قال إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ سعود الشريم، في خطبة الجمعة، التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام ، إن للبشر ولعا فطريا بتلّمس الأخبار وقبول الشائعات واصطيادها في الهواء قبل وقوعها، في حين أنهم اعتادوا الكسل المفرط عن التثبت والأناة والتبيّن.. فهكذا معظم الناس وقليل غير ذلك ولقد صدق الله في كتابه العزيز إذ يقول ((خُلق الإنسان من عجل)) وقال تعالى ((وكان الإنسان عجولاً)).
وأوضح فضيلته: المقرر عقلاً وشرعًا أن الحوادث المستحكمة والأخبار العامة التي تتعلق بالأمة ليس لها إلا التثبت والتأني ونبذ العجلة من تصديقها إلى إيقاعها حتى تجتمع فيها شروطها، وتنتفي عنها موانعها من خلال نفس نبيلة تُحسن التصرف في الأزمات بعيدة عن الهزل والاستخفاف بالحقوق والذمم والأعراض؛ لأن من الناس من يجعل من العجلة في تلقّي الأخبار والشائعات وإيقاعها على خلاف حقيقتها ستارًا يوارون به تفريطهم المعيب ولا يعدّ مثل هذا إلا التواءً يُعلق القلب بالريب ويطيش بالعقول عند الكُرب، فلا يجلب إلا وعودا بالألم فيما طلبوا منه السلامة.
وبيَّن الدكتور الشريم أن معظم الشائعات والأخبار دافعها، الفضول وحب الاستطلاع ومعرفة ما تنطوي عليه تلك الشائعات والأخبار لافتًا إلى أنَّه ليس كل تلقٍ للشائعات وتداول الأخبار كيفما اتفق يكون منطلقها الفضول فرّبما كان منطلقها الرئيس هو التشويش وإثارة البلبلة لتحقيق مآرب حقوقية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو دينية من أجل خلخلة المحكم وفرط المنظوم، ليتفّرق الصف وتُنزع الثقة، فيجب على المجتمع الجادّ ألا يعطي فرصة للتفريق والضرر وتناقل الأخبار والشائعات وترويجها، فإن هذه الصفات هي من سمات المجتمع البليد الذي يقطع أوقات فراغه بما يزيدها فراغًا وضررًا.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله عز وجل علمنا الأناة وعدم أخذ الأخبار كيفما اتفق دون تمحيص ولا تثبت؛ لما يحدثه ذلك من تشويش وحكم بالظن الكاذب وقلب للحقائق، قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيَّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين))، مؤكداً أن الخبر أول ما يُحتاج فيه معرفة صدقه من كذبه ثم التأمُّل فيما يعنيه هذا الخبر ، فلا ننزله في غير ما هو له أو نتجاوز في فهمه، قال صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع)).
ودعا فضيلته كل من له علاقة بالجانب الإعلامي وهو معنّي بالدرجة الأولى في زمننا هذا؛ لأنه مصدر من مصادر الأخبار التي من خلالها يحكم ذو البصائر على مصداقيتها أو عدمها، فيجب على من يعمل في هذا الجانب التثبت والتأني ونبذ العجلة والتحقق من الأخبار، وكذلك الحال للجانب الفردي بين الأفراد. مؤكدًا أن المرء محاسب بكل ما ينطق به لسانه وما يخطه بنانه، قال سبحانه وتعالى: ((ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)).
وأكد الشريم في ختام خطبته، أن الناس لو اتصفوا بخصلة الأناة والتثبت لتلاشت عنهم كثير من الموجعات والمفجعات؛ لأن كثيرًا من الأخبار لا تصح من أصلها، ففي التثبت عند تلقّيها كفاية من مغبتّها، إن كانت كاذبة وحسن إتباع لها إن كانت صادقة.
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ علي بن عبدالرحمن الحُذيفي المسلمين بتقوى الله عز وجل بالتَّقرُب إليه بما شرع ومجانبة المحرمات والبدع.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم “أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل الحساب لتكثر حسناتكم وتقل سيئاتكم وأنتم في فسحة من الأجل وتمكُّن من العمل ولن يضر عبدًا دخل عليه النقص في دنياه وسلم له دينه وعظم أجره في أخراه، إذ الدنيا متاع وما قدره الله للإنسان مع الرزق والعمل الصالح فهو رزق مبارك ولا خير في رزق ودنيا لا دين معها يُرضي العبد به ربه وقد تكفل الله بالرزق لعِظَم شأن العبد، إذ عليها مدار السعادة قال الله تعالى ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)).
وأوضح الشيخ علي الحذيفي أن فعل الأسباب المباحة لاكتساب الرزق الحلال هو مما شرعه الإسلام مبينًا أن الله سبحانه وتعالى أرشدنا إلى أن يكون همُّ المسلم الأعظم هو الأعمال الصالحات التي يرحمه الله بها ويدخله الجنة وينجيه من النار وقد وصف الله لنا في كتابه نعيم الجنات ووصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك النعيم المقيم وكذلك وصف النار وعذابها الأبدي، كأن الجنَّة والنَّار رأي العين ليتسابق المتسابقون ولينزجر عن المعاصي الغافلون الجاهلون. وبيَّن لنا الله الأعمال التي تُدخل الجنات وبيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إجمالًا وتفصيلًا.
ومضى فضيلته يقول إن أعظم ما يدخل الجنة، توحيد الله جل وعلا بأن لا يُشرك المكلف بالله شيئًا بأي عبادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة واجتناب المظالم وأداء الحقوق لأهلها، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عَبَد الله، لا يشرك به، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، واجتنب الكبائر؛ دخل الجنة)) والاستكثار من فضائل الأعمال والمستحبات من الخيرات بعد القيام بالواجبات مما يرفع الله به للعبد الدرجات وينال به الخيرات ويكفر به السيئات.
وأوصى فضيلته، المسلم بعدم الزهد بأي حسنة صغيرة كانت أو كبيرة، ولا يحتقرن من فعل الخير شيئًا فلا تعلم أي حسنة يثقل بها ميزانك ويغفر بها ذنبك مبينًا أن أبواب الخير كثيرة والفضائل واسعة والحسنات متشعبة فمنها الأذكار المستحبة بعد الصلوات والأذكار في الصلاة وبعدها مباركة المنافع والتطوع بجنس الفرائض والواجبات والخلق الحسن، يرفع الله به الدرجات.