حسين صيرم - جازان فويس :
شاهد قصص الأجداد عن “خضير جازان”.. هنا “ليالي الشويط” وسنابل ديسمبر! صحيفة صوت جازان مريم المقري على مساحات خضراء، ومع إشراقة الصباح، يطلق الفلاحون أناشيدهم معلنين بدء “موسم الخضير”، وهو فترة من فترات الاستواء التي يمر بها محصول الذرة؛ حيث تمثل ثقافة خاصة لها أجواؤها واهتمامها ومتذوقوها في منطقة جازان. والخضير اسم يطلق على مرحلة يمر بها الحب في السنبلة قبيل استوائه واشتداد حباته؛ بحيث تصبح صلبة قابلة للتخزين بعد فصلها عن العذوق، ويصطف المزارعون حاملين مناجلهم لحصد سنابل الذرة. ولكبار السن فرحة في ديسمبر بقدوم السنابل؛ فهي تحتل مساحات من ذكرياتهم وبيوتهم، ومنها رضعوا حليبهم وبنوا أكتافهم، ومنها تعلموا لذة التعب والجلد والكفاح. وللخضير في جازان قصص أسسها الأجداد وحافظ عليها الأحفاد؛ مستعرضين صور الأيام المشحونة بلذة التعب وطقوس مواسم الحصاد المختلفة. وتشهد مزارع جازان هذه الأيام “رحلة الخضير” من كل عام، وهي نتيجة عمل منذ أشهر؛ فبعد حرث الأرض وبذرها بالحبوب، وبعد أن ارتوت من خير ربها، يخوض المزارعون معركتهم لحماية السنابل وطرد الطيور التي تحلق فوق مزارعهم؛ فبعد أن كانوا قديماً يطردونها بترديد أصواتهم في مساحات الفضاء؛ تَعَدّدت اليوم أدوات الطرد؛ فهناك “المقلاع” وهو عبارة عن حبل سميك يُحدث صوتاً شبيهاً بصوت المسدس، و”المضيفة” وهو طريقة لرمي الطيور بنوع من كدر الطين، وبعضهم يضع الحصى داخل علبة ويتم رميها بقوة لتحدث صوتاً مزعجاً للطيور، وتستمر عملية الطرد مدة 15 يوماً. وتسمى أولى مراحل نضوج السنابل “بالصفو”، وهو خروج السنبل من العذق، ثم مرحلة “الخريط” الذي لم ينضج تماماً، إلى أن يصل مرحلة “الخضير”. وتحتفل الأسر هذه الأيام بما يسمى “ليالي الشويط”، وهي شوي السنابل على لهب النار حتى تنضج، ثم تضرب بالعصي حتى تخرج منها الحبوب، وعادة ما تؤكل في المزرعة؛ حيث جازان مزرعة مفتوحة لا يمكن أن تجد أهل دار لا يمتلكون مزرعة كبيرة أو صغيرة أو حقلاً في أحد أوديتها. وللخضير طرق متنوعة في التحضير؛ من أشهرها: “المفالت”، وطريقته أن يُغلى بالحليب مع وضع قليل من الملح على شكل لقيمات، ويُترك على النار حتى يتبخر، ويضاف إليه العسل والسمن.. وطريقة “الثريث” وهي وضع الخضير في تنور ثم يهرس في حليب ويضاف إليه السمن والسكر.. ومن ألذ الأكلات ما يسمى “مرسة الخضير” التي تعد بعد خبز الخضير في تنور، يفرم ويخلط بالموز والعسل والسمن، وهناك طرق كثيرة لاستخدامه حسب فترة اليوم. ويُعَد “الخضير” وجبةً غنيةً تراثياً وغذائياً يتهافت عليها الكثير من أبناء جازان، ويمثل موسماً هاماً وجاذباً وفارقاً في سلسلة المواسم التي تزخر بها جازان، ويعد لها العدة، وتجتذب الكثير من أبناء المناطق المجاورة وزوارها القاصدين التعرف على موروثاتها وثقافاتها المتنوعة.