ثارت تساؤلات تحاصرها علامات تعجب ودهشة، بعد هجوم الكاتب البرازيلي الأشهر باولو كويلو على المونديال، وسط اتهامات للعولمة بانتهاك براءة الأيام الخوالي لكرة القدم وتحويلها إلى سلعة وصناعة هائلة.
الغريب أن باولو كويلو، الذي تجاوزت مبيعات روايته الشهيرة (الخيميائي) الـ65 مليون نسخة، كان من أهم من روجوا عام 2007 لملف استضافة البرازيل لمونديال 2014 فيما يقول الآن إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة جراء الاعتمادات المالية الهائلة التي رصدتها حكومة بلاده لهذا العرس الكروي العالمي.
الكاتب البرازيلي اعتبر أنه كان من الأجدر إنفاق هذه المبالغ الهائلة على تشييد مدارس ومستشفيات وتوفير وسائل النقل التي يحتاجها الشعب قبل استضافة المونديال.
ولعل السؤال الأبرز الآن: هل استيقظ ضمير الكاتب البرازيلي الكبير فجأة؟!.. هل جاء موقفه الجديد والمقاطع لمباريات كأس العالم في ضوء الاحتجاجات الشعبية والتظاهرات في شوارع وساحات البرازيل للتنديد بالإنفاق الحكومي السخي على استضافة المونديال، بينما يعاني رجل الشارع من شظف العيش في بلد يعاني بشدة من تفاوتات طبقية عميقة؟!
وبسرعة البرق، لخص “كويلو” إجابته في أن مونديال 2014 “كارثة”، لأن هذا الحدث أفضى “لانفجار اجتماعي في البرازيل وموجات من العنف وتوسيع الفجوة بين الشعب والحكومة”.
لكن في المقابل هناك من يتفق مع الكاتب البرازيلي الأشهر باولو كويلو في موقفه المضاد للإنفاق الهائل على العرس الكروي العالمي في البرازيل بينما المواطن البرازيلي يعاني في أوجه حياته اليومية.
ووسط جدل مستمر ومتصاعد حول “المتعة والتجارة في عالم الساحرة المستديرة” تفعل العولمة أفاعيلها في عالم الساحرة المستديرة وترتفع أسعار اللاعبين المحترفين لأرقام قد تصيب البعض بالدوار .
ورغم أن المونديال حلم ممتد بالبهجة، فإن بعض الظواهر التي اقترنت بالعرس الكروي العالمي، مثل ازدهار تجارة سلع المونديال المزورة قد تدفع البعض للقول: “كم من الجرائم ترتكب باسم الساحرة المستديرة”!.
وبعيدًا عن الاحتياطات الأمنية الصارمة بشأن تذاكر كأس العالم فإن الطريق نحو المونديال شهدت ازدهارًا لتجارة السلع المغشوشة والمنتجات المقلدة و”الملبوسات المضروبة” أو المغشوشة وفى مقدمة هذه الملبوسات الزي الرياضي للاعبين.
ولأنها ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب والأبعاد فإن ثمة من يطرح أسئلة مثل: “ألا توفر هذه السلع المقرصنة والمقلدة بل والمغشوشة الفرصة للفقراء ومحدودي الدخل ليبتهجوا بالمونديال؟!.. ومن أين لمشجع محدود الدخل المال الكافي ليشتري لأحد أبنائه الزي الأصلي للاعبي منتخبه الوطني؟.. أليس من حق الفقراء أن يشعروا ببهجة المونديال؟!”
وإن كان من المشروع بل والمطلوب الاستفادة من “موسم المونديال” لتحقيق الربح فإن الأمر المستهجن حقًا أن يتحقق هذا الربح عبر التزوير أو غش المنتجات وتقديم سلع مقلدة بأسعار زهيدة، لكنها رديئة للغاية وواقع الحال أن “ظاهرة استشراء تجارة سلع ومنتجات المونديال المضروبة” تشكل عدوانًا على أولئك الذين بذلوا الجهد وأنفقوا المال لاستحداث منتجات أصيلة استعدادا للعرس الكروي العالمي.
وفي مونديال 2010 بجنوب أفريقيا دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” كطرف أصيل في هذه القضية المعقدة ليرفع عشرات القضايا أمام المحاكم بشأن جرائم تزوير لمنتجات وسلع تحمل علامات المونديال من بينها أكثر من 100 قضية في جنوب أفريقيا وحدها.
ومع ذلك ستجد أصواتا تتردد هنا وهناك بقوة مؤكدة أن على الفيفا الاهتمام بقضايا أكثر خطورة وإلحاحا مثل ظاهرة “مهربي الكرة تحولت إلى دموع في عيون أفريقيا” رغم الوعود الخلابة والكلمات المعسولة التي تتحدث عن مليارات الدولارات سيمطرها الشمال الغنى على القارة السمراء بفضل كنوزها الكروية!.
ورويدا رويدا-تحول الضحايا من أطفال أفريقيا إلى وصمة عار على جبين الشمال الغنى على حد وصف صحفيين أوروبيين تصدوا لفضح هذه الظاهرة مثل الصحفي كليف ما يرى الذي سعى لتسليط أضواء كاشفة على “ظاهرة مهربي الكرة في القارة العجوز” فيما لا يحرك الفيفا ساكنا.
ويتبدى الجانب المظلم لعولمة الكرة في تلك الفئة التي تسمى “بمهربي الكرة” والتي تستغل أحلاما مشروعة لصبية أفارقة موهوبين كرويا ويرغبون في حياة أفضل بعيدا عن واقع بائس فتشحنهم إلى أوروبا وكثيرا ما يتخلى “مهربو الكرة” عن هؤلاء الصبية ليتركوهم وحدهم يعانون ظروفا بالغة القسوة بعيدا عن عائلاتهم التي حلمت بالثراء بفضل المواهب الكروية للأبناء.