– دفعن ثمن خطئهن ومن الظلم حرمانهن من ممارسة حياة طبيعية ينعمن فيها بأجواء الأسرة والزواج والأمومة.
– الإحصائيات تؤكد أن 36% من السجينات المفرج عنهن يعُدن إلى الجريمة لعدم تقبل المجتمع لهن.
– مدير عام السجون: النزيلات السعوديات اللائي ترفض عائلاتهن استلامهن بعد قضاء محكوميتهن يُحَلن إلى ”رعاية الفتيات”.
- الناطق الإعلامي باسم المديرية العامة للسجون: هذه الفئة من السجينات لا تُشكّل أكثر من 1%.
- المستشارة القانونية غادة الزومان: في حال رفض ذوي السجينة استلامها يتم مخاطبة أمير المنطقة لحل إشكاليتهن.
- المستشارة النفسية نوال الهوساوي: رفض الأهل والمجتمع يصدم المفرج عنها.. ويسبب الإحباط واليأس الذي قد يصل لدرجة الحقد وقطع صلة الأرحام.
- المحامية بيان الزهران: الأمر يحتاج لحراك وتدخل من لجنة إصلاح ذات البين، ثم إمارة المنطقة؛ لإلزام الأهل باستلام السجينة، أو تحويلها إلى دار الرعاية.
تبدأ معاناة عدد من السجينات المفرج عنهن، برفض أُسَرهن استقبالهن لبدء حياة جديدة من التوبة والاستقامة، وهناك الكثير منهن يرين أن القضبان أصبحت أرحم من نظرات المجتمع ورفض الأهل، وتبرؤ بعض أولياء الأمر منهن، ومع ذلك تبقى السجينة رهن انتظار عدول وليها عن موقفه.
تسليط الضوء على الوضع القانوني والإنساني لسجينات “الحرية” اللاتي يقبعن في السجون بلا جريمة، وأهمية تخصيص دور للسجينات اللاتي لا يقبلهن الأهل والمجتمع.
تخصيص دور للسجينات
نشطت في الآونة الأخيرة مطالبات بتخصيص دُور للسجينات المفرج عنهن، تكون تحت رعاية الدولة؛ لإيوائهن وتوفير الحماية الاجتماعية لهن، بعد انقضاء فترة العقوبة. ويكون لها مأوى آمن لتحمي نفسها من العودة إلى الجريمة أو الانجرار إلى الرذيلة؛ فقد أشارت إحصائية إلى أن 36% من السجينات المفرج عنهن يعُدن إلى الجريمة بسبب عدم التقبل الأسري والمجتمعي لهن.
قانون.. ولكن!
وأكدت المديرية العامة للسجون في تصريح على لسان ناطقها الإعلامي العقيد الدكتور أيوب بن نحيت، في موقعها الرسمي، أن هذه الفئة من السجينات المفرج عنهن اللاتي يرفض ذووهن استلامهن لا تشكل أكثر من 1%؛ مبيناً أنه تم تشكيل لجنة من السجون ووزارتيْ العدل والشؤون الاجتماعية لِسَنِّ قوانين تُرغم أُسَر النزيلات المفرج عنهن على تسلّم بناتهم؛ متوقعاً أن يصدر نظام يتيح للنزيلة المفرج عنها حرية الاختيار بين الاتجاه إلى دار الضيافة أو العودة إلى ذويها، كما أن إدارة السجن تحاول بشكل متكرر إقناع أسر النزيلات بتقبلهن واستلامهن؛ ولكن تبقى المسألة ودّية وغير محكومة بنظام يُلزم أولياء أمورهن بذلك، وهو ما ساهم في تكوّن هذه الحالة.
