اعتبر ملا مجيد البلوشي المتحدث الرسمي باللغة العربية لـ”حقوق الإنسان البلوشي” أن نجاح حركة “جيش العدل البلوشية” في أسر 5 عسكريين إيرانيين في إقليم بلوشستان (شرق إيران) أظهر هشاشة طهران وقواتها العسكرية.
وتوعد مجيد في حوار بخطف المزيد من الجنود الإيرانيين في حال لم تفرج طهران عن الأسرى البلوشيين في سجونها، معتبرًا أن عملية الخطف التي تم تنفيذها في فبراير الماضي كانت رسالة قوية لطهران بأن البلوش ليسوا قادرين فقط على قتل جنودها من بعيد، بل وعلى اختراق نقاطها الأمنية وأسر جنودها ثم المغادرة بهم أحياء.
وأكد أن المقاومة البلوشية التي بدأت منذ الاحتلال الإيراني لبلاده عام 1928 لاتزال مستمرة ولن تتوقف، مؤكدا أن حقوق الشعوب لا تسترد بالمفاوضات وإنما بالنضال المسلح.
ونفى في الوقت ذاته اتهامات طهران بوقوف السعودية أو غيرها من دول الإقليم وراء حركات المقاومة السنية البلوشية.
يُذكر أن البلوش أحد الأعراق السنية التي تسكن إقليم بلوشستان الواقع بين باكستان وإيران وجزء بسيط من أفغانستان وكانت لهم مملكتهم الخاصة قبل أن تحتل إيران الجزء الغربي منها عام 1928م وتأخذ باكستان الجزء المتبقي أثناء استقلالها عن الهند عام 1948.
وفما يلي نص الحوار:
* بداية.. متى بدأ النضال البلوشي ضد إيران؟
نحن شعب محتل منذ 1928، والإعلام يتجاهلنا، والدول كذلك، لذا لا يعرف الكثيرون تاريخنا النضالي الذي بدأ مع بداية الاحتلال الإيراني، وذلك عن طريق حركات وأحزاب سياسية من قومية ويسارية وغيرهما، لكن ومع بداية التسعينيات بدأت المقاومة البلوشية تأخذ الطابع المسلح في ظل حركات إسلامية.
* ولماذا كان التحول من السياسة إلى السلاح؟
حقوق الشعوب وتحرير البلاد لا يأتيان بالمفاوضات التي تعقد في العواصم الغربية مثل جنيف ولندن، هذا درس تعلمناه جيدًا، والآن نقول لإيران إنها معركة حتى التحرير.
* حسنًا.. وما هي هذه الحركات المسلحة؟
بدأت المقاومة بـ “جيش الفرقان” تحت قيادة “ملا درخشان” وذلك غضبا من القمع الديني والعرقي المستمرين من حكومة طهران ضد البلوشيين، وكانت بسيطة في بداياتها ثم أصبحت صلبة وكثر الملتحقون بها، واستمرت حتى إعدام “ملا درخشان”، لكنه قبل إعدامه كان قد زرع بذرة المقاومة.
* وما هي قصة “جند الله” و”عبد المالك ريغي” الذي أعدمته إيران في 2010؟
ريغي كان طالبا بسيطا في مدرسة دينية، وفي عمر السابعة عشرة كتب مقالا تحت عنوان “عفة عائشة” (أم المؤمنين رضي الله عنها) ونشره في مجلة بلوشية محلية، فتعرض بعدها للاعتقال والتعذيب الشديد من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، فخرج وهو لا يرى إلا المقاومة المسلحة سبيلا لتخليص البلوش من هذا القمع الطائفي.
فبدأ رحلة المقاومة في عمر الثانية والعشرين، حيث أسس حركة “جند الله” التي استمرت تقض مضاجع طهران لنحو 10 سنوات، قبل أن يقبض عليه، وتعلن إيران تمثيليتها التي أرادت أن تدعي البطولة فيها قائلة إن استخباراتها حددت موقع “عبدالمالك ريغي” وأنها طاردت طائرة كانت تقله وأجبرتها على الهبوط لتعتقله على متنها، وهذه رواية كاذبة بالكامل، لأن ريغي كان معتقلا لدى الإيرانيين قبل أسبوع من إعلان خبر القبض عليه بعد تسليمه لهم من قبل باكستان، وهو ما أكده أكد السفير الباكستاني في طهران حينها “محمد عباسي”.
* إذن .. لماذا ادعت إيران القبض عليه وإنزال طائرة كانت تقله؟
ريغي أوجع الإيرانيين كثيرا، وكانوا يريدون إنجازا يفخرون به أمام شعبهم يصحح الصورة التي هزها ريغي ومن ورائه عناصر “جند الله” بسبب عملياتها ضد النظام الإيراني بعدما تمكَّنوا من استهداف موكب للرئيس الإيراني أحمدي نجاد عام 2005 وهو ما اعترفت به الجريدة الحكومية الرسمية “جمهوري إسلامي” في 17 ديسمبر 2005.
وذكرت الصحيفة أن موكب نجاد تعرض للهجوم على طريق زابول- سروان السريع، وقُتل أحد حراسه ومعه سائق محلي وجرح حارس آخر.
ولكن في الأسبوع نفسه، أصدرت الحكومة الإيرانية بيانًا تقول فيه إن نجاد لم يكن موجودًا في وقت الهجوم، وأن الهجوم لم يكن محاولة لاغتياله.
* بعد هذه المقدمة.. نتحدث عن جيش العدل، ولماذا اختطف جنودا إيرانيين ثم أفرج عنهم؟
لم يتم الإفراج عنهم دون مقابل، فقد نقل شيوخ قبائل البلوش وشيوخ السنة وعودا بالإفراج عن الأسرى البلوش في السجون الإيرانية، كما أنهم قدموا لقادة جيش العدل بالمصاحف، ومن يأتي بالقرآن لا يرده البلوش.
كما أننا نحترم بشدة شيوخ الدين لدينا وعندما يطلب الشيخ عبد الحميد إسماعيل (شيخ السنة في إيران) من عناصر جيش العدل الإفراج عن الأسرى فبالتأكيد سوف يفرجون عنهم، وإن نكثت طهران بوعدها ولم تفرج عن أسرانا سوف يتم أسر المزيد من جنودها.
* لماذا لجأ جيش العدل إلى أسر5 عسكريين إيرانيين؟
هذه رسالة واضحة لطهران، نحن نريد حقوقنا ولن نصمت عنها، وأنتم أضعف مما تقولون، نحن لا نستطيع قتل جنودكم من بعيد فقط، بل نستطيع اختراق مواقعكم الأمنية والعسكرية ونقتل جنودكم، ونأسرهم ونغادر بهم أحياء، وهذا يستلزم سيطرة كبيرة على موقع الاشتباك.
ولكن ردهم على ذلك كان مخزيا، حيث أعدموا بعد العملية فورا 16 بلوشيا لا علاقة لهم بجيش العدل، ولكن فقط للانتقام والتشفي.
* وكيف كان الرد على هذه الإعدامات؟
القاضي الذي أمر بالإعدام تمت تصفيته على يد “جيش العدل” في مدينة زابل ببلوشستان
* هل تتوقع أن ضغوطا مورست على شيوخ القبائل أو شيوخ السنة للتوسط لدى جيش العدل ؟
بالتأكيد كانت هناك ضغوط عليهم، والأدهى أنه فور الإفراج عن الأسرى الإيرانيين بدأت حملة في صحف طهران ضد شيخ السنة بإيران (الشيخ عبد الحميد) ونخشى أن يتم اغتياله قريبا، فهناك غضب من نجاحه في الوساطة لأجل الإفراج عن الأسرى وهو ما عجزت عنه الحكومة الإيرانية، وعادة طهران هي تشويه سمعة الشخص قبل قتله، وهو ما يحدث الآن بجانب التضييق عليه.
* هناك حديث كثير من إيران عن تمويلكم.. مرة من السعودية ومرة من إسرائيل، ما ردكم؟
هذا التناقض مفهوم؛ لأنه ينطلق من أكاذيب، المقاومة البلوشية لا تتلقى التمويل من أحد، لا من دول الإقليم ولا من غيرها، كما أنها لا ترتبط بالقاعدة أوغيرها من الحركات المتشددة دينيا، المقاومة البلوشية حركة تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال، تمويلنا بسيط من أبناء الشعب، أسلحتنا متواضعة، ومقاتلونا من بلادنا.
* وفي ظل هذا التمويل البسيط والأسلحة المتواضعة، هل لديكم أمل في التحرر من إيران؟
أنت عربي وتعرف النخلة.
* ( المحاور): نعم أعرفها
هل تزرعها لتأكل منها؟
* (المحاور) النخل والزيتون نزرعها ليأكل منها أولادنا وأحفادنا
ونحن كذلك نزرع المقاومة لينعم أولادنا وأحفادنا بالحرية.
* نريد كلمة أخيرة ؟
نقول لإيران: رؤوسنا قد تقطع، ولكنها لن تنحني.