يبدو أن تجاهل المواهب، ووأد أحلام الشباب، باتا ماركة مسجَّلة باسم البيروقراطية السعودية. ففي فصل جديد من العرض الهزلي المستمر “لا مكان للمبدعين” تحطمت آمال شاب سعودي، أذهل الأمريكان بإبداعه في نظم المعلومات؛ وحاولت شركات عدة استقطابه، لكنه فضّل العودة ليخدم وطنه، إلا أن القائمين على الأخير ألقوا به في هوة أحد البنوك بالقطاع الخاص، وفي مجال غير تخصصه.
عن عياد الرشيدي نتحدث. فمن حي السمراء في حائل غادر الشاب الصغير “عياد” إلى ولاية إنديانا الأمريكية، وحقَّق أثناء دراسته المركز الرابع على مستوى الجامعات الأمريكية في مسابقة محترفي نظم المعلومات؛ فتسابقت عليه الشركات الأمريكية بعروضها، لكن “الابن البار” رفض بغية أن يتحقق حلمه في خدمة وطنه؛ ليبقى الوطن “حلماً”، والقطاع الخاص واقعه، وتتحطم المجاديف على مقاعد أحد البنوك المصرفية.
بداية الرحلة
ويروي عياد الرشيدي مشواره قائلاً: “تخرجت من ثانوية حراء بحي السمراء بمدينة حائل، وحاولت الالتحاق بالكليات العسكرية، ولم يحالفني الحظ، فالتحقت بمعهد معروف في السعودية، وحصلت على دبلوم برمجة حاسب آلي، وفشلت مجدداً في الابتعاث إلى مملكة الأردن، لأصطدم بعدم اعتراف وزارة التعليم العالي بالمعهد الخاص، على الرغم من إعلاناته في الصحف اليومية بأنه معترف به. عندها تحققت لي الفرصة بالابتعاث للدراسة في أمريكا “.
وتابع “انضممت إلى جامعة (أوف ساوثرن) بولاية أنديانا، وأثناء دراستي في عام 2011م أُقيمت مسابقة عريقة، هي مسابقة “محترفو نظم المعلومات” على مستوى جامعات أمريكا، والمسابقة تقام منذ أكثر من 16 عاماً بانتظام، وقمت بالاشتراك وتمثيل الجامعة والسعودية في مشاريع (الويب) المتخصصة في نظم المعلومات “.
الحلم الأمريكي
وأضاف الرشيدي “خضت المسابقة بروح عالية، وحماس كبير، والحمد لله تم تتويجي بالمركز الرابع على مستوى أمريكا، وكنت أول عربي يحصل على هذه الشهادة. وبناء على الشهادة التي حصلت عليها تم منحي شهادة الامتياز من الملحقية الثقافية السعودية، واستقطبتني جامعتي (أوف ساوثرن) بالعمل لمدة ثلاث سنوات في قسم تقنية المعلومات، كما عملت في أقسام عدة، تندرج تحت مسمى تقنية المعلومات، وأيضاً عملت متطوعاً في قسم الطلبة الدوليين مترجماً من اللغة العربية إلى الإنجليزية، إضافة إلى ذلك كنت رئيساً لنادي الطلبة السعوديين، وحققت مع إخواني الطلبة العديد من الجوائز على مستوى الجامعة، وعكسنا صورة جميلة للمواطن السعودي “.
وتابع “في أمريكا كان كل شيء على ما يرام، وتتابعني وتشد من أزري الملحقية الثقافية بواشنطن، والدكتور أمين زين العابدين، وجاءتني العروض من الشركات الأمريكية، غير أني رفضتها، وأدرت ظهري لها “.
عندما يصبح “جدارة” حلماً
وختم عياد الرشيدي بحرقة “وصلت للمملكة متسلحاً بالمؤهل، والبطولة الرقمية، وتزكية الملحقية، والخبرات، وبدأت البحث طويلاً عن وظيفة في الوزارات السعودية في تخصصي، إلا أنني لم أجد على الرغم من أهمية تخصصي في عملية التطوير. والوحيد الذي احتواني هو برنامج (جدارة)، الذي وعدني بـ(الأمل) طالباً مني (الانتظار)؛ فاتجهت لأحد البنوك المحلية علّي أجد ما يسد حاجتي المادية قبل المعنوية، والآن أعمل بعيداً عن تخصصي، وبعيداً عن.. أملي”.