تشهد المملكة العربية السعودية توسعاً كبيراً في شبكة الطرق السريعة التي تربط بين المدن والمحافظات، وتعدّ عصباً أساسياً للاقتصاد الوطني ووسيلة حيوية لحركة الأفراد والبضائع. ومع توسع هذه الشبكات، تبرز الحاجة إلى تحسين الخدمات على الطرق الطويلة، مثل الإضاءة والتشجير وتوفير خدمات تكميلية أخرى تسهم في تعزيز الأمان والراحة للمسافرين.
تعدّ الطرق الطويلة في المملكة من بين الأكبر في العالم، حيث يبلغ إجمالي أطوال شبكة الطرق التابعة لوزارة النقل والخدمات اللوجستية أكثر من 75,000 كيلومتر، منها أكثر من 5,000 كيلومتر من الطرق السريعة العاملة، إلى جانب 49,000 كيلومتر من الطرق الفرعية التي تُطوّر لتصبح مزدوجة. يُعدّ قطاع الطرق جزءاً مهماً من الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، حيث تصدرت المملكة عالمياً في ترابط الطرق، وتهدف إلى تلبية المتطلبات المتزايدة للسكان والتوسع الحضري والنمو الاقتصادي وزيادة استخدام السيارات.
ورغم الجهود المبذولة، يعاني العديد من مستخدمي هذه الطرق من نقص في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإضاءة المحدودة، وعدم كفاية المساحات الخضراء، وتباعد الاستراحات، مما يؤثر سلباً على تجربة القيادة ويزيد من مخاطر السلامة. تُعد الإضاءة من أهم العوامل التي تقلل الحوادث، خصوصاً على الطرق الطويلة، إذ أن غياب الإنارة الكافية يزيد من مخاطر الحوادث، لا سيما في ظروف الطقس غير الملائمة مثل الضباب والعواصف الرملية.
كما يُعد التشجير على جوانب الطرق الطويلة عاملاً مهماً في تحسين الراحة للسائقين، حيث يخفف من الإرهاق الناتج عن المسافات الطويلة ويوفر الظل ويسهم في تلطيف الأجواء. ولتحقيق أهداف الاستدامة البيئية، تأتي مبادرات التشجير ضمن رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون والتلوث البيئي. إضافةً إلى أن التشجير يسهم في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة، خاصة في المناطق الصحراوية.
يتطلب تحسين الخدمات على الطرق الطويلة من خلال تطوير شبكة الإضاءة، وتشجير الجوانب، وإنشاء مراكز استراحات إضافية ومحطات للوقود تضافر الجهود بين الجهات المعنية، مثل وزارة النقل ووزارة البيئة والمياه والزراعة وأمانات المناطق. وقد يكون استدامة التشجير تحدياً نظراً لظروف المناخ القاسية وشح المياه، إلا أن الحلول المبتكرة يمكن أن تساعد في تجاوز هذه التحديات.
شهدت السنوات الأخيرة بعض المبادرات لتحسين شبكة الطرق الطويلة في المملكة، مثل تعزيز الإضاءة، وإنشاء استراحات جديدة، وتشجير بعض المناطق المحاذية للطرق ضمن مبادرة “السعودية الخضراء”. كما أن رؤية المملكة 2030 تركز على تحسين جودة الحياة للمواطنين، مما يشير إلى توجه مستقبلي لتطوير هذه الطرق بما يلبي احتياجات المستخدمين.
تحسين الخدمات على الطرق الطويلة ليس رفاهية، بل هو ضرورة لتعزيز الأمان والراحة ودعم الأهداف البيئية للمملكة. من خلال تطوير البنية التحتية وتعزيز الخدمات الأساسية، يمكن أن تصبح الرحلات على الطرق الطويلة أكثر أماناً وجاذبية، مما يعكس استثماراً طويل الأمد في سلامة وراحة المواطنين، ويواكب تطلعات المملكة نحو بنية تحتية مستدامة.