وهلل ثانية للغزل الأميركي الإيراني , فكانت مسرحية تلكؤ روحاني واحتجابه عن الملا ” أوباما” خشية ” الولي الفقيه ” خامنئي ” وللنفاذ من نقمة المتشددين في إيران من المحافظين , ومن الذراع القوية الحرس الثوري , تولى مندوب إيران بالامم المتحدة التحادث مع رئيس أقوى دولة بالعالم ويخبره أن عليه الانتظار 45 دقيقة , ليوصله بروحاني , وتمت المصافحة بعيدا عن عدسات التلفزة , فتهلل وجه الإبراهيمي بشرا بأن إيران بعد أن وصفها سابقا بالشريك للنظام عاد ليؤكد على أهمية دعوتها لجنيف 2 وهذا ما كان , زار دمشق وقابل بشار , وأدلى وهو بطريقه إلى طهران أن حكومة بعد جنيف لن يكون للأسد فيها سلطات فعلية , ثم عاد يعذر لبشار بعد أن نفى ما قاله وبأن خطأ في الترجمة تم فيه تحريف تصريحة , وعاد ليزور بشار بعد نفيه , ويطمئنه ويستسمح منه .
فالابراهيمي يعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن يتم التوصل لصيغة لنجاح “جنيف 2 ” دون حضور سعودي , ووفقا للرأي السعودي الرافض لحضور إيران نظرا لكونها شريكا في الحرب على الشعب السوري , ولم تأبه السعودية بجعجعات لافروف الذي استطاع ورئيسه بوتين بتسويق إيران , فكان الموقف السعودي واضحا , ألا فائدة من استقباله والتحدث إليه في حين لا وضوح لدور نظام بشار , بل هنالك رضوخ لمشيئته , وقد تلقى في ذلك مساندة أميركية روسية بأنه لن يبحث في جنيف تخليه عن السلطة بل سيتم البحث باقتسام السلطة بحكومة انتقالية , في حين يظل بشار الأسد الرئيس ” المنتخب” لنهاية ولايته , إضافة ألاَّ يتم بحث عدم ترشحه لانتخابات 2014 .
في حين رشحت أنباء مؤكدة كما أشارت معلومات صحفية نشرتها “الحياة” : أن من “أسباب الحديث عن صعوبات أمام عقد “جنيف 2” أن الفكرة التي كانت طرحت في اطار الاتصالات الروسية – الأميركية السابقة عن حصول المؤتمر بمن حضر من المعارضة السورية إذا كان بعض أطيافها لن يوافق على الحضور استبعدت، وأن الرئيس السوري بشار الأسد أبدى تشدداً حيال المخارج المطروحة لتطبيق البند المتعلق بقيام هيئة انتقالية تنفيذية كاملة الصلاحية، كما نص بيان “جنيف 1″ في 30 حزيران 2012، هذا فضلاً عن أن عدم تحديد موعد للإبراهيمي في المملكة العربية السعودية يدل على أن التوافق الإقليمي على اطار المؤتمر ونتائجه المتوخاة، لم يكتمل بعد”.
وأعتقد أنه من المستبعد أن تحضر المعارضة السورية والدول الداعمة للشعب السوري وأهمها استراتيجيا المملكة العربية السعودية لجنيف 2 فالموقف المبدئي السعودي يلتقي مع وجهة نظر قوى المعارضة السورية مثلة في الائتلاف السوري ؛ و الذي ينطلق من بديهية , أنه من غير المنصف ألا يتم الاعلان عن محاكمة بشار عن جرائمه باستخدام السلاح الكيماوي , في حين تستجيب أميركا لوجهة النظر الروسية الايرانية بأن رحيل بشار سيؤدي لزعزعة الوضع في سوريا والمنطقة , متناسين أن “بشار” هو من أسهم بزعزعة الأوضاع بسوريا بممارساته غير الانسانية بتقتيل شعبه وحرق الأخضر واليابس, واستخدامه للكيماوي , وقابل ذلك اندهاش العالم من التراخي الأميركي , وتخلي أوباما عن ما كان يتشدق به أن الكيماوي خط أحمر , وبدلا عن ذلك أصبح يسوق أن بقاء بشار أو رحيله لن يتم بحثه بجنيف 2 , في حين يستمر تعاضد إيران وربيبه حزب الله بالقتال في سوريا دفاعا عن نظام بشار , وروسيا لا تزال ترسل بشحنات الأسلحة إلى دمشق , فيما محافظات بأكملها تتم محاصرتها دون كهرباء أو ماء أو طعام , حتى ممرات لادخال المساعدات الانسانية قوبلت حين عرضت على مجلس الأمن برفض روسي وصمت أميركي مريب .
في حين اكدت تركيا حضورها ومباركتها حضور إيران , يأتي الموقف التركي رد فعل مرتبط بموقف المملكة ودول الخليج عدا قطر – الداعم للحكومة المصرية الحالية , التي أطاحت “باصدقاء ” أردوغان , جاء ذلك بعد استقبال أردوغان اليوم لوزير الخارجية الايرانية لأنقرة اليوم ولقائه بوزير الخارجية قبل ذلك , وبذلك توسعع حلقة التفاف “الدب الروسي , بمباركة الملا ” أوباما ” بإظهار السعودية وكأنها العقبة الكأداء التي لا تؤيد حضور مؤتمر يرسخ بقاء بشار , وأعتقد أن لزيارة وزير الخارجية الأميركية المرتقبة يوم غد للرياض , بحث الملف السوري وبالخصوص مؤتمر جنيف , فالاختلاف السعودي الأميركي لا يعود لمصلحة ضيقة سعودية بل مواقف مبدئية , تجاه الموقف الأميركي المحير بالتودد لإيران والانحياز لوجهة النظر الروسية الايرانية بتمرير جرائم بشار وسنده إيران وداعمه الروس دون التفات للموقف العربي والسعودي بصفة خاصة , وباعتقادي لن ينجح كيري في اقناع السعودية بالخلطة السرية الروسية الايرانية التي لاقت موافقة أوباما , ولا عن التقارب الايراني التركي , وستكون النتيجة تاجيل جنيف 2 لأجل غير مسمى .
و تم فتح ممرات للمفتشين الدوليين للسلاح الكيماوي وسط التزام المعارضة بوقف دفاعها عن نفسها وطائرات النظام تقوم بقصف مواقعها , وتدك منازل السوريين الذين يتواجدون في مناطق ليس للنظام سيطرة فعلية عليها , إذن وجهة النظر السعودية , أنه من الأفضل عدم حضور بل انعقاد لـ (جنيف 2 ) وإغفال معاقبة بشار على ما ارتكبه من فضاعات وأشدها استخدام السلاح الكيماوي ضد قرى الغوطة الشرقية , ومع هذا يتم الاشادة بتعاونه لنزع الكيماوي , وتتودد واشنطن لطهران , وتتعرض أنقرة لضغوط أميركية روسية إيرانية بأن تتخلى عن دعم المعارضة بالسلاح , وتشجع المعارك الدائرة بين “متشددين اسلاميين ” ودولة العراق والشام ” داعش ” وبين مرتزقة جزب العمال الكردستاني , الأمر الذي يتم فيه إنهاك تلك الأطراف وتضرب تركيا عصفورين بحجر , لكن ضريبة ذلك أن تكف أنقرة عن تسهيل وصول الأسلحة للجيش الحر , وتمارس ضغوطها على قادة الائتلاف الذي يتخذ من اسطمبول مقرا له ولاجتماعاته وتليين مواقفهم .
بحسبانهم أن ذلك سيغنيهم عن الأخذ بعين الاعتبار الموقف السعودي , وهذا ما حدا بالسعودية ألا يأتي الابراهيمي لمجرد زيارة بل لأن زيارته إن لم تكن ترتكز على تلبية شروط المعارضة السورية التي ترتكز على رحيل الأسد و وعلى الأقل أن يعلن عدم ترشحه لانتخابات 2014 , وعلى الأميركيين والروس أن يعلنوا عن انعقاد لمجلس الأمن وتعلن فيه نتائج التحقيق عن استخدام الكيماوي , ومحاكمة النظام ورموزه امام محكمة الجنايات الدولية .