في 2017 قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، في حديثٍ متلفزٍ، إنه يوجد لدينا ثلاث فرص ضخمة جداً في الخدمات اللوجستية، ونعمل عليها بشكلٍ قوي جداً؛ أهم فرصة “البحر الأحمر” 13% من التجارة العالمية تمر بالبحر الأحمر، والمملكة لا تقدّم في هذا الجانب أيّ شيء (صفر خدمات)، وهنا فرص ضخمة جداً للعمل على امتداد البحر الأحمر لكثيرٍ من صادرات وواردات الدول، وبدأنا اليوم في العمل مع عديدٍ من الدول في الفترة الماضية، على رأسها الصين، والآن نعمل معهم على مبادرة ضخمة في مدينة جيزان الصناعية، وهناك دول أخرى تأتي تباعاً.
واليوم حديث ولي العهد يُترجم على أرض الواقع، حيث تحتفل المملكة العربية السعودية بتدشين ميناء مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية برعاية الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة جازان.
هذه المدينة إحدى مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع، حيث عملت الهيئة الملكية على تشغيل واستثمار الميناء مع شركة هاتشيسون الصينية العملاقة للموانئ التي تعد إحدى أكبر الشركات العالمية الرائدة في مجال استثمار وتشغيل الموانئ، كما تسعى الهيئة الملكية للجبيل وينبع لجعل الميناء أيقونة عالمية تلبي احتياجات المنطقة، وتحقق أهداف رؤية المملكة 2030، وسيقام حفل التدشين اليوم الأربعاء 7 سبتمبر في ميناء مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية.
وتسارعت الحركة الإنشائية وسير العمل في مرافق ومشروعات مدينة جازان للصناعات التحويلة والأساسية الصناعية والخدمية والمرافق المساندة لها كافة؛ ما عكس مدى الاهتمام والحرص على سرعة الإنجاز والتعاون التام بين مختلف الجهات لتسريع العمل والإنجاز في المدينة، تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله-، وبمتابعة مباشرة من الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، ونائبه الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز.
لبنات المؤسّس
يأتي إعلان المملكة تدشين مينائها التجاري الصناعي الإستراتيجي الجديد في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، على ساحل البحر الأحمر أحد أهم ممرات التجارة العالمية والذي يربط 3 قارات ببعضها بعضا لتشهد المملكة افتتاح ميناء جازان للصناعات الأساسية كبوابة رئيسة للخدمات اللوجستية، ويتميّز بموقعة الإستراتيجي الذي يعد رابطاً مهماً للتبادل التجاري بين قارتَي آسيا وإفريقيا من خلال سواحل القرن الإفريقي، والذي يأتي توافقاً مع رؤية المملكة 2030 لتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية دولية عبر برنامج تطوير الصناعات الأساسية والخدمات اللوجستية وسط منطقة ذات إنتاج متنوّع وأهمية كبيرة للاقتصادين المحلي والإقليمي.
ورُوعي في تصميم الميناء أهمية موقعه الإستراتيجي ليكون كمنصة لوجستية لنقل البضائع عبر الممر البحري الأهم في العالم، حيث يحتوي الميناء على رصيف حاويات بطول 540م، وبطاقة استيعابية تصل لأكثر من مليون حاوية في السنة، وكذلك يضم رصيف بضائع عامة بطول 190م ورصيفاً للمواد السائبة بطول 350م.
ويستقبل الميناء ناقلات النفط العملاقة برصيف المواد السائلة الخاصة بمصفاة شركة أرامكو السعودية، ولضمان تطبيق أعلى المعايير العالمية في تشغيل الميناء تمّ أوائل العام الماضي توقيع اتفاقية استثمارية مع شركة هاتشيسون للموانئ التي تصنف من أفضل الشركات في العالم في المناولة، حيث تتأرجّح بين أفضل 5 شركات في العالم من حيث عدد الحاويات التي تمّت مناولتها في 53 ميناءً حول العالم في 27 دولة.
وفي وقتٍ يأتي امتلاك ميناء جازان للصناعات الأساسية والتحويلية تلك المقومات؛ علاوة على موقعه الإستراتيجي، وتزويده بأحدث التقنيات المستدامة ليواكب الموانئ العالمية، ستسهم بوضعه على الخريطة ضمن أفضل الموانئ، وستمنحه قيمة تنافسية عظيمة لريادة الموانئ العالمية متمتعاً بعديدٍ من الفرص في مجالات النقل البحري وأعمال الشحن والتصدير.
ويتكوّن الميناء من قسمَيْن: صناعي، يضم رصيفاً صناعياً لاستيراد المواد السائبة. وتجاري، عبارة عن رصيف بطول “1.7” كيلومتر لمناولة الحاويات والبضائع، ومناطق للتخزين وفق أحدث وسائل التقنية والتحكم بطاقة مليون حاوية في العام للمرحلة الأولى و”2.5″ مليون حاوية في العام للمرحلة الثانية مستقبلاً، وسيزوّد بأحدث أنظمة الملاحة وشبكات الاتصال مع السفن والبواخر، وزوارق القطر والسحب والإنقاذ والإرشاد والإرساء بما يُسيّر جميع أعمال التشغيل بكل سهولةٍ ويسر.
فيما تعد مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية التي تتولى الهيئة الملكية بينبع وجازان الإشراف عليها، ومتابعة جميع الأعمال والمشروعات التي تنفذ فيها، واحدة من المدن الصناعية الكبرى التي ارتأت القيادة الرشيدة بحكمةٍ وبُعد نظر، أهمية تنفيذها بعددٍ من مناطق المملكة العربية السعودية لما سيعود بالخير والنماء والتطور عليها، وتوسيع القاعدة الاقتصادية، من خلال التركيز على التصنيع وشمولية التنمية لكل مناطق المملكة.
وتستهدف المدينة توطين الصناعات الثقيلة والبتروكيماويات والتعدينية والتحويلية، إضافة إلى توفير الإمدادات الحيوية للطاقة، وتوطين صناعة السفن، والاستثمار في الثروات المعدنية والزراعية والحيوانية والسمكية، وتشهد المدينة حالياً 10 صناعات متنوّعة بحجم استثمار يتجاوز 88 مليار ريال، وتقوم شركة أرامكو السعودية بتطوير المرحلة الأولى من المدينة وفق أعلى المقاييس وأفضل البنى التحتية، وتشمل تطوير الميناء، والمنطقة الصناعية، والمنطقة السكنية، وكورنيش بيش.
وأكّدت رؤية المملكة 2030 أن مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية أصبحت محوراً مهماً من محاور النمو والتطور بمنطقة جازان والمحرك المستقبلي الرئيس للاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، بما تحويه من مشروعات عملاقة، حيث شكل برنامج التحول الوطني 2020 قاعدة وخريطة للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وأضحى منظومة لتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارات، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز ثقة المستثمرين، وبناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الطموحة لتحقيق رؤية المملكة، وفق أساليب مبتكرة للتخطيط والتنفيذ والمتابعة على المستوى الوطني.