· “الاقتصاديون”: ديون تراكمية وستأتي لحظة وينفجر فيها البالون
· امتدت تجارتها للسيارات والعقارات والمزارع والخيول والأغنام
· “أبو رمش” أول من بدأ عملياتها فسميت باسمه
· “الوسطاء”: لا نغش أحداً، نشتري بالآجل ونبيع بالنقد لتوفير السيولة
· وزير التجارة نصح بعدم التورط مع “المرمشين” عبر “تويتر”
· الشيخ علي الشبيلي: جائزة لكن بشروط
-باتت ظاهرة “الترميش” حديث المجالس في مناطق شمال المملكة، وامتدت حتى أصبحت حديث المجتمع السعودي واعتبرها البعض طريقاً سريعاً لثراء البائعين، في حين رأها آخرون وسيلة لتراكم الديون على “المرمشين”، ومن ثم انفجار البالون وظهور الأزمة.
“احد المصادر” تجولت في معارض تبوك للسيارات ولاحظت أن البيع يشهد إقبالاً كبيراً رغم أن عمليات البيع تتم خارج أسوار المعارض ودون أختام رسمية على الكمبيالات.
وصف الظاهرة
عُرف “الترميش” بعملية بيع سلعة بالآجل لعدة شهور بثمن يتعدى الضعف في الغالب بحيث يقوم بعض التجار ويطلق عليهم “المُـرَمشين” بشراء سيارات من عامة الناس بالآجل على مهلة غالباً لا تتعدى أربعة أشهر يتم السداد في نهايتها كامل المبلغ ويتم الشراء مقابل مبالغ تعتبر أضعاف قيمة السيارة بضمان كمبيالة موقعة من المشتري, وفي المقابل يكون هناك تجار يُسَمَّون “شريطية” يتلقفون السيارات التي اشتراها “المرمش” بالآجل ويشترونها منه عبر مزاد بينهم بمبلغ نقدي “كاش” يقل في الحقيقة عن قيمتها السوقية بشكل كبير.
وأطلقت هذه التسمية “الترميش” نسبةً لأول شخص بدأ بهذه العمليات من الشراء في محافظة العلا يُكنى “أبو رمش” قبل نحو ثلاث سنوات, إلى أن صارت له نسخ في المدينة وتبوك تبيع بنفس النظام.
والغريب أن هؤلاء الأشخاص يقومون بالسداد في الوقت المحدد ولم ترد لمراكز الشرط أو الحقوق شكاوى مالية عليهم – على الأقل حتى هذه اللحظة- ولكن خبراء الاقتصاد قالوا إن هذه عبارة عن ديون تراكيمة وسوف تأتي لحظة ينفجر فيها البالون المزعوم.
كل شيء قابل للترميش
التقت “احد المصادر” المواطن سليمان العطوي الذي قال: “الحمد لله على نعمة العقل، فالإنسان العاقل لا يغامر بماله في مصير مجهول”، وعن سبب قدومه لموقع الترميش أوضح: “جئت للتفرجة وقد تعجبت بأن الترميش وصل لكل السلع، فتجاوز السيارات إلى العقارات والمزارع، وقد شهدت قبل قليل مزاداً على أغنام وخيول سيقت للبيع النقدي بعد ترميشها بالآجل.
وأكد أحد الوسطاء في البيع -رفض ذكر اسمه- قائلاً: “نحن لا نغش أحداً، نشتري بالآجل ونبيع بالنقد لتوفير السيولة التي نشغلها بنشاطات مختلفة لسداد الناس بالوقت المناسب.
ويروي المواطن محمد العنزي موضحاً: “لقد رمشت سيارتين واستلمت ثمن واحدة منهما أمس بينما الأخرى موعدها في 30 شعبان القادم”, وعن المخاطرة قال العنزي: “هم ناس ثقة أعرفهم جيداً لذلك أنا شخصياً لا اعتبرها مغامرة, ولا أرى مكاناً للخطورة”.
وشاهدت ، على الجانب الآخر، أشخاصاً كثيرين غلب عليهم التردد في ترميش سياراتهم نتيجة خطورة المغامرة في حين تعثر السداد, ويقفون بالمقابل موقف الحائر أمام المبالغ المغرية التي يضعها المرمشون نظير شراء السيارات منهم بالآجل.
وعلى الصعيد الرسمي تقف وزارة التجارة موقف المتفرج ولم تتخذ بحقهم أي إجراء, عدا أن وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة نصح بتجنب هؤلاء الأشخاص وعدم التورط معهم عبر حسابه الرسمي في تويتر.
وتخوف المواطنون خلال جولة “احد المصادر” من تكرار أزمة المساهمات وأزمة سوق الأسهم .
الحكم الشرعي
يقول الشيخ علي الشبيلي: “فيما يتعلق بشراء السلع بالآجل الأصل فيه الجواز, وفي بعض المناطق ظهرت وانتشرت بطريقة أن يشتري المشتري السيارة على أن يسددها بعد أربعة أشهر بضعف ثمنها أو بقيمة يحددونها بينهم، وعادةً تكون جائزة بشرط أن تنتقل ملكية السيارة بالكامل للمشتري وينقلها باسمه بالاستمارة انتقالاً صحيحاً ويشترط أن يسلم المشتري المبلغ المتفق عليه للبائع في الموعد المحدد”.
وأضاف الشبيلي موضحاً :”ولكن مع الأسف اشتهار مثل هذه العمليات عند أشخاص محددين أدخل الريبة في النفوس بأنها عمليات توظيف أموال، ومثل هذه العمليات هي من حيل غسيل الأموال وبالرجوع للجهة المسؤولة لدينا في المملكة العربية السعودية نجد أنه حصل التنبيه بعدم التورط مع هؤلاء لكي لا يغترّ المواطنون والمقيمون بمثل هذه العمليات مثل تدبيل قيمة السيارات بالآجل وبيع التيدرات بقيمة مضاعفة ويغتر بها كثير من الناس نتيجة الربح مئة بالمئة دون النظر لحقيقة العقد ومقتضاه، ففي طبيعة الإسلام عقود البيع وما يتفرع منها مثل الاستئجار والرهن وغيرها، الأصل أنها مباحة إذا لم تخالف شرع الله وإذا رضي فيها الطرفان رضا على البيّنة الصحيحة التي ليس فيها غرر أو غبن ولا جهالة ولا لف ولا دوران.
واستطرد: “نحن ننظر للعقود التجارية الآن نظرتين: الأولى في ظاهر العقد هل هو صحيح أم فيه مآخذ شريعة من حيث الشروط المتعلقة بالبيع المنهي عنها وما إلى ذلك, والنظرة الأخرى في حقيقة العقد ومقصوده ومقتضاه هل حقيقته تجارة وتبادل سلع بين أطراف معينة أم أنها مالٌ بمال أو دراهم بدراهم ولعب على العوام ومن يجهلون بنود البيع الصحيح الشرعي، فإذا تبيّن لنا هذا الأمر وأنه تحايل على البيع الشرعي أو لعب على الناس أو بيع وشراء وهمي أو أنه يحصل بهم ما يسمى بغسيل الأموال أو توظيف الأموال توظيفاً محرماً، وكل هذه الحالات تجعل العقد محرماً في حقيقته وإن كان ظاهره سالماً, ولهذا صدرت الفتوى الشرعية بتحريم هذا التعامل بناءً لكثرة القضايا الواردة في مثل هذا الأمر وبناءً على تنبيه وتحذير الجهة المسؤولة وهي وزارة التجارة والصناعة من مثل هذه المعاملات”.