– رئيس دوائر أحوال الرياض: انتهاء المماطلة بالدعاوى الأسرية خلال أسبوعَين
– المحامي التميمي: إحضار الخصوم بشركات أمنية يحمل إيجابيات وسلبيات
– “أم فهد”: سئمت من تأجيل القاضي دعوة الطلاق بسبب مماطلة زوجي في الحضور
– تأخُّر الحُكم يثير استياء عدد كبير في قضايا الأحوال الأسرية
– مطالب بإيجاد صيغة عمل حقيقية تفعِّل إحضار الخصوم للإسراع في نظر القضايا
ما زال تأجيل وتأخُّر الحكم في بعض القضايا المتعلقة بحضور الخصوم داخل المحاكم السعودية محل جدل واستياء عدد كبير من أصحاب تلك القضايا، وخصوصاً قضايا الأحوال الأسرية، سواء في “الطلاق والعضل”. وشكلت صعوبة إحضار الخصم للقاضي الهاجس المخيف الأكبر لدى المدعي؛ ما جعل الكثيرين يطالبون بإيجاد صيغة عمل حقيقية، تفعّل وتطوّر مرفق القضاء للإسراع في النظر بتلك القضايا.
وتناقلت وسائل الإعلام المحلية نية وزارة العدل في التعاقد مع شركات أمنية تابعة للقطاع الخاص ومتخصصة للاستعانة بها في عملية إحضار الخصوم، وأن المشروع بات في مراحله الأخيرة بعد دراسة مستفيضة؛ إذ رفع عدد من رؤساء المحاكم مرئياتهم وموافقتهم على القانون الجديد، باعتباره ذا جدوى تنعكس على تحسين واقع الخدمة المقدمة للمراجع.
التقت عدداً من المواطنين والقضاة والمحامين الذين رأوا أنه لا بد من إيجاد حل كافٍ لإنهاء معاناة عدد من الأسر والنساء، وإنهاء مماطلة الخصوم في الحضور للمحكمة.
إحصاءات
بلغ عدد القضايا الواردة إلى المحكمة العامة في الرياض – حسب إحصاءات وزارة العدل – خلال شهر ربيع الآخر من العام الحالي، وفقاً للأنواع القضائية: القضايا الجنائية 10 والحقوقية 20218 والنهائية 1350. فيما بلغ عدد القضايا الواردة إلى المحاكم العامة 1351 قضية نهائية و2218 قضية حقوقية و10 قضايا جنائية في محكمة الرياض. فيما وصل عدد القضايا الواردة إلى محكمة العامة في مكة المكرمة 3534 قضية، تنوعت في نهائية وجنائية وحقوقية. فيما وصل عدد القضايا الواردة إلى المحكمة العامة في المدينة المنورة خلال شهر ربيع الآخر من العام الحالي 2028 قضية، وكذلك وصل عدد القضايا في المحكمة العامة بجدة 2549 قضية. كما أشارت إحصاءات وزارة العدل – وفق ترتيب المحاكم العامة حسب حجم العمل خلال شهر جمادى الأولى للعام الحالي – إلى أن المحكمة العامة بمكة المكرمة كانت الأولى من حيث حجم العمل فيها، وتلتها المحكمة العامة في الرياض، ثم جدة والمدينة المنورة والدمام.
مماطلة وعناد
تقول “أم فهد” من أهالي مدينة الدمام : سئمت الذهاب والمجيء من وإلى المحكمة لتأجيل القاضي دعوة الطلاق التي كنت قد رفعتها على زوجي نتيجة لمماطلته وعدم حضوره جلسات المحكمة نتيجة تبريرات واهية وغير صحيحة، يقدمها كل جلسة عن طريق محاميه. مطالبة بضرورة الإسراع في إيجاد حل لقضيتها ومئات القضايا المشابه لها.
فيما يقول المواطن “سالم السالم” : ما زالت قضيتي التي أقمتها ضد أحد الخصوم بخصوص فصل الشراكة التجارية في أروقة المحاكم قائمة؛ وذلك لغياب المدَّعى عليه. وهناك عدد كبير من القضايا العالقة في المحاكم، منها ما ينتظر حضور الخصوم للبت وإصدار الحكم القضائي فيها.
إيجابيات وسلبيات
ويرى الدكتور المحامي “سامي التميمي” بخصوص شركات إحضار الخصوم للمحاكم أن الأمر يتعلق بشقين، وهو خطير، وله من الإيجابيات ما يجعل مؤيديه يرون فيه الخلاص من الروتين وطول الوقت في التبليغ والإحضار، كما يرون أن القطاع الخاص يعمل بجدية ونشاط أكثر، ولا يخضع لكثرة الإجراءات والروتين الحكومي؛ وهذا يجعله أقدر على سرعة إنجاز ما يوكل إليه من أعمال.
أما السلبيات لهذا القرار فتتمثل في أن هناك من يرى أن هذا الأمر من صميم عمل الجهات الحكومية، وصلاحيات القيام به منوطة بجهات حكومية معينة، وأن قوة النظام وتطبيقه تكمن في الجهات الحكومية فقط، وأن الاستعانة بشركات من القطاع الخاص لمثل هذه الأمور قد تخلق خللاً كبيراً، وتضيع هيبة هذه الجهات، ويرون أنه تم تطبيق بعض التجارب السابقة في مجالات أخرى، التي تم استعانت فيها بعض الجهات الحكومية بعدد من الشركات في تنفيذ أعمالها؛ إذ قد قلل ذلك من هيبة الجهة نفسها بسبب العشوائية في التوظيف أو التعيين أو التنفيذ أو المستوى الذي يجب أن تكون عليه.
وتابع “التميمي” مبيناً أن هناك بعض الأمور التي تمنع وتقف عائقاً أمام تطبيق مثل هذا الأمر؛ وذلك بسبب ثقافة مجتمعنا والقبيلة التي تسيطر على الكثير منا في تصرفاته، كما أن تطبيق هذه الفكرة يحتاج إلى وجود شركات متخصصة لديها الخبرة المحلية والعالمية في هذا المجال، ويحتاج إلى إعداد من يعملون فيه إعداداً سليماً مهنياً وفنياً ونفسياً؛ حتى لا تخلق مشاكل، ربما لا يمكن تداركها بسهولة، وخصوصاً أن موظفي القطاع الخاص ليس لديهم الهيبة أمام الناس مثل الجهات الحكومية المتخصصة في هذا المجال، سواء من يتبعون الجهات القضائية أو وزارة الداخلية.
واستطرد “التميمي” مقترحاً أنه من الأفضل أن يتم تعيين عدد كاف من الموظفين بوحدة تحضير الخصوم في المحاكم، ويتم تقسيم المدن إلى مناطق بحجم مناسب، ويتولى كل موظف منطقة محددة، يكون مسؤولاً عن أي تبليغات تتم فيها، بشرط أن يكون بصحبته أثناء التبليغ عسكري من مركز الشرطة الذي يقع في دائرته المنطقة المكلف بها، وهذا يجعل القائم بالتبليغ موظفاً عاماً، وبصحبته فرد أمن؛ ما سيوفر لهما هيبة أمام الجميع. ويشترط لنجاح ذلك أن يتم التفتيش بصفة دورية على الموظفين القائمين بهذا العمل، ومتابعتهم، وقبل ذلك تدريبهم وتأهيلهم بطريقة تجعلهم مؤهلين لهذا العمل.
تدابير مختلفة
وأشار عدد من المصادر القضائية إلى أن هناك عدداً من الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها بهدف التسريع في النظر بعدد من القضايا العالقة؛ إذ كشف رئيس دوائر الأحوال الشخصية بمدينة الرياض التابعة للمحكمة العامة، الشيخ عبدالله بن صالح الخريجي، انتهاء المماطلة التي كانت تعيق النظر في الدعاوى الأسرية، مثل قضايا الطلاق والخلافات الزوجية وفسخ النكاح والحضانة والنفقة والزيارة ورعاية الأولاد.
وقال “الخريجي” في تصريحات إلى “سيتم النظر في تلك القضايا والدعاوى المقدمة خلال فترة زمنية لا تتجاوز أسبوعين، وذلك في ضوء التعديلات المهمة التي أنجزتها وزارة العدل من أجل النهوض بمستوى المنظومة القضائية السعودية وتسريع وتيرة قضايا الأسرة داخل أروقة المحاكم”.
وأضاف: “نتلقى الدعاوى عن طريق موقع الوزارة الإلكتروني الذي يتضمن المعلومات كافة بخصوص الدعوى، بداية من نوعها وعنوان المدَّعى عليه، الذي يتم تحديده بواسطة الأقمار الصناعية، إضافة إلى تفريع البيانات إلكترونياً للمدَّعى عليه؛ حتى يتعرف محضر الخصوم بدقة على المدَّعى عليه، ويقوم بتسليمه بلاغ الادعاء بواسطة أجهزة تقنية “GPS” ، توفرها وزارة العدل للمحضرين، وتساعد على الوصول إلى المكان المقصود بسهولة”.
وأردف “الخريجي”: “سيتم تخصيص رقم لكل طلب يتقدم به المدعي، ولكن هذا الرقم لا يحسب على وزارة العدل والمحكمة كقضية تحمل رقماً إلا بعد حضور المدعي إلى قسم الإحالات في المحكمة المختصة من أجل التحقق من صحة البيانات المدخلة بمعرفة الموظف المختص، ومطابقة المعلومات بالواقع”.
وتابع: “خلال فترة لا تزيد على خمس دقائق سيتم قبول الدعوى وإحالتها إلى الدائرة المختصة تمهيداً لنظرها خلال أسبوعين كحد أقصى، وقد تكون المدة أقل من ذلك إذا تم تحديد مكان المدَّعى عليه، وكان من السهل التواصل معه”. وقال: “فيما يتعلق بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة خصصت المحكمة موظفاً لتسهيل عملية قبول الدعاوى وتدقيقها في المحكمة، والأمر نفسه بالنسبة للسيدات؛ إذ يتم تخصيص عناصر نسائية لتسهيل العملية، ومعاونة من لا تستطيع الكتابة في تسجيل البيانات تمهيداً لعرضها على الموظف المختص بالتعاون مع مكتب الخدمة الاجتماعية في المحكمة”.
الجدير بالذكر أن دائرة الأحوال الشخصية المخصصة في الرياض تستقبل دعاوى القضايا الأسرية والخلافات الزوجية في الوقت الحالي. علماُ بأنها تقع داخل مبنى مستقل، تم فصله مؤخراً عن المحكمة العامة في شارع الوشم، ويرأسها الشيخ عبد الله بن صالح الخريجي.
وفيما يتعلق بالنظام العام لدوائر الأحوال الشخصية الجديد فهي مكلفة بالنظر في القضايا الجديدة، والقضايا التي تنقضها محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، إضافة إلى القضايا الناشئة والقضايا المحالة.
وقد بدأ العمل حالياً في خمس دوائر، على أن يتسع مستقبلاً ليشمل 17 دائرة. وتتطلع دائرة الأحوال الشخصية إلى التحول لمحكمة مستقلة قريباً.
وساهمت أقسام الخدمة الاجتماعية في هذه الدائرة في إيجاد الحل لمشكلة تسلم الأطفال بين الوالدين “المتحاكمين” كبديل عن مراكز الشرطة؛ إذ تم تخصيص “حضانات” للأطفال حكومية وأهلية؛ ما انعكس بشكل إيجابي على نفسية الأطفال ووالديهم.