رفض العائلات
ومن جانبه أكد مدير عام السجون ونائب رئيس اللجان الوطنية للتراحم في المملكة اللواء إبراهيم الحمزي، أن النزيلات السعوديات اللائي ترفض عائلاتهن استلامهن بعد قضاء محكوميتهن، يتم إحالتهن إلى دار رعاية الفتيات التابعة للشؤون الاجتماعية، رافضاً في الوقت ذاته الإفصاح عن إحصائية النزيلات السعوديات والأجنبيات في السجون والإصلاحيات؛ لعدم ثبات الأعداد في الدخول والإفراج. جاء ذلك خلال حضوره الملتقى السابع للجان تراحم المناطق، والذي استضافته لجنة “تراحم الشرقية”.
مشكلة يعاني منها الحقوقيون
أوضحت المستشارة القانونية من مكتب ديوان الاستشارات للمحامي د. ماجد الفهد “غادة الزومان” لـ”سبق”، أنه في حال رفض ذوي السجينة استلامها بعد انقضاء محكومتيها، يأتي دور الأخصائيات الاجتماعيات في السجن، بالتواصل مع أهل السجينة وإقناعهم بالعزوف وإصلاح ذات البين، وفي حال إصرار الأهل على موقفهم يتم مخاطبة “أمير المنطقة” الموجودة بها السجينة ليتم استقبالها في دار تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.
أما فيما يتعلق بالوضع القانوني بحضانة أطفال المطلّقة السجينة، أشارت المستشارة “غادة”، وفقاً للمادة الخامسة عشرة من نظام السجن والتوقيف الصادر بمرسوم ملكي رقم م/٣١ وتاريخ ٢١/ 6/ ١٣٩٨هـ “يبقى مع المسجونة أو الموقوفة طفلها حتى يبلغ من العمر سنتين؛ فإذا لم ترغب في بقائه معها أو بلغ هذه السن، سُلّم لأبيه أو لمن له حق حضانته شرعاً بعد الأم؛ فإذا لم يكن للطفل أب أو أقارب يكفلونه أُودِع في إحدى مؤسسات رعاية الأطفال؛ على أن تُخطر الأم بمكان إيداعه”، وهذه المادة لم تُفرّق بين وضع المرأة السجينة المتزوجة أو المطلقة.
مسؤولية مشتركة
وقالت المحامية “بيان الزهراني” مشكلة عدم إطلاق سراح السجينة برغم أن محكوميتها انتهت”، ونحن كحقوقيين نعاني منها، ونحاول أن نتصدى لها، وأيضاً الجهات التنفيذية تعاني منها. وتضيف: “مع الأسف يبقى المجتمع أحياناً ينظر للسجينة -حتى لو نفذت عقوبتها الشرعية والقانونية- على أنها مذنبة، ويحتاج هذا الأمر لحراك وتدخل برغم أن هناك عدة جهات تتدخل؛ كلجنة إصلاح ذات البين، ثم إمارة المنطقة لإلزام الأهل استلام السجينة، أو تحويلها إلى دار الرعاية، إذا كان هناك خطورة على حياتها”.
وتابعت “الزهراني” من المفترض أنه في مثل هذه الحالة إذا أخذت السجينة عقوبتها فهي حرة وبالغة؛ لذا يجب إخراجها؛ إلا إذا كان في خروجها خطر عليها، في هذه الحالة تكون مرحلة انتقالية لتأهيل السجينة من الناحية التعليمية والوظيفية ومخالطة المجتمع بشكل سليم لتكون قادرة أن تعيش بشكل مستقل.
كفّرت عن أخطائها
أما المستشارة النفسية وأخصائية العلاج الأسرى والزوجي “نوال إبراهيم الهوساوي” فقالت السجينة عندما تقضي عقوبتها تكون قد شعرت أنها كفّرت عن خطئها للمجتمع؛ وخاصة إذا تابت؛ لأن التوبة تَجُبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فهي تتطلع للخروج من السجن لبدء حياة أفضل، وكلها عزم على اغتنام الفرصة الثانية لتعويض من أساءت لهم، وتحقيق ذاتها بما يُرضي الله؛ ولكن رفض استلامها يُشعرها بأن باب التوبة مغلق، وقد يفتنها للعودة إلى حياة الجريمة؛ ما دام المجتمع والأسرة يرفضون تقبلها”.
