تعد المجالس البلدية في مختلف دول العالم إحدى أهم الوسائل الفاعلة في تنمية المناطق، والأحياء، والقرى، والبلدات فهي المعنية بتشكيل ملامح، وجماليات المدن، والأحياء، والحد مما تعانيه من مشكلات في الطرق، والمباني، والخدمات، والنفايات، والسفلتة، وتجمُّع مياه الأمطار، وتأخُّر تنفيذ المشاريع، والمواصلات وغيرها. ويحرص أعضاؤها “المنتخبون” على تحقيق متطلبات المواطنين اليومية من خلال الالتقاء بهم وسماع شكواهم، وتلمُّس احتياجاتهم، وتخفيف معاناتهم.
وفي مجالسنا البلدية، التي حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الملك العادل – حفظه الله – على دعمها بالقرارات المهمة لتسهيل توليها مسؤولياتها التنموية، والبلدية لخدمة الوطن والمواطن.. لا تزال بعد تجربة 10 سنوات، ووجود 285 مجلساً بلدياً؛ نصف أعضائها “منتخبون”، بلا فاعلية، ولا أثر تنموياً يُذكر؛ ومجرد “ديكورات” لا تقدم شيئاً للمجتمع، وأعضاؤها المنتخبون، والمعينون، ورئيس المجلس الذي هو في الوقت نفسه أمين أمانة المنطقة “!!” لا وجود لهم في حياة الناس، بل كثيرٌ منهم لا يعرفه أحدٌ من أهالي الأحياء.
ورغم حالات المطالبات المتواصلة بتحسين الخدمات البلدية، والشكاوى المتزايدة وحالة التذمُّر.. إلا أن مجالسنا البلدية “لا مبالية”، ومدننا وأحياؤنا لا تزال غارقةً في مشكلات النظافة، والسيول، والصرف الصحي، والازدحام المروري، وتردي الخدمات البلدية، وضعف تنفيذ المشاريع وتأخُّرها، وانخفاض نسبة نمو التنمية المحلية، وارتفاع معدلات تجاوزات العمالة، وكثرة الجرائم وسرقة السيارات، وتفشي المخدرات في الأحياء، وحالات الفقر، ومشكلات السكن، والتلوّث في المدن.. إلخ.
وهنا نتوجّه لسمو وزير الشؤون البلدية والقروية، باعتبار الوزارة الجهة المشرفة على مسار عمل وتنظيم المجالس البلدية، متسائلين:
– متى تحدّد المسؤوليات والأدوار بدقة بين المجالس البلدية كجهات تقريرية ورقابية، وأمانات المناطق كأجهزة تنفيذية؟
– متى تمنح المجالس البلدية الصلاحيات التي تمكّنها من إدارة شؤون المناطق والأحياء بجميع خدماتها البلدية بعيداً عن هيمنة الأمانات؟
– لماذا هذا الجمود في مجالسنا البلدية رغم 10 سنوات من التجربة التي لم تنضج حتى الآن؟
– هل عقد اللقاءات المباشرة التي لا يحضرها إلا القليل من المواطنين يكفي ليعبّر عن دور المجالس البلدية في حياة المواطنين؟
– هل مجرد قبول الشكوى ومقترحات المواطنين يعد أهم إنجازات المجالس البلدية؟
– متى تقيّم الوزارة أداء المجالس، وتتأكد من تحقيقها أعلى مستويات الرضا من خدماتها؟
– ماذا قدمت الوزارة لدعم مهام المجالس البلدية وأعضائها؟
– لماذا لا يزال بعض أعضاء المجالس البلدية، الذين يشعرون بأهمية رسالتهم، يستقيلون ويشكون هيمنة أمناء المناطق على المجلس البلدي، وسلب القرار منهم؟
– لماذا لا يطلع المجلس أولاً بأول على الميزانيات والمشاريع البلدية، ومن ثم له الحق في متابعة تنفيذها والحرص على مناقشة المقاولين لرفع الأداء؟
– هل النظام الجديد للمجالس البلدية – الذي سمعنا عنه كثيراً – سيعالج كل ما يتعلق بالمجالس البلدية سواء في مجال اختصاصاتها أو تكوينها، وعملها، وصلاحياتها، وتلافي السلبيات؟
إن المدن السعودية “يا سمو وزير الشؤون البلدية والقروية” لا تزال تعاني الكثير من المشكلات البلدية، وتردي الخدمات، وحالة اللامبالاة من بعض الأمانات، والمجالس البلدية في الأحياء التي أخفقت في التطوير بما يحقق تطلعات ولاة الأمر – حفظهم الله – وتلمُّس احتياجات المواطنين، وأصبح من الضروري أن يتغيّر ويتطوّر عملها من خلال منحها صلاحيات أوسع تمكّنها من أداء عملها بالشكل المطلوب بدلاً من المركزية والبيروقراطية الحالية التي تتحكّم في مفاصلها، وإيقاعها البطيء، وأفشلت جهودها كثيراً، وزادت من تذمُّر أهالي الأحياء من قصور الخدمات، وانعدامها في أحيان أخرى.
إن فقدان ثقة المواطنين بمجالسهم البلدية يحتاج إلى تغييرٍ جذري في مفهومها لتكون إضافةً واعيةً في مسيرتنا التنموية الحافلة. والسؤال: متى تنهض مجالسنا البلدية بمهامها وتذلل العقبات، وترتقي بالخدمات البلدية، وتعمل على تحسينها، ومتابعتها، وتمد جسور التعاون والتواصل مع المواطنين بما يسهم في تحقيق أهدافها التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن؟