بلغة هادئة، تحدث الموقوف الأمني فواز العبسي عن تجربته مع الفئة الضالة، وكيف وصل به الحال لتكفير معظم العلماء، معتقداً أنهم يعملون للحياة الدنيا، وذلك قبل أن يتوب إلي الله ، راجيا أن يغفر له ذنبه و يهدي كل من لازال يؤمن بالفكر المتطرف .
و خلال لقائه ببرنامج ” الثامنة ” الذي يقدمه الإعلامي داود الشريان ، ذكر العبسي أنه سينهي وكالته لمحاميه الذي يحاول أن ينفي عنه بعض الاتهامات كجزء من مهنيته ، مضيفا أنه يقر بما ارتكبه و يريد أن يمضي في طريق التوبة دون كذبة واحدة.
و يعد العبسي ، وهو من مواليد مدينة جدة ، من أبرز العناصر التي سعت لتنفيذ مخططات الفئة الضالة ، كونه متخصصا في الهندسة الكيميائية، وحسب إفادته فإنه تأثر بما طرح بعد أحداث 11 سبتمبر، وخطط للقيام بهجوم إرهابي في مدينة جدة.
وقال العبسي:”بدأت أتأثر بالتيار السياسي بما يطرح بعد أحداث 11 سبتمبر، تأثرت من دعوى الجهاد ومن بعض الحركين الذين كانوا يتحركون بحجة نصرة الإسلام ومنهم زياد ، وهو شخص معروف ممن قاتلوا في أفغانستان، كنت أعمل في مصفاة جدة وتعرفت عليه عن طريق أحد الزملاء، كان زياد يكبرني بخمس سنوات، بدأ يتحرك لحشد دعم لصالح أفغانستان والمجاهدين في فلسطين وبدأ بجمع التبرعات وقد تجاوبت معه، حينها لم أخض في الخطاب الوعظي، كان تأثري عاديا وطبيعيا وكان زياد يعرض لنا بعض أشرطة الفيديو عن الشهداء في منزلي وأحياناُ في منزله، استمرت العلاقة مع زياد حتى سجن “.
وزاد العبسي:”بعد سجن زياد شعرت أنه قد ظلم كونه مناضل في نظري، ورجل يساعد المستضعفين والمجاهدين ويجمع لهم الأموال، ما جعلني أحتار لأن الخطاب الذي تبناه زياد كان يتهم علماء المملكة بأنهم يريدون الحياة الدنيا، كنت اعطي زياد الفي ريال بشكل شهري كدعم للجهاد، بالإضافة إلى مبالغ مقطوعة، بعد سجن زياد شعرت بالنقمة وأن الدولة تظلم هؤلاء الشباب، وبدأت أبحث عن مصدر غير المصادر المشبوهة التي كرست لدي وهي علماء السلف وعلماء المملكة، ما جعلني اتوجه لغرفة الأنصار في البالتوك”.
وأوضح العبسي:”أنا كنت شخص إنطوائي ما جعل زياد صديقي الوحيد، كانت لدي حسابات كثيرة في البالتوك ومنها كثري الذي كان تمويه لكي يشعر الشخص أني مصري، حينها كنت أشعر أني مراقب من الأمن وأن ما أقوم به خطأ، في تلك الفترة وصلت لمرحلة كبيرة من اليأس، بعد سجن زياد وإنقطاع الخط حاولت أن أصدح بكلمة الحق التي كنت أراها، بعدها أبحرت في كتب التكفيرين سيد فضل أبو قتادة الفلسطيني واحياناٌ للظواهري وبن لادن، اتصلت بمنسق القاعدة بسام عام 26هـ لكي أذهب للعراق، وبفضل الله قبض علي قبل أن أذهب لأرض الفتن وأهلك هناك”.
وأكد العبسي:” بعد خروج زياد من السجن حصل نفور شديد بيني وبينه لأنه خلال سجنه التقيت بشباب يعرفون زياد واخبروني أنه يصرف عليهم ببذخ في الفنادق والمطاعم وهو يزعم أنه يرسل كل ريال لفلسطين”.
وأشار:” بعد ما بدأت أقرأ كنت التكفير بدأت أكفر الدولة وعلمائها منهم بن باز وبن عثيمين وكل من يؤيد الدولة في نظري كافر، هناك علماء لم أقم بتكفيرهم مثل بن زعير رغم اني كفرت سفر الحوالي لأنه أيد الدولة في كلمة واحدة”.
وتابع العبسي حديثه قائلا:”تزوجت من الثانية قبل السجن بثمان أشهر، و تفجير أرامكوا خططت له في جدة، وكان قرارا قمت بإتخاذه بشكل فردي، بإستهداف المنشآت النفطية نكاية بأمريكا لأني كنت أعتبرها أمريكية، الفكرة قمت بتبنيها وجمعت معلومات بشكل فردي، وحاولت عرض هذه الفكرة على زياد ولكني تراجعت، كنت اريد إستهداف خزانات داخل مصفاة جدة، عندما قدمت الأوراق لزياد لم يفهمها لأنها باللغة الإنجليزية وشعرت أن الكلام لم يعجبه وشعر أني من المباحث، وبعدها انتهت الفكرة والخطة، كان لدي استعداد أن أكون إنتحاري وافجر نفسي”.
وأضاف العبسي:”جهادي أخر اسمه بسام بدأ ينسق معي للذهاب للعراق، وقبض علي في تلك اللحظة عام 1427هـ، كنت اعطي بسام أموال لدعم الشباب الذين يذهبون إلى العراق، أفادني علمي بالتراجع عن بعض المواقف، زوجاتي لم يعرفوا بما أقوم به، رغم وضوح تشددي وتحريمي للتلفزيون، وكانت من وسائل الترفيه الاناشيد الإسلامية، لدي اصدقاء ولكنهم غير حركيين، لاحظوا التزامي وتشددي وعنفي ما أقصاهم عني”.
وعن تجربته في السجن قال العبسي:”السجن وقت مستقطع للتأمل والتدبر، منذ ثلاث سنوات بعد التوبة وأنا في سجن انفرادي، كانت فترة لإعادة التفكير، زوجتي كانت تزوني مرتين بالشهر بخلوة شرعية لمدة ثلاث ساعات، والمعاملة الحليمة التي مارستها معنا الدولة كان لها دور كبير في التوبة والتراجع. عام 29هـ التقيت شخص كان له تأثير كبير في تراجعي وهو الشيخ محمد بن قاسم، كنت ابطن التكفير ولكنه كان رجل يصدح أن الشباب على خطأ وضلال ويجب على الشباب الدولة، كان يتعرض مني لأذى شديد من الموقوفين”.
وأوضح العبسي:”لقائي بمحمد بن قاسم كان مفصل مهم في حياتي، كان يسفه منهج الشباب ، فبدأت أتأثر بثباته، وفي مرة قال لي لو أريد أن أجعل جميع الشباب يقومون بتأيدي لتمكنت من ذلك بكلمتين فقط، وهذه كلمة هزتني كثيراً، هناك صنم داخل النفوس اسمه الخوف من التراجع، هناك من الموقوفين من يخاف من التراجع بسبب الضغوط التي تمارس على الشباب الثابتين على فكرهم، وأنا هذا الجانب كان يخيفني ولكن الشيخ بن قاسم كان درس لي، بعد أن جلست معه بدأ يراجع معي المنهج من البداية ليثبت لي أين الخطأ في منهج التكفير”.
وواصل العبسي :”تراجعت عن تكفير العلماء وتبت إلي الله و أتمنى أن يغفر الله لي ولهم، المحامي كتب مذكرة تحوي تنصل من كل الإتهامات وطلبت إنهاء توكيله، وطلبت كتابة مذكرة بها الحق والصدق، المحامي يريد الإلتفاف على جميع الإتهامات”.
وأضاف العبسي:”مذكرة الإدعاء بها أشياء غير صحيحة وأنا سأقوم بإنكارها. المحامي كان يريد أن بضيف أنني قمت بشراء الكمبيوتر مستعمل وهذا غير صحيح، الإنسان يتعامل مع الله سبحانه وتعالى والتوبة لها مقتضيات، ولن أقبل بشهادة زور في مجلس القضاء”.
وقال العبسي:” “العوفي” لبس عليه الشيطان طوال وجوده حتى أوصله لقيادة التنظيم في اليمن وبعدها رفع عنه التلبيس وكان عليه اختيار الطريق الصعب بعد رفع التلبيس”.
و استطرد قائلا :”بعض الشباب لديهم ميل للحياد ولكن هناك شباب لديهم تأثير يحاولون تشويه سمعة التائب، أصحاب الفكر يضغطون على الأصغر سناً، الحياة اختلاف وقد تلتقي بجميع أصحاب التوجهات، بعد أن أعلنت توبتي بدأت أفقد مكانتي، وبدأ التهكم علي ورمي بالكلام الجارح، واتهموني بالجاسوسية والعمالة، عند هذه الأحداث يبدأ الشحص يسقط، بعض المتشددين قد يهجرون التائب، وبعضهم يحاولون إعادة التائب إلى طريقهم”.
وأضاف العبسي:”أغلب حديث الموقوفين في السياسة، ونشاهد التلفزيون ونتابع قنوات منها mbc، والطعام ممتاز في السجن بحسب الوضع الطبي للموقوف، وكذلك يتم صرف ملابس للمساجين، هناك مغسلة مرتين في الأسبوع، أحصل على راتب 2000 ريال في الشهر، وهناك مصروف شهري غير راتب الزوجة، هناك مستشفى كبير داخل السجن يحتوي على جميع الأقسام”.
وزاد العبسي:”أنا متبني هذا الخطاب ولا زلت مصرا على موقفي وتوبتي، رضيت بما أتاني الله، أنا أخطأت واحصل على عقوبتي والدولة تقوم بتربيتي بالحرمان من الحرية، لم أجد أي تعنيف في السجن واشهد أمام الله أنه لا يوجد أي ضرب في السجن”.
وأكد العبسي:”كنت اتوقع أن يتم سلخ جلدي ولكن ضربت مرة واحدة بالعقال عام 29هـ”.