في تصريحات تثير القلق الدولي، قال وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي، في العاصمة البرتغالية لشبونة قبيل اجتماع بين المفاوضين الإيرانيين والأوروبيين في جنيف: إن إيران قد تتحوّل نحو امتلاك الأسلحة النووية إذا أقدمت الدول الغربية على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة ضدها.
وأضاف “عراقجي” في مقابلة صحفية: أن طهران تمتلك بالفعل القدرة والمعرفة اللازمة لتصنيع الأسلحة النووية، إلا أن ذلك ليس ضمن استراتيجيتها الأمنية الحالية. لكنه حذر من أن الظروف قد تتغير إذا تمت إعادة فرض العقوبات، مشيرًا إلى أن النقاشات داخل إيران حول برنامجها النووي قد تتّخذ منحى مختلفًا في حال استمرّ الضغط الغربي.
قدرة الصنع
وذكر “عراقجي” أن إيران لديها القدرة التقنية لتطوير أسلحة نووية، ولكنها لا تضعها ضمن أولوياتها الاستراتيجية في الوقت الراهن. وقد أوضح أن طهران ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لكنها في الوقت ذاته مستعدة لتزويد حزب الله اللبناني بالأسلحة إذا دعت الحاجة. كما أكد أن إيران مستمرة في تعاونها العسكري مع روسيا، رغم الضغوط الغربية بسبب هذه العلاقات. وقال: إن هذا التعاون مشروع في إطار الدفاع عن مصالح إيران الإقليمية؛ وفقًا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
وأشار “عراقجي” إلى أنّ المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية، وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا؛ قد تزداد صعوبةً بعد اجتماع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير. في هذا الاجتماع تم تمرير اقتراح توبيخ ضد إيران بسبب عدم تعاونها مع المفتشين النوويين وزيادة مخزون اليورانيوم المخصب. كما انتقد “عراقجي” الدول الأوروبية قائلًا: إنهم اختاروا مسار المواجهة بدلًا من التعاون، مشيرًا إلى فشل التفاهمات السابقة التي كانت تهدف إلى الحد من أنشطة إيران النووية.
النقاش الداخلي
على الرغم من التصريحات الرسمية الإيرانية التي تؤكد عدم نية طهران في تطوير أسلحة نووية، فقد أشار “عراقجي” إلى نقاش متزايد داخل إيران بشأن تغيير السياسة النووية. وقال: إن هناك تساؤلات متزايدة بين النخب والشعب حول ما إذا كانت السياسة الحالية لا تزال مجدية. وأضاف: أن إيران قد تكون في أزمة إذا أقدمت الدول الأوروبية على إعادة فرض العقوبات، معتبرًا أن هذا سيؤدي إلى استنتاج واسع في إيران بأن السياسة التي تبنّتها طهران في التعامل مع الغرب كانت خاطئة.
وفي سياق آخر تناول “عراقجي” الدعم المستمرّ الذي تقدمه إيران لحزب الله اللبناني، مؤكدًا استعداد طهران لتزويد الحزب بالأسلحة إذا طلب ذلك. كما سَخِرَ من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال: إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار في لبنان بسبب التركيز على تهديدات إيران النووية. وأضاف: أن إيران مستعدة للتصدي لأي تهديدات من إسرائيل، مشيرًا إلى أن إيران لا ترغب في الحرب، لكنها مستعدة لها تمامًا إذا فُرضت عليها.
عند سؤاله عن الوضع في غزة، أكد “عراقجي” أن إيران ترى في إسرائيل تهديدًا استعماريًّا لفلسطين، وأنها تدعم المقاومة الفلسطينية ضد الاعتداءات الإسرائيلية. وقال: إن إيران لا تتدخّل في قرارات حزب الله أو أي مجموعة مقاومة أخرى في المنطقة، بل تدعمهم كأصدقاء. وحول موضوع وقف إطلاق النار في غزة، أشار إلى أن إسرائيل لا يمكنها التوصل إلى اتفاق مع حماس دون أن تكون قد فشلت في تحقيق أهدافها.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران، أكد “عراقجي” أن هناك الكثير من الجدل داخل إيران حول ما إذا كانت السياسة الحالية قد أضرّت بمصالح البلاد الداخلية. وأوضح أن الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس الإصلاحي “مسعود بزشكيان” كانت تأمل في تحسين العلاقات مع الغرب ورفع العقوبات، لكن التطورات الأخيرة أثبتت صعوبة ذلك. وأضاف: أنه قضى معظم وقته كوزير للخارجية في محاولات لدرء خطر نشوب حرب شاملة، وهو ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها إيران في سياستها الخارجية.
وتُظهر تصريحاتُ “عباس عراقجي” تعقيدًا متزايدًا في الموقف النووي الإيراني والعلاقات مع الغرب. وبينما تؤكد طهرانُ التزامَها بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تلوح في الأفق تهديدات بتطوير أسلحة نووية في حال استمرت الضغوط الغربية.