وتابعت: “الرفض يسبب الإحباط واليأس الذي قد يصل لدرجة الحقد على المجتمع، بالإضافة إلى الآثار السلبية المتعلقة بتدمير أواصر الأسرة، وقطع صلة الأرحام؛ فينشأ الأطفال محرومين من عمتهم أو خالتهم أو شقيقتهم، وأحياناً تكون الأخطاء أكبر دافع للعطاء وعمل الخير؛ فنحن نحرم مجتمعنا من سواعد مخلصة تتوق للعطاء والبناء وتتأمل الفرصة لإثبات أنها تغيّرت نحو الأفضل وولدت من جديد”.
وتضيف: “أُوَجّه ندائي للآباء أن يكونوا رحماء، ولا تأخذهم العزة بالإثم؛ فيتركوا رعيتهم وفلذات أكبادهم في عقاب أبدي، ولتعفوا ولتصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم؛ ففي النهاية السجينة إنسانة أخطأت ودفعت ثمن خطئها فادحاً، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، ومن الظلم حرمانها من ممارسة حياة طبيعية تنعم فيها بأجواء الأسرة والزواج والأمومة والرفقة الصالحة والعيش الكريم”.
وختمت حديثها مبينة ضرورة “نشر الوعي بين أفراد المجتمع عن مخاطر تخلي الأسر عن مسؤولياتها تجاه أفرادها، وإلقاء أعبائها على عاتق الدولة بلا نهاية؛ فالمسؤولية مشتركة، ولا بد من تعاون بين الدولة والمجتمع وبين السجن والأسرة؛ لنجاح برنامج التأهيل والإصلاح بما يعود بالخير والفائدة للجميع”.
رعاية
وبرغم الجهود التي تبذلها المديرية العامة للسجون في إصلاح السجينات وتأهيلهن لممارسة حياة كريمة بعد المغادرة، واهتمامها بتنظيم فعاليات عديدة لتأهيل المجتمع لتقبلهن؛ فإن بقاء هذه الحالة القانونية التي تشترط موافقة ولي الأمر على تسلّم السجينة المفرج عنها حتى يتسنى لها مغادرة السجن، تكاد تعصف بهذه الجهود.
وفي السياق ذاته، تتيح وزارة الشؤون الاجتماعية -عبر دُور الرعاية الاجتماعية العشر القائمة حالياً- إقامة كريمة لبعض الفئات من الذكور والإناث؛ ممن لا تتيسر رعايتهم عن طريق أسرهن؛ لكن الرعاية في هذه الدور مقصورة على المسنين والمعاقين. وتتيح في الوقت ذاته رعاية لأبناء السجينات سواء من نزيلات سجن النساء أو رعاية الفتيات؛ من خلال برنامج الرعاية المؤقتة.
المادة السابعة من نظام السجن
وتشير بعض القوانين الخاصة في أمور السجينات؛ كالمادة السابعة من نظام السجن والتوقيف، على أنه “… لا يجوز أن يبقى المسجون أو الموقوف في السجن أو دور التوقيف بعد انتهاء المدة المحددة بأمر إيداعه”.
كما نصت المادة 21 من النظام نفسه على أنه “لا يجوز أن يؤخر الإجراء الإداري (الإفراج عن المسجون أو الموقوف) في الوقت المحدد”.
ونصت المادة 24 من النظام على أنه “يُفرج عن المسجون أو الموقوف قبل ظُهر اليوم التالي لانقضاء العقوبة أو مدة الإيقاف؛ وذلك ما لم يصدر عفو عام عن الجريمة أو العقوبة أو جزء منها؛ فيتم الإفراج عن المسجون والموقوف في الوقت المحدد بقرار العفو”.