أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة حصرية مع وكالة “فرانس برس” أن هناك “فرصاً كبيرة” لترشحه إلى الرئاسة في الانتخابات المقررة في يونيو، مستبعداً القبول برئيس حكومة انتقالية من معارضة الخارج، لعدم امتلاكها صفة تمثيلية، وذلك قبل يومين من افتتاح مؤتمر “جنيف 2” الهادف إلى إيجاد حل للأزمة السورية.
وقال “بشار” في المقابلة التي أجريت في قصر “الشعب” في دمشق، أمس الأحد، إن معركة إسقاط الدولة السورية فشلت “لكن المعركة على الإرهاب مستمرة وتحتاج إلى زمن طويل”، مشيرا إلى أن “القرار الأهم” الذي يمكن أن يخرج عن “جنيف 2” هو مكافحة الإرهاب.
وقال الرئيس السوري رداً على سؤال عن احتمال ترشحه لولاية رئاسية جديدة: “بالنسبة إليَّ، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري فإذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب في أن أترشح، فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة بأن أقوم بهذه الخطوة”.
وتابع: “بالمختصر، نستطيع أن نقول إن فرص الترشح هي فرص كبيرة”.
ورداً على سؤال عن إذا ما كان يوافق على وجود رئيس حكومة وزراء من المعارضة الموجودة خارج سوريا في حكومة انتقالية، قال “بشار”: “هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة.. أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة وهو لا يمتلك الأكثرية (في البرلمان) فهذا مناقض للمنطق السياسي في كل دول العالم”، مشيراً إلى أن “الانتخابات (النيابية) المقبلة ستحدد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة”.
وأضاف: “المشاركة من حيث المبدأ، نحن معها وهي شيء جيد”، لكنه اعتبر أن “كل واحد من هؤلاء يمثل الدولة التي صنعته، ومشاركة هؤلاء تعني مشاركة هذه الدول في الحكومة السورية”.
وتابع: “لنفترض أننا وافقنا على مشاركة هؤلاء في الحكومة، هل يجرؤون على المجيء إلى سوريا؟ إنهم لا يجرؤون، كانوا يتحدثون في العام الماضي بأنهم يسيطرون على 70% من سوريا، ولكنهم لا يجرؤون على المجيء إلى الـ70% التي حرروها كما يدعون، فهم يأتون إلى الحدود لمدة نصف ساعة، ومن ثم يهربون من سوريا، فكيف يمكن أن يكونوا وزراء في الحكومة؟ هل يمكن أن يكون الوزير من الخارج؟”.
وأضاف: “لذلك هذه الطروحات هي طروحات غير واقعية على الإطلاق، نستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح”.
ورأى “بشار” الذي بدا مرتاحاً جداً خلال المقابلة أن “الشيء البديهي الذي نتحدث عنه بشكل مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا، وخصوصاً الضغط على الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين والمال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية، وطبعاً الدول الغربية التي تقوم بالتغطية السياسية لهذه المنظمات”.
وقال: “هذا هو القرار الأهم أو النتيجة الأهم التي يمكن لمؤتمر جنيف أن يخرج بها”، معتبراً أن أي نتيجة سياسية تخرج من دون مكافحة الإرهاب ليس لها أي قيمة.
وأضاف أن “ما خطط له في البدايات وهو إسقاط الدولة السورية خلال أسابيع أو خلال أشهر.. هذه المرحلة بكل تأكيد فشلت، وانتصر فيها الشعب السوري.. ولكن هناك مرحلة أخرى من المعركة، وهي مكافحة الإرهاب، وهذه المرحلة نعيشها اليوم بشكل يومي، ولم تنته بعد”.
وقال “بشار”: “نستطيع أن نقول إننا في هذه المرحلة نحقق تقدماً.. نحن نسير إلى الأمام ولكن هذا لا يعني أن النصر قريب، هذا النوع من المعارك معقد.. ليس سهلاً.. وبحاجة لزمن طويل”.
وحذر الرئيس السوري من أن خسارة “هذه المعركة” ستؤدي إلى “فوضى” في الشرق الأوسط.
وقال: “في أية معركة حسابات الربح والخسارة هي احتمالات واردة دائماً، ولكن عندما تدافع عن بلدك فمن البديهي أن تضع احتمالاً وحيداً هو احتمال الربح فقط؛ لأن خسارة سوريا لهذه المعركة يعني فوضى في كل منطقة الشرق الأوسط”.
وأكد “بشار” الذي يقيم في دمشق مع زوجته وأولاده الثلاثة أنه لم يفكر يوماً بـالهروب من سوريا.
وقال إن كل السيناريوهات التي وضعها منذ بداية الأزمة منتصف مارس 2011 هي “سيناريوهات حول الدفاع عن الوطن وليس حول الهروب لا يوجد خيار للهروب في مثل هذه الحالات، يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن”.
ورداً على سؤال حول اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان موجهة إلى الحكومة السورية من منظمات دولية، قال: “أي منطق ذاك الذي يقول إن الدولة السورية تقتل شعبها؟ هذا الكلام غير منطقي”، مضيفاً أن “هذه المنظمات لا توجد لديها وثيقة واحدة تثبت أن الحكومة السورية قامت بارتكاب مجزرة ضد المدنيين في أي مكان منذ بداية الأزمة حتى اليوم”، وأن “كل الفيديوهات والصور تؤكد أن من يقوم بارتكاب مجازر هم الإرهابيون الذين يقتلون المدنيين في كل الأماكن”.
ومن جانب آخر اتهم الرئيس السوري خلال المقابلة فرنسا بالتحول إلى “دولة تابعة لدول الخليج بسبب البترودولار”.
وقال إن من الجوانب التي لم يتمكن من فهمها في النزاع المستمر منذ حوالى ثلاث سنوات في بلاده “تأثير البترودولار على تغيير الأدوار على الساحة الدولية. فمثلاً تتحول قطر، الدولة الهامشية، إلى دولة عظمى، وتتحول فرنسا إلى دولة تابعة لقطر تنفذ السياسة القطرية.. وهذا ما نراه الآن بين فرنسا والسعودية”.
وأضاف: “كيف يمكن أن يحوِّل البترودولار بعض المسؤولين في الغرب، وخصوصاً في فرنسا إلى بائعين للمبادئ، يقومون ببيع مبادئ الثورة الفرنسية مقابل بضعة مليارات من الدولارات”.
ورداً على سؤال حول الدور المستقبلي لفرنسا في سوريا والمنطقة، قال “بعد عام 2001 وهجمات الإرهابيين في 11 سبتمبر في نيويورك، لا توجد سياسة أوروبية، توجد فقط سياسة أمريكية لدى الغرب، وتقوم بعض الدول الأوروبية بتنفيذها، مضيفاً: “لا أعتقد أن فرنسا قادرة على لعب أي دور في المستقبل في سوريا، وربما في الدول التي حولها”.
وكرر: “لا أعتقد أن فرنسا سيكون لها دور بالقريب العاجل حتى تبدل سياساتها بشكل كُلي، وبشكل جذري وحتى تكون دولة مستقلة بسياساتها”.
وأكد “بشار” رداً على سؤال عن إذا ما كان تلقى طلبات غربية بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب أنه “حصلت عدة لقاءات مع أكثر من جهاز مخابرات لأكثر من دولة، ولكن كان جوابنا بأن التعاون الأمني لا يمكن أن ينفصل عن التعاون السياسي، والتعاون السياسي لا يمكن أن يتم عندما تقوم هذه الدول بأخذ مواقف سياسية معادية لسوريا.. هذا كان جوابنا بشكل واضح ومختصر”.