يجلس في صندوق سيارته القديمة وسط كومة من أكياس اللوز، ومن فوق رأسه يتدلى الثمر، في مشهد لا يشبه إلا العناقيد المعلقة، بائع اللوز البلدي الأشهر في أسواق صبيا يسابق شروق الشمس ليكسب الرزق بالدعاء والكفاح والابتسامة التي لا تفارق محياه.
لم يقبل العم محسن خوري (60 عاما) الإجابة عن أسئلة الحوار الموجهة له إلا بشرط مرافقته إلى مزرعته؛ لمشاهدة أشجار اللوز على الطبيعة، والتعرف على طريقة زراعتها، ومراحل نضوج الثمر.
ذهبنا معه لمشاهدة أشجار اللوز التي يصفها بـ”الكريمة”، خاصة إذا لقيت العناية والاهتمام حسب قوله، وأثناء جلوسنا معه في ساحة سوق صبيا حضر مجموعة من الأطفال، منهم من اشترى اللوز بالريالات، ومنهم من طلب “البلاش”، وبعضهم مدّ يده خفية من خلف ظهره ليخطف ملء قبضة يده ويلوذ بالفرار!
يقول “خواري”: “أرقب بداية يناير من كل عام ميلادي؛ فهو موسم جني اللوز البلدي، ويستمر لمدة أربعة أشهر، أعول أسرتي وأطفالي من مكسب هذه المهنة”.
وأضاف: “أعاني في فصل الصيف من شدة ارتفاع الحرارة، ويصعب عليّ تحمّل لفحات الحر خاصة في الفترة الصباحية، فقادتني الحاجة إلى فكرة إيصال سلك كهربائي من منزل أحد أصدقائي القريبة لموقع سيارتي، ونجحت في تركيب مروحة تبريد فوق رأسي ولمبة للإضاءة”.
وذكر “الخوري” أن اللوز يشهد إقبالاً كثيفاً من جميع فئات المجتمع، وله فوائد من أهمها زيادة الحليب للمرضعة، ويساعد على خفض الكوليسترول والتهاب اللثة، وتخفيف السعال، ويخفف من آلام المعدة.
وتابع: “أسعار اللوز متفاوتة؛ فهي تبدأ من 40 إلى 60 ريالاً للكيس الواحد، وفي ظل الإقبال الكثيف على اللوز يرتفع السعر حسب الطلب والجودة”.
وأردف: “لي في هذه المهنة عشرات السنين، ورزقني الله حب هذه المهنة، ومن خلال بيع اللوز حرصت على تكوين علاقات عديدة مع مجموعة من الزبائن داخل وخارج المنطقة، وأستقبل خلال هذه الفترة طلبات عديدة من مدن المملكة لشحن اللوز البلدي”.
وختم بقوله: “لا أحب أن يذهب أي طفل من عندي خالي اليدين، خاصة الذين يأتون إليّ ولا يكون معهم مبلغ الشراء، فأنا مُسنٌّ بقلب طفل، وإضفاء الفرحة على الأطفال تفتح لي أبواباً من حيث لا أعلم”.