– أغلب متعاطيه مرضى نفسيون وشكّاكون.. وبعضهم يبيع نفسه وآخرون يقتلون.. والتجار يستدرجونهم بالضحك والنكات.
– جريمة “أبو ملعقة” وسقوط سيارة “التاهو”، ورهْن الأب لابنه، وإعلان المواقع عن بيع “الحشيش” تدل على انتشاره.
– مصدر أمني: “البيّاعون” ينتشرون في الأحياء الشعبية وبعض الموظفين المدمنين يستخدم “البخور” في المكاتب لتغطية “الريحة”.
– الأطباء يُحذّرون: “حشيش” السعودية مخلوط بالحبوب والكيماويات الخطرة التي تسبب الإدمان السريع.
– “أبو تركي”: كلها أوهام تُذهب العقل والصحة والفلوس، وسجاير الحشيش ليست حلاً لمشاكل الدنيا.
– “أبو فضي”: “الصنف” متوفر، ويُوزع عن طريق توصيل الطلبات، والنساء بدأت تدخنه.
– أخصائية نفسية: التعاطي يعود لأسباب نفسية، و”المحشش” يعاني الشكوك والضلالات وقد ينحر زوجته ووالديه.
بعد الحوادث المروّعة الأخيرة التي هزت المجتمع كجريمة القتل البشعة التي ارتكبها المحشش “أبو ملعقة”، وحادثة سقوط سيارة “التاهو” من جسر عتيقة بسبب سائق “محشش”، وضبط أب عربي رَهَن ابنه عند تاجر “حشيش”، والقبض على عامل عربي آخر روّج “الصنف” على النساء في محل البخور، وضبط آسيويين يديرون مزرعة “للكيف” في الباحة، وقيام أحد المواقع السعودية المعروفة بنشر إعلان عن بيع “الحشيش”، وغيرها من الحوادث الغريبة المرتبطة بتعاطي، وتدخين، وترويج “الحشيش” بمسمياته المختلفة كـ”الصنف” أو “المزاج” أو “الكيف”.. بعد كل هذه الحوادث المؤسفة وغيرها يتساءل الكثير في المجتمع السعودي: عن مدى ارتباط هذه الحوادث بتزايد تهريب وتعاطي “الحشيش” المخدر؟ وهل هو ينتشر بيننا بهذه الكثافة؟ وكيف يمكن مكافحة هذه الآفة الخطيرة، وتفعيل التوعية المستمرة بأضراره العقلية والنفسية على الشباب؟
الإجابة على هذه التساؤلات من خلال التحقيق التالي:
70 % من التلاميذ
تشير إحدى الدراسات التي قامت بها المديرية العامة لمكافحة المخدرات السعودية إلى أن 70% من مدمني “الحشيش” اكتشفوه في المدارس بمختلف مراحلها. وطبقاً لتصريح مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبدالإله الشريف؛ فإن نسبة المتعالجين من تعاطي مادة الحشيش في مستشفيات الأمل السعودية تبلغ نحو 25%.
ويؤكد تقرير دولي صادر عن منظمة الصحة العالمية، الاستخدام المرتفع للحشيش المخدر بين العمالة الأجنبية في دول الخليج العربي.
واقع تعاطي الحشيش
وعن واقع تعاطي الحشيش يكشف أحد المصادر الأمنية أن الحشيش المخدر متوفر في السعودية كأي مجتمع آخر؛ برغم جهود رجال مكافحة المخدرات في الحد منه، مؤكداً أن الإحصائيات، والضبطيات تشير إلى أن أغلبه يُهَرّب عن طريق اليمن، ومصدره الرئيس: لبنان، وإسرائيل، وإيران.. وغيرها،
الأحياء الشعبية
ويتابع المصدر موضحاً أماكن وطرق انتشار مادة “الحشيش” المخدّرة؛ حيث يقول: “إن بيّاعي الحشيش ينتشرون في الأحياء الشعبية، والتجمعات، والمناسبات الخاصة، ويلجؤون لتحبيب الشباب فيه من خلال ربطه بجلسات الضحك، والترفيه، ونكات “الحشيش” و”المحششين”، والتي اعتبرتها إدارة مكافحة المخدرات بمثابة دعوة وتشجيع على تعاطيه؛ فعلى سبيل المثال تجاوز “الفلورز” لحساب “نكت محششين” على “تويتر” أكثر من 144 ألف متابع. وعلى “الفيسبوك” زاد عدد المعجبين بصفحة “حكمة محشش” عن مليون و222 ألف شخص”.
المحشش مريض
وعن كيفية كشف المتعاطي أو تمييزه، يقول المصدر: “نعتبر المحشش مريضاً يجب علاجه، وله علامات شكلية معروفة؛ أهمها: كثرة استعمال قطرات العين لتخفيف الاحمرار الدائم، وسواد أطراف الأصابع، وتسوس الأسنان، وسواد طرف مفاتيح سيارته بسبب توليعه قطعة الحشيش “النكس” عليها لتذوب، وهناك بعض الحالات لموظفين ضُبطوا يتعاطون أثناء العمل، وكشفهم كثرة استخدام “البخور” داخل المكاتب لتغطية الرائحة، وبعضهم يعيش “مسطولاً” في أغلب ساعات يومه”.
ويؤكد المصدر الأمني أن الأطباء يحذّرون من أن “الحشيش” في السعودية يُخلط بكثير من الحبوب، والكيماويات الخطرة التي تسبب الإدمان في أسرع وقت.
ولكن ماذا عن “المحششين” في السعودية ما هي آرائهم؟ وكيف يرون تعاطيهم لـ”الصنف”؟.. نتعرف على ذلك بالالتقاء بعدد منهم.
تجارب خاسرة
يقول “أبو تركي” (متعاطٍ سابق): “الحشيش بمختلف أشكاله وألوانه وأنواعه أوهام تُذهب عقل “المحشش”، ويخسر صحته وفلوسه وكرامته؛ فعندما لا يجد قيمة الحشيش يلجأ إلى الحرام أو بيع جسده، وعندما يحشش يعتقد نفسه شخصية مهمة، وأحياناً يدّعي أنه المهدي المنتظر”. وعن تجربته السابقة، يقول: “رحلتي مع “الصنف” كانت عن طريق زميل في العمل دعاني لتدخين سيجارة ملفوفة في سيارته، وأحببت التجربة، واستمريت لسنوات؛ لكن مع مرور الوقت عرفت أنني خسرت كل شيء مادياً وصحياً واجتماعياً؛ فالمزاج كان يكلفني 6000 ريال شهرياً؛ غير التعب البدني والخوف والوسواس.. فقررت بعون الله، ومساعدة عائلتي، وبرامج العلاج البدء برحلة التوقف الصعبة، والحمد لله الآن أنا متعافى تماماً؛ فسيجارة “الحشيش” ليست حلاً لمشاكل الدنيا”.
أما “م. د”؛ فيقول بعد أن أخذ نفساً عميقاً: “نعم تعاطيت الحشيش من فترة طويلة، ولا أشعر بأي أعراض الإدمان”، ويضيف أنه يدخّن الحشيش يومياً، وفي نهاية الأسبوع يستهلك أكثر -خصوصاً مع “جماعة” الأصدقاء- والشلة. ويؤكد أن صاروخ الحشيش الواحد من البيّاعين غالٍ؛ لكنّه أفضل من “السجاير الفك”، “والله يفكنا منه”؛ على حد قوله.
حسب الطلب
ويقول “أبو فضي” (موزع): “من تاب تاب الله عليه.. أنا انتهيت من هذه الشغلة للأبد.. ولكن بصراحة الحشيش متوفر، وأحياناً نوزعه على الدباب كتوصيل الطلبات مثل البقالات والمطاعم، وهناك طلب عليه حتى من النساء”. ويؤكد “أبو فضي” أن الكثير يعتقدون أنه يساعد على “الوناسة” وإطالة الجنس، وهذا غير صحيح فـ”المحشش” ينعزل عن الناس، ويخاف الأماكن العامة، ويصاب بالهزال والهلوسة والضعف الجنسي. وعن تكلفة تدخينه، يقول “تتراوح بين 100 ريال للحشيش الرديئ “الهندي”، و500 للحشيش اللبناني أو المغربي، والأسعار تختلف حسب نوعيته، وجودته. وللتمويه تُطلق عليه أسماء غريبة، وأحياناً مضحكة على أصناف الحشيش؛ مثل صنف “المهدي” المركز، و”أبو عكاز”، و”الشايب”، و”جميلة”، “ودع أهلك”.. وغيرها، والأسماء تتغير باستمرار حسب المناسبات والأحداث والشخصيات المشهورة والأصناف التي تُباع؛ وعموماً تكلف “بلاطة” الحشيش الواحدة من 6000 ريال إلى 15 ألف ريال حسب الجودة، وتكفي لفترة طويلة”.
عالم “ثانٍ”
ومن جانبه يشير أحد المتعاطين، ويُدعى باللقب “أبو سراج”، إلى أن تعاطي الحشيش يُدخله عالماً “ثانياً”، وينسى همومه، وهو يبدأ يومه بسيجارة “ترويقة” صباحية، وأخرى بعد العشاء؛ لكنه أصبح يدخنها في معظم الأوقات عندما تتوفر؛ على حد وصفه.
ويقول “أبو سراج”: “نعم ارتبط الحشيش بجلسات الضحك، وعدم الإزعاج أو وجود أحد يعكر المزاج”. ويضيف أن انتشار تدخين الحشيش في بعض الأحياء مرتبط بتزايد بيع ورق اللفّ أو ما يعرف بـ”ورق الشام”.
يؤدي للقتل
وعن رأي الطب في أضرار تعاطي الحشيش المخدر، تقول الدكتور هنادي الشهري، أخصائية نفسية: “إن المجتمع السعودي كبقية المجتمعات يعاني من تعاطي بعض أنواع المخدرات؛ إلا أن النسب ليست عالية كما يتوقع البعض؛ لكنها تشير إلى أن تعاطي الحشيش موجود في المجتمع السعودي، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والدليل إحصائيات مجمع الأمل، والسجون التي تثبت ذلك”.
وعن الأسباب التي تدفع لتعاطي الحشيش، قالت الدكتورة هنادي: “أولاً هناك استعداد نفسي وجيني لدى المتعاطي للاستخدام؛ إما بسبب وضعه الاجتماعي، أو الاكتئاب الذي يعيشه، أو تقليد الأصدقاء، أو ما يراه على الشاشة من مشاهد كوميدية لجلسات التعاطي تحبّب له شخصية “المحشش”، وتدفعه لتقليدها”. وعن العلامات الدالة على “المتعاطي”، تقول الدكتورة هنادي: “أولاً العدوانية، والضلالات، وأحياناً تبلّد في المشاعر، ووجود أفكار خاطئة، والشكوك في سلوك النساء المحيطين به كزوجته وأمه وأخته، والاعتداء على الآخرين بالضرب حتى والديه، وقد تصل للقتل والنحر؛ كما في حوادث كثيرة سمعنا عنها”، وتؤكد أن تعاطي الحشيش يشكّل بداية الدخول في عالم المخدرات.