- رئيس وأعضاء هيئة كبار علماء موريتانيا يكرمون الشيخ د.العيسى
- نواكشوط تجمع وفود المفتين وكبار العلماء من خمسين دولة للحديث عن القيم الأخلاقية في السيرة النبوية
- د.العيسى: الإسلام أول من نقض أطروحة حتمية الصدام الحضاري
- د.العيسى: حكمة الإسلام استوعبت حتمية الاختلاف والتنوع فدعت إلى ضرورة التعايُش بين الجميع
انطلق في نواكشوط المؤتمر الدولي للقيم الأخلاقية في السيرة النبوية في نسخته الجديدة والاستثنائية، وقد توافد على المؤتمر المفتون وكبار العلماء من أكثر من خمسين دولة.
وقد رعى انطلاقة المؤتمر فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي أكد للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين والضيف الرئيس للمؤتمر الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في لقاء معاليه بفخامته في القصر الرئاسي، أكد اعتزاز موريتانيا بإقامة هذا المؤتمر متحدثاً عن أفضل وأعظم سيرة وهي سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا اللقاء، قلد الرئيس الموريتاني الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وسام الاستحقاق الوطني الموريتاني؛ نظير جهوده الدولية في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وتم ذلك عبر مراسم توسيم حضرها عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الموريتانيين، تلا ذلك تكريم الشيخ العيسى من قبل رئيس وأعضاء هيئة كبار علماء موريتانيا.
وفي حفل افتتاح المؤتمر تحدث الشيخ د. العيسى لجمع المؤتمرين من كبار العلماء والشخصيات الإسلامية المشاركة قائلاً: “أسعد هذا اليوم والجمع المبارك من علماء الأمة الإسلامية بلقاءٍ إيمانيٍّ حافلٍ بجمال وجلال السيرة النبوية المطهرة في فصل مهم من فصولها العظيمة يعنى بالقيم الأخلاقية في السيرة العطرة وأثر ذلك على سلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية، وكلُّ سيرةِ سيدنا الكريم صلى الله عليه وسلم قيمٌ أخلاقية وسلامٌ على العالمين”.
وأضاف: “نعم نسعد بهذا المؤتمر حول أعظم سيرة. سيرةِ نبينا وسيدنا الكريم صلى الله عليه وسلم. من أرسله الله رحمةً للعالمين، سيرةِ صاحب الخُلُق، العظيم، أشرفِ الأنبياء والمرسلين، صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، واللواء المعقود، والشفيعِ في اليوم الموعود. سيرةِ صاحبِ الوجه الأنور، والجبينِ الأزهر، سيرةِ السراج المنير ،، والمُبَشِّرِ والنذير، يقول تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا”.
وتابع الشيخ العيسى: “وإذ نستعرض تلكم المعاني الجليلة لنستذكر هدي الإسلام في أبهى وأعظم سيرة، السيرة النبوية المطهرة، هي أدق وأشمل ما كُتب عن إنسان. علمتنا سيرتُه العطرة صلى الله عليه وسلم الرحمةَ بالخلق أجمعين، واليسرَ في الدين، والإعراضَ عن الجاهلين، علمتنا السماحة والصفح، علمتنا الحكمة وتأليفَ القلوب، فقد استطاع صلى الله عليه وسلم تأليف قلوب أجلاف العرب وأكثرهم عصبية وجاهلية حتى دخلوا في دين اللهِ أفواجاً، وحسُن إسلامهم وحسنت أخلاقُهم. علمتنا السيرة النظر للآفاق والبعيد، وفي صلح “الحُدَيبية” من المشاهد والعِبَر “في هذا الشأن” ما يُدرس في نظريات الدبلوماسية الدولية”.
وأوضح أن عُلماء الإسلام كتبوا في السيرة ما يصعب استيعابُه، وأوضحوا من خلال شروحهم وتحليلاتهم المعاني الجليلة في فصول السيرة، ولم يكن لأيِّ إنسانٍ على وجه الأرض (مُنْذُ أنْ خلق اللهُ الخلقَ إلى يومنا هذا) أن أُحصيتْ تفاصيلُ حياتِه سوى نبيِّنا وسيِّدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أن كل مسلم على شوق كبير لمعرفة هذه التفاصيل عن نبيه الكريم، وهو ما حصل “بحمد الله” حيث حَفِظَ اللهُ تلك السيرةَ العطرةَ بما حفظ به سبحانَهُ دينَهُ القويم، إذ هي مِنَ الدينِ، وقد أمرنا اللهُ تعالى أن نكون على هديه الكريم، قال سبحانه: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ، أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ “.
وتابع الشيخ العيسى: “لقد تشرفت رابطة العالم الإسلامي بإطلاق متاحف السيرة النبوية “حول العالم”؛ انطلاقاً من مقرها الرئيس بالمدينة المنورة، واشتملت هذه المتاحفُ على إبراز تفاصيل سيرة سيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم موثقةً توثيقاً دقيقاً من خلال عرضٍ اعتمد أفضلَ الوسائلِ التقنيةِ المعاصرة تحت شِعَار: “السيرةُ النبوية كأنك تعيشها”، نعم: قدمت هذه المتاحفُ وصفاً شاملاً للسيرة النبوية بأساليب حديثة تنقلك وجدانياً إلى تلك الرحاب المباركة، متجاوزَاً العرض المعتاد من خلال الكتب والمحاضرات، إلى التقنية الحديثة، وكأنك تعيش تلك الأجواء العطرة من خلال عروض متقدمة”.
ولفت إلى أن المتحف في نسخه المتقدمة سيشهد بعون الله المزيد من إبراز مشاهد الجمال والجلال النبوي في قيمه الأخلاقية الداعية للسلام والوئام، ومن ذلك إبراز تفاصيل أهم وثيقة في التاريخ الإنساني، وهي وثيقة المدينة المنورة، التي أمضاها نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع التنوع الديني وقتئذ، واشتملت على مواد حافلة بالسماحة الإسلامية ابتداء متجاوزاً المفهوم المتبادل لدلالة التسامح المجرد، منوهاً إلى أن ذاك كله يرسخ الاستيعاب الكامل لسُّنة الخالق سبحانه في حتمية الاختلاف والتنوع والتعدد بين البشر، وحتمية التعايُش بين الجميع لصالح الجميع ولكل دينه، فالإسلام هو أول من نقض أطروحة حتمية الصدام الحضاري المنادى بها مع بالغ الأسف من منصات أكاديمية عليا “في جامعات عالمية”.
واستدرك: “لكن الإسلام مع إيمانه بحتمية الاختلاف والتنوع داعٍ إلى السلام والتعايُش والوئام، وهو مرسِّخٌ لإمكانية ذلك بالقول والعمل، وفي تلك الوثيقة شاهد ماثل، فضلاً عن نصوصٍ شرعية مُبِينةٍ؛ ولذا فنحن أحوجُ ما نكون إلى أن نذكر الشاهد الماثل الموثقَ؛ بدلاً من الطرح المجرد، وفي هذا السياق لعلي أشير إلى أن في تلك الوثيقة التاريخية معانيَ عظميةً تأتي على افتراءاتٍ عدة، تأتي عليها من قواعدها”.
وتابع الشيخ العيسى: “على هدي هذه الوثيقة صدرت وثيقة مكة المكرمة التي أمضاها أكثر من ألفٍ ومائتي مفتٍ وعالم، وأكثر من أربعة آلافٍ وخمسمائة مفكر إسلامي، وتعد أهم وأشمل وأقوى وثيقةٍ إسلاميةٍ “من نوعها” بعد وثيقة المدينة المنورة”.
وفي الختام سأل الدكتور العيسى المولى جل وعلا أن يمن على الجميع بشفاعة نبينا وسيِّدنا صلى الله عليه وسلم، وأن يوردَنا حوضه، ويسقينا من بركته شربة لا نظمأ بعدها أبداً.
ثم تلت كلمات كبار الضيوف، وشرع المؤتمر بعد ذلك في محاور جلساته.