تعد المواصلات الحديثة في مختلف الدول شريان الحياة، ووسائل تواصل، وتفاعلاً مهماً بين البشر، والمناطق اجتماعياً، واقتصادياً، وهي أحد أهم عوامل التنمية والتطور.. ولذا تحرص عليها المجتمعات وتحتل أولوياتها التنموية، وتمثل القطارات الصدارة بين وسائل النقل في مختلف البلدان، ومن أجلها تنتظم الأوقات، وتبرمج الرحلات، وتضبط المسارات، وتفعّل الشبكات بشكل دقيق يحترم المسافرين، ويقدر الدور المهم الذي تلعبه في حياة المدن، والبشر، والاقتصاد، رغم الظروف الجوية الصعبة في بعض الدول كالسيول الكثيفة، والأمطار الغزيرة، وتراكم الثلوج، والتضاريس الجغرافية الوعرة.
وفي بلد غني ممتد الأطراف، ومتعدّد الأقاليم، والمدن، والمناطق، والقرى – كبلدنا – ما أحوجنا إلى قطارات منتظمة، دقيقة، و”صالحة للعمل” في ظل حالة التردي المستمرة للطرق بين مدننا. وما أحوجنا لأن تصبح قطاراتنا إحدى أهم وسائل المواصلات التي نعتمد عليها مستقبلاً في ظل النمو السكاني، والتنامي الاقتصادي الكبير.
إن مَن ينظر إلى واقع قطارنا “اليتيم” الذي يسير في الاتجاهين فقط “الدمام – الرياض”، ويربط المنطقة الشرقية اقتصادياً، واجتماعياً بالعاصمة بطول 449 كم، والذي رغم تجاوزه 60 عاماً، ومسؤولياته المحدودة، ورحلاته المعروفة، ومساراته المبرمجة؛ إلا أنه يتألم كثيراً بعدم قدرتنا وعجزنا الكبير عن تسييره كبقية قطارات دول العالم الأخرى، فما زالت الشكاوى، والملاحظات، والانتقادات من الركاب تتزايد حوله وبشأنه بما لا يليق بما يُنفَق عليه من ميزانيات بالملايين سنوياً.
من هذا المنطلق يوجد عدداً من التساؤلات على رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية المهندس محمد السويكت؛ من أجل فهم إشكالية الواقع المتردي لهذا القطار ذي الاتجاهين فقط، ومشكلاته المزمنة التي لم تحل حتى الآن متطلعين إلى إجابات مقنعة:
– فيا معالي رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية: متى نرى قطاراً محلياً رحلاته منتظمة، وخدماته مرضية، وركابه سعداء بما يرونه من تطور في التوقيت، والمقاعد، والحجوزات، والمحطات التي يقطعها؟
– متى تدعون الشركات العالمية المتخصّصة لتحديث وتطوير مسار القطار الحالي، والحد من مشكلاته كما وعدتم في أكثر من تصريح صحفي؟
– أين تحديث أنظمة، وآليات العمل، وتطوير الإجراءات، والتجهيزات، وعمليات الحجز، وتقديم الخدمات المطلوبة للمسافرين، والوقوف على المرافق، وصالات الركاب الداخلية، ومكاتب الحجز، ومستودع العفش؟
– إلى متى يتعرّض قطار الدمام – الرياض للحوادث بسبب سوء الأحوال الجوية، والرياح المثيرة للغبار، وزحف الرمال.. المعروفة لدينا بموعد هبوبها ونشاطها؛ دون وضعكم حلولاً لهذه الإشكالية السنوية؟
– إلى متى تضطر قطارات الدمام – الرياض للتوقف في الصحراء بسبب عطل في مولداتها، ويعاني المسافرين إما من ظلامٍ دامس أو حر شديد، وخوف، ورعب؟
– لماذا لا تزال مشاريعكم مترهلة، ويتندر أفراد المجتمع بحوادث صدم قطاراتكم ذات المسار الواحد للحيوانات السائبة، والانزلاقات في ظروف بدائية غريبة؟
– أين المشروعات التي سيتم تنفيذها على الخط الحديدي بين الرياض والخرج، وجاهزية محطة الخرج لتسيير قطارات الركاب.. كما أكدتم في أكثر من مناسبة؟
– أين استقطاب الكفاءات العلمية، وإلحاقها ببرامج تدريبية متخصّصة في مجال السكك الحديدية داخل السعودية وخارجها، وتوفير فرص التدريب المهني للسعوديين؟
– أين الرحلات المضافة في جذب مزيد من العملاء، والمقاعد المريحة، وتوافر وسائل الترفيه المختلفة كخدمة الاتصال اللاسلكي وشبكة الإنترنت؟
– ثم إلى أي مدى ستصدق وعودكم بأن شبكة القطارات في السعودية ستضاهي شبكات دول متقدمة مثل إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا خلال سنوات قليلة؟
– كيف يرى معاليكم كل هذه التصريحات الإعلامية المدوية، وليس لدينا إلا بضعة قطارات هي أساساً لنقل البضائع؟ فأين أنتم من “النمذجة” اليابانية، والصينية وغيرهما؟ وكيف تفسر لنا أن الشركات العالمية نفسها التي تنفذ تلك المشاريع الفريدة تنفذها لدينا بطريقة عرجاء؟
– متى توفرون وسائل السلامة على حركة القطارات ومركباتها؟
– ماذا تم بشأن ما أعلنتم من وجود خطة سعودية – إسبانية لتأهيل وتدريب 70 % من العاملين من الشباب السعودي خلال 12 سنة قادمة؟
– ماذا تمّ بشأن تحسين الأوضاع الوظيفية للموظفين العاملين على قطار الدمام – الرياض؟
– لماذا يتم تغيير أو تأجيل مواعيد رحلات القطارات بشكل مستمر دون إخطار المسافرين؟
– أين تعاقدكم مع الشركات الإسبانية بقيمة 600 مليون ريال لتشغيل القطارات وتطوير رحلاتها اليومية؟
– لماذا يتم بشكل دوري إغلاق الخط الحديدي، وتعليق جميع رحلات الدمام – الرياض وغيرها من المحطات في بقيق، والهفوف، والأحساء، والدمام .. إلخ؟
– كيف تبرّرون البقاء في عصر “الديزل” بطاقته المحدودة دون الانتقال لآخر تطورات هذه التقنية العالية؟
– أليس غريباً جداً أن تحصل الدول الفقيرة على خدمات قطارات متقدمة، وحديثة دون مشكلات في الوقت الذي تعاني فيه السعودية مشكلات وتعقيدات إدارية يفترض ألا تحدث أبداً؟
– كيف يبرّر معاليكم تعطل القطارات الجديدة في أول أيام عملها، وهي من تصنيع شركة إسبانية شهيرة بقيمة 612 مليون ريال؟
– لماذا لا يقر معاليكم بتدني المستوى الإداري والتنظيمي للمؤسسة؟
– أليس مزعجاً لكم أنه حتى شركات التأمين المحلية رفضت التأمين على قطاراتكم العتيقة فلجأتم للوسطاء الخارجيين؟
فيا معالي الرئيس لم يعد هناك مجالٌ لإخفاء القصور، فقد أثبتت تحقيقات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة”، حجم الأخطاء، وتزايد المشكلات، وشبهات الفساد العديدة .. وأن مشاريعكم التي بالمليارات لا نرى لها واقعاً ملموساً وتطوراً على أرض الواقع يلبي طموحات المواطن، وتطلعات القيادة.. فإن كانت المسؤولية كبيرة، والأمانة لا تُصان.. فرحم الله مَن أراح واستراح وترجّل ليفسح المجال لقيادات جديدة قادرة على تطويع الموارد المالية والبشرية من أجل واقعٍ جديدٍ مثمرٍ بالعطاء.