
الرحلة الأخيرة من المستشفى إلى المنزل والقبر تمثل وجعاً مضافاً على فاجعة الموت، وألماً على حالٍ مؤسفة “يعانيها البعض” يتجسد عندما تنقل جثة ميت في حوض مركبة مكشوفة، بعد أن يفشل أقارب الميت في الحصول على فزعة فاعلي الخير من مركبات نقل الموتى، أو أن تكون إسعافات المستشفى شاغرة، وتسمح لهم بنقل الجثمان، تساؤلات عن عدم توفر مركبات البلديات الخاصة بنقل الموتى وتجهيزهم عند الحاجة تطرحها الشكاوى وتنقلها “سبق” للمسؤول فيجيب.
وتفصيلاً، في إحدى القصص الجديدة التي عانت منها أسرة في منطقة جازان في محافظة صبيا، التي عانت طويلاً برجاءات حتى تمكنت من الحصول على إسعاف ينقل والدتهم المتوفاة في المستشفى إلى مغسلة الأموات في جامع قريب، لكن ما حدث بعد ذلك يصفه شامي خلوي ابن المتوفاة، قائلاً: “بحثنا جاهدين عن جهة تنقل جثمان والدتنا، ولكننا اضطررنا بعدها إلى أخذها في حوض مركبة مكشوفة لمسافة تزيد على 15 كم وعشنا لحظات مؤسفة لم أكن أتوقع أن تغيب فيها الجهات المسؤولة والخيرية”.
قصة نقل والدة “شامي” ليست الأولى، فهناك الكثير من القصص التي ترصد في كل فترة، وغالباً ما يلامس ذلك الوجع أفراداً، ويسجل شهادتهم بعدم وجود البلديات في مواقع تلك الأحداث؛ حيث يذكر محمد أحمد الفيفي لـ”سبق” أنهم ينقلون الموتى في المحافظات الجبلية عبر سياراتهم الخاصة من المستشفيات لمغاسل الموتى للمقابر، وتمتنع المستشفيات والهلال الأحمر عن استخدام سيارات الإسعاف؛ لغرض نقل الموتى، ويستخدم الأهالي في محافظات شرق جازان الجبلية سياراتهم الخاصة لنقل الموتى.
ويضيف: “هناك اجتهادات من قبل الجمعيات الخيرية في إحدى المحافظات الجبلية؛ حيث وفّرت سيارة لنقل الأموات ليست من السيارات ذات الدفع الرباعي، ويعاني مشروع الجمعية من عدم التوفر المادي لتشغيل مشروع نقل الأموات الخيري، وتوفير الصيانة ورواتب العاملين، وغياب حلقة الوصل بين المستشفيات والبلديات فيما يخص نقل الموتى، وتتم إجراءات نقل الموتى ودفنهم عبر متطوعين وبإمكانيات محدودة.
وفي التنظيمات ينص على أن مهام نقل الموتى وتجهيزهم من مسؤولية وزارة الشؤون البلدية والقروية، وهي الجهة التي وجّهت لها المطالبة بتوفير الخدمة في كل محافظات منطقة جازان.
واستعرضت “سبق” هذه القضية مع المتحدث باسم الأمانة في جازان حسين معشي، والذي أوضح قائلاً: “سيارات نقل الموتى في أمانة منطقة جازان والبلديات متوفرة، فعلى سبيل المثال تبلغ عدد السيارات المجهزة بأمانة جازان ممثلةً في بلدية مدينة جازان 3 سيارات وعدد 6 مجهزين قبور و3 مغسلين ومُغَسّلتين؛ بخلاف الإمكانيات المتوفرة في البلديات الفرعية؛ حيث يوجد في جميع الـ26 بلدية إدارة خاصة بتجهيزات الموتى تختلف الإمكانات من بلدية لأخرى، وفي حال وجود أي طلب للدعم من أي بلدية فيتم تغطيته ودعمها من قبل الأمانة”.
ومن جهة أخرى، أوضح المتحدث باسم صحة جازان نبيل غاوي؛ رداً على شكاوى عدم التفاعل مع الحالات في المستشفيات قائلاً: “رداً على استفساركم نفيدكم بأن للنقل الإسعافي دوره ومهامه التي تتركز على نقل الحالات المرضية، وتقديم الخدمات العلاجية لها أثناء عملية النقل، وبالنسبة للحالات المتوفاة تقوم المنشآت الصحية بواجبها في إعداد التقارير وحفظ الحالات في ثلاجات الموتى عند الحاجة، مع العلم أن معظم الحالات يتم استلامها من ذويها مباشرة دون تأخير، ولا توجد مشكلة في هذا الشأن، أما بعض الحالات الخاصة والإنسانية فتقوم المنشأة بدورها الإنساني عند عدم وجود حالات حرجة تستدعي النقل العاجل، وهناك تعاون مع الجهات الخيرية بهذا الشأن، كان منه التبرع بسيارات مخصصة لنقل الموتى في بعض المستشفيات”.