صحيفة “الرياض” في افتتاحيتها بعنوان ( مصالحنا أولاً ) : تقاس مكانة الدول بعاملين: مناعتها الداخلية، وتأثيرها الخارجي. وبهذا المقياس تتبوأ المملكة مكانة بارزة على الخريطة الدولية، وقد أثبتت حرب أوكرانيا ما هو مؤكد أساساً، استقلال قرار المملكة واستناده إلى المصالح العليا للوطن، ففي خضم حالة استقطاب حادة، وعملية فرز صارمة، لحشد المواقف الداعمة لهذا الفريق أو ذاك، اتخذت المملكة موقفاً لافتاً يشير إلى رؤيتها العميقة لسبل إحلال السلام وتحقيق الاستقرار الدولي، وذهبت الرياض إلى موقف متوازن، قوامه التأكيد على سيادة الدول وحقها في السيطرة على أراضيها، وفي الوقت ذاته شددت المملكة على رفضها الإملاءات فيما يتعلق بقرارها السيادي حول إنتاج النفط، وامتنعت عن تسييس سلعة النفط الاستراتيجية وفقاً للرغبة الأميركية الملحة قبيل معركة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة في موقف أعلى مصالح المملكة أولاً قبل أي شيء، وهدف أيضاً لاستقرار سوق الطاقة الدولي ثانياً.
ورأت أن حالة الضجيج والانفلات الأميركية تجاه المملكة، سواء على المستوى الرسمي من قبل البيت الأبيض وحزبه الديمقراطي، أو على صعيد الميديا اليسارية المتطرفة، ليست إلا حلقة جديدة مما سماها وزير الدولة للشؤون الخارجية الأستاذ عادل الجبير، (الموسم المضحك)، عانياً به أي فترة انتخابية في الولايات المتحدة، يسود فيها خطاب تعبوي، لغايات انتهازية قصيرة النظر، سرعان ما يتكشف خواؤها عقب نهاية المسرحية الانتخابية، وتعود حسابات السياسة لتسود المشهد.
وختمت : الفارق هذه المرة أن المملكة لم تعد في وارد السكوت تجاه هذه الخطاب التهديدي، رغم تأكيدها مراراً أنها حريصة على التحالف التاريخي، لكنها أحرص على مصالحها ومصالح شعبها ومنطقتها، ومن شأن استمرار هذا الخطاب التحريضي أن يدفع المملكة لإعادة النظر في صياغة العلاقات بما يحقق مصالحها، وليس العكس كما يتصور التيار الليبرالي المتطرف في أميركا، وليس ذلك يشير إلى القطيعة طبعاً، لكن للمملكة كامل الحق في إعادة النظر في طبيعة علاقة تاريخية وطيدة، يسعى تيار أميركي لإخراجها عن مسارها المعتاد.