فتاة يتيمة، عملت حارسة أمن ومسؤولة عن تنظيف 30 طفلاً، وطوّرت نفسها؛ لتصبح معلمة. كافحت بشرف من أجل لقمة عيشها وأسرتها، رغم أنها يتيمة، وحضرت دورات وورش عمل؛ وطورت من ذاتها وشخصيتها ورغم المعاناة. كانت ثقتها بالله كبيرة.. حلمها لم يكتمل، وطموحها كبير؛ فهي تفكر الآن في الحصول على الماجستير.
عن سعيدة العمري نتحدث.
عن أسرار معاناتها كشفت الفتاة السعودية سعيدة العمري أنها اشتغلت عاملة نظافة سنتين، ثم عملت حارسة أمن، ومسؤولة عن دخول وخروج الأطفال واستقبال المراجعين وتوجيههم في مجمع الأمير سلطان لتأهيل المعاقين في الدمام لمدة 3 سنوات، ومكنتها هذه الوظيفة من حضور دورات وورش عمل عن كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ما ساعدها في الحصول على لقب مساعدة معلمة، وبعدها أصبحت معلمة في فصل مستقل.
تقول “العمري”، التي كانت عاملة نظافة يتيمة، وفازت بـ100 ألف ريال جائزة الإصرار من وزارة العمل: “حلمي لم يكتمل؛ فطموحي كبير، وأنا أفكر الآن في رسالة الماجستير، وستكون عن ذوي الاحتياجات الخاصة، الفئة التي أخدمها، وأنوي من خلال رسالتي تقديم أفضل الأساليب لتوعية أسرهم، ودمج هذه الفئة في التعليم العام، والبحث عن أفضل الوسائل المعتمدة عالمياً في تدريبهم”.
حياة قاسية
“سعيدة” لم تكن تملك من السعادة سوى اسمها فقط – كما تقول – فطفولتها كانت شقية، وشبابها منهكاً، وكفاحها من أجل لقمة العيش وإسعاد أسرتها أفقدها طعم السعادة التي تعيشها أقرانها، بيد أن روح التحدي جعلت حياتها الشخصية حالياً نموذجاً يحتذى به للفتيات السعوديات، وجاء حصولها على جائزة “إصرار” تتويجاً لرحلة كفاحها الماضي، وبداية لمستقبل مشرق، تستطيع من خلاله تحقيق أحلامها.
وعن حكايتها تقول سعيدة العمري: “تُوفي والدي وعمري 5 سنوات، وشعرت باليُتم؛ فحاجة الطفل إلى الأب مهمة جداً؛ وكثيراً ما كنت أشعر بالحرمان، لكني اعتدت أن أكتم آلامي وأحزاني داخلي، ولا أظهرها أمام والدتي، واضطررت للعمل بعد حصولي على الثانوية بأي وظيفة لمساعدة والدتي على العيش، وكانت مرحلة صعبة جداً في حياتي؛ فقد تحملت الكثير من أجل الحصول على وظيفة، ولم أعش حياتي كباقي البنات اللاتي في عمري؛ فلم أشعر بطفولتي، ودائماً كنت أجد نفسي الكبيرة والمسؤولة عن أسرتي”.
حياة داخل الحمامات
وتابعت العمري “عملت عاملة نظافة مدة سنتين، وكنت مسؤولة عن 30 طفلاً بمفردي، مسؤولة عن نظافتهم، وأكلهم، وتغيير ملابسهم، ودخولهم الحمام.. كنت أقضي معظم وقتي في دورات المياه. وبعدها عملت حارسة أمن، ومسؤولة عن دخول وخروج الأطفال، واستقبال المراجعين وتوجيههم في القسم نفسه لمدة 3 سنوات، ومكنتني هذه الوظيفة من حضور دورات وورش عمل؛ طورت من ذاتي وشخصيتي وكيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ما ساعدني للحصول على لقب مساعدة معلمة، وبعدها أصبحت معلمة في فصل مستقل بمفردي، وكانت ثقتي بالله كبيرة، ودائماً أتفاءل، وأخبر نفسي بأن كل معاناتي ما هي إلا فترة مؤقتة، وأردد قول الله تعالى {إن الله مع الصابرين}، لكني أحيانا كنت أشعر بالضعف وأنهارُ وأبكي، بيد أن الله دائماً كان جنبي، ويزيدني قوة؛ وأجدني أكفكف دموعي، وأقول لنفسي سوف يتغير الحال بالجد والمثابرة.
ودائماً ما كنت أنظر إلى ذوي الإعاقة، وأشعر بأن الله منحهم قدرة خارقة لإثبات الذات، وصاروا هم مثلي الأعلى، وهم المدرسة الأولى التي تعلمتُ فيها الإصرار والصبر”.
ووجهت العمري رسالتها للمرأة السعودية بأنها بدينها وحبها لوطنها قادرة على تحقيق النجاح.
جائزة الـ 100 ألف ريال
وبخصوص “جائزة إصرار” أردفت متحدثة بأن “الجائزة هي بداية لمستقبل طالما انتظرته، وحلمت به، وتحملت عناء سنوات من الكفاح، والجهد، والتعب، ولكن – بحمد الله – تمكنت من تذوق طعم النجاح والتقدير”.
وتابعت “العمري”: حلمي لم يكتمل؛ فإن طموحي كبير، وأنا أفكر الآن في رسالة الماجستير، وستكون عن ذوي الاحتياجات الخاصة، الفئة التي أخدمها. وأنوي من خلال رسالتي تقديم أفضل الأساليب لتوعيه أسرهم، ودمج هذه الفئة في التعليم العام، والبحث عن أفضل الوسائل المعتمدة عالمياً في تدريبهم.
وختمت العمري حديثها موجهة شكرها لكل من وقف إلى جوارها وساندها، وفي مقدمتهم زوجها الذي اعتبرته الداعم الأول لها.