحصنوا في مبنى استقبال المباحث؛ حيث فجرا نفسيهما بعد أن ضيق رجال الأمن الحصار عليهما.
خطط القاعدة
وبدأ تنظيم القاعدة في اليمن منذ أن توغل فيه والبداء في مخططاتهم في انتهاج إستراتيجية جديدة لتنفيذ عملياته داخل المملكة؛ من خلال إرسال عناصره من عمق القاعدة في اليمن بمهمات محددة يراد تنفيذها ثم العودة إلى اليمن مرة أخرى، بدلاً من البقاء في المملكة وتعرضهم للقتل والاعتقال على أيدي قوى الأمن، إلا أن مخططاتهم باءت بالفشل.