في تطور جديد في الصراع المستمر بين لبنان وإسرائيل، يبدو أن وقف إطلاق النار الأخير يواجه عقبة جديدة، فبعد أكثر من عام من الأعمال العدائية، التي كانت حرب غزة شرارتها، يجد الطرفان نفسيهما في مأزق حول تنفيذ بنود اتفاقية وقف إطلاق النار، فالجيش اللبناني يتهم إسرائيل بالمماطلة في الانسحاب من جنوب لبنان، في حين تصر إسرائيل على أن الدولة اللبنانية لم تفِ بالتزاماتها. فهل ستشهد المنطقة تصعيداً جديداً أم أن هناك حلولاً دبلوماسية في الأفق؟
تأخير الانسحاب
واتهم الجيش اللبناني إسرائيل بالتلكؤ في سحب قواتها من جنوب لبنان، وذلك وفقاً لبنود اتفاقية وقف إطلاق النار، وجاء في بيان رسمي أن هناك تأخيراً في تنفيذ مراحل انتشار الجيش اللبناني نتيجة مماطلة العدو الإسرائيلي، وأكد البيان على استعداد الجيش لإكمال انتشاره بمجرد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية، وفقاً لـ”رويترز”.
وصرحت إسرائيل بأن الدولة اللبنانية لم تنفذ شروط الاتفاقية بالكامل. وأشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن هناك بنوداً لم يتم الالتزام بها، مما أدى إلى تأجيل انسحاب القوات الإسرائيلية، وذكرت إسرائيل أن حملتها ضد “حزب الله” تهدف إلى ضمان عودة النازحين إلى ديارهم في شمال إسرائيل.
جهود الوساطة
وحزب الله، الذي لعب دوراً محورياً في الحرب، أعرب عن استيائه من تأخير انسحاب إسرائيل. واعتبر الحزب أن أي تأخير هو انتهاك غير مقبول للاتفاقية، ووضع المسؤولية على عاتق الدولة اللبنانية للتصرف. وأشار حزب الله إلى ضرورة التعامل مع هذا الانتهاك بجميع الوسائل والطرق التي تضمنها المواثيق الدولية.
وفي ظل هذا الجمود، برزت جهود الوساطة الدولية. حيث دعت الولايات المتحدة إلى تمديد وقف إطلاق النار لفترة قصيرة ومؤقتة، وذلك لإتاحة المزيد من الوقت لتنفيذ بنود الاتفاقية، كما لعبت الدول الأوروبية دوراً في محاولة التوصل إلى حل دبلوماسي، حيث أبدت قلقها من احتمال تصعيد الوضع.
تداعيات خطيرة
وتأخير انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان قد يكون له تداعيات خطيرة. فمن ناحية، قد يؤدي ذلك إلى تصعيد التوتر بين الطرفين، وزيادة حدة التوتر في المنطقة. ومن ناحية أخرى، قد يؤثر التأخير على جهود إعادة الإعمار في لبنان، حيث تحتاج المناطق المتضررة إلى الاستقرار والأمن لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
وهناك عدة حلول مطروحة على الطاولة للخروج من هذا المأزق. أولاً، يمكن للطرفين العمل معاً لإيجاد حل وسط، حيث يمكن تعديل بعض بنود الاتفاقية للوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين. ثانياً، يمكن للمجتمع الدولي ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل للالتزام ببنود الاتفاقية، خاصة مع وجود دعم دولي للبنان. وأخيراً، قد تلعب الدول الإقليمية دوراً في التوسط بين الطرفين، حيث يمكنها المساعدة في التوصل إلى حلول توافقية.
وفي ظل هذا الصراع المستمر، يبقى الأمل معقوداً على الحلول الدبلوماسية. فهل ستنجح جهود الوساطة في التوصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين، أم أن المنطقة مقبلة على جولة جديدة من التصعيد؟ فقط الأيام القادمة ستكشف لنا مصير هذا الاتفاق، ومدى قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات والتوصل إلى سلام دائم.