تصاعدت حدّة النقاشات حول ما إذا كان ينبغي السماح لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ، التي زودتها بها الدول الغربية على أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية، وذلك بعد زيادة عدد القنابل الانسيابية الروسية الموجهة، التي تسقط على المدن الأوكرانية، والتي وصلت إلى 800 قنبلة في أسبوع واحد خلال فصل الصيف.
ومن المقرَّر أن يناقش الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه القضية مع رئيس الوزراء البريطاني “كير ستارمر” خلال اجتماعهما في واشنطن، غدًا “الجمعة”، وذلك في ظلّ وجود مؤشرات على تردد “بايدن” في هذا الشأن، وكان الزعيمان قد أرسلا دبلوماسيين رفيعي المستوى إلى كييف أمس للاستماع إلى الالتماسات الأخيرة من الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”.
وطلبت أوكرانيا منذ أشهر السماح لها باستخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى لمهاجمة المزيد من المواقع العسكرية، التي تستخدمها روسيا لإطلاق الصواريخ وإيواء الطائرات الحربية التي تسقط القنابل الانسيابية الكبيرة، والتي تسبب دمارًا هائلًا على القوات والمدن الأوكرانية؛ وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
قيود الإطلاق
وفي الربيع الماضي وضع بايدن قيودًا محددة -حوالي 60 ميلًا- على المدى المسموح به لأوكرانيا لإطلاق صواريخ “أرض – أرض” التكتيكية الأمريكية الصنع باتجاه روسيا، وذلك خشية أن يؤدي ذلك إلى ردّ فعل قاس من الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين: يبدو أن بريطانيا وفرنسا اللتين قدمتا لأوكرانيا صواريخ “خارقة للتحصينات” بعيدة المدى تُطلق من الجو في عام 2023، تنتظران موافقة “بايدن” قبل السماح لهذه الصواريخ الأوروبية باستهداف مواقع بعيدة داخل الأراضي الروسية. وقد طلب المسؤولون الأمريكيون مثلهم مثل غيرهم من المسؤولين الأمريكيين الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير، عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا عن هذه القضية.
وحذّر المتحدث باسم “بوتين”، “ديمتري بيسكوف”، أمس، من أن روسيا تستعدّ لاتخاذ “تدابير مضادة مناسبة” في حال وسعت الدول الغربية نطاق استخدام الأسلحة الأوكرانية، وفي السابق لم تقم روسيا بالردّ على ما اعتبرته إدارة “بايدن” استفزازات، مثل إرسال الدبابات وطائرات “إف-16” إلى المعركة، وكذلك توغل أوكرانيا في منطقة كورسك الحدودية الروسية.
ويواجه “بايدن” أيضًا ضغوطًا من دوائر السياسة الخارجية الأمريكية لتخفيف القيود. ولم يعد كبار المخططين العسكريين الأمريكيين ينصحون بعدم القيام بذلك، كما حثّه دبلوماسيون أمريكيون سابقون رفيعو المستوى وجنرالات متقاعدون في رسالة، يوم الثلاثاء، على “السماح لأوكرانيا بالدفاع عن نفسها”.
توفر الأسلحة
وفي شهر مايو وافق “بايدن” على مضض على السماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ “أتاكمس” باتجاه روسيا لاستهداف القواعد العسكرية التي تُستخدم لشنّ هجمات على مدينة خاركيف الحدودية الأوكرانية. وامتدّت هذه السلطة إلى حوالي 60 ميلًا، ولكن وفقًا لمسؤولين عسكريين أمريكيين وأوروبيين، قامت روسيا بنقل 90% من القواعد الجوية التي تأوي طائراتها المقاتلة القاذفة خارج نطاق صواريخ “أتاكمس”.
ووصلت الدفعة الأولى من طائرات “إف-16” الأمريكية الصنع -التي لم تكشف أوكرانيا عن عددها، ولكن يُعتقد أنها حوالي اثنتي عشرة طائرة- في هذا الصيف. وبينما صرّح المسؤولون الأوكرانيون بأن هذه الطائرات ستُستخدم في البداية للدفاع الجوي، مثل إسقاط صواريخ كروز الروسية الواردة، من المتوقع أيضًا أن تقوم طائرات إف-16 بمهام قتالية. وعند استخدامها في دور الهجوم الأرضي، يبلغ مدى هذه الطائرات المقاتلة حوالي 500 ميل؛ وفقًا للقوات الجوية الأمريكية.
ومن المتوقّع أن تلعب طائرات “إف-16” دورًا حاسمًا في التصدي للقنابل الانسيابية التي دمرت المراكز السكانية والمواقع العسكرية في شرق أوكرانيا، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا ستقوم بإرسال طائرات “إف-16” إلى المجال الجوي الروسي، وتنقسم دول “الناتو”، التي تبرعت بهذه الطائرات، حول ما إذا كان ينبغي عليها القيام بذلك.
وأرسلت بريطانيا وفرنسا بالفعل صواريخ كروز جو-أرض من طراز “ستورم شادو” و”سكالب” إلى أوكرانيا، التي استهدفت حتى الآن أهدافًا روسية في شبه جزيرة القرم والبحر الأسود. ويبلغ مدى هذه الصواريخ حوالي 155 ميلًا، وقد تم إطلاقها من أسطول أوكرانيا المتقادم من الطائرات المقاتلة من الحقبة السوفيتية والروسية التصميم. وهذه الصواريخ هي في الواقع نفس الطراز وتُعرف باسم “ستورم شادو” في بريطانيا، و”سكالب” في فرنسا.
وتمتلك أوكرانيا بالفعل القدرةَ على ضرب أهداف داخل روسيا باستخدام الطائرات المسيرة المنتجة محليًّا، وهي تختبر حاليًّا صاروخًا جديدًا بعيد المدى من طراز “أرض-أرض” يمكن إطلاقه دون الحاجة إلى إذن من الغرب. وقد كانت قدرة أوكرانيا على إنتاج هذه الأسلحة محليًّا أحد الأسباب التي دفعت إدارة “بايدن” إلى مقاومة استخدام الأسلحة الأمريكية في هذه الهجمات.