القاهرة – مصطفى سليمان، العربية.نت
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما حول مصر، أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، بعض الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية بمصر، حيث اعتبرها البعض نوعا من التخلي من قبل الإدارة الأميركية عن دعم جماعة الإخوان المسلمين. كما رأى سياسيون أن أميركا هُزمت أمام إرادة الشعب المصري، وقدرة القوات المسلحة على محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
وكان الرئيس الأميركي صرح بأن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي انتخب بطريقة ديمقراطية، لكنه فشل في إدارة أمور البلاد، مضيفاً أن الحكومة التي تولت المسؤولية عقب عزله تجاوبت مع مطالب المصريين، كما أكد أوباما أن دعم إدارته لمصر مرهون بالتقدم الديمقراطي.
قال أوباما: “محمد مرسي انتخب بشكل ديموقراطي، لكنه أثبت عدم قدرته على الحكم لكل أطياف الشعب، والحكومة المؤقتة التي حلت محله استجابت لرغبات ملايين المصريين المعتقدين بأن الثورة ذهبت باتجاه خاطئ، ولكنها أيضاً اتخذت قرارات لا تتماشي مع الديمقراطية مثل قانون الطوارئ وتقييد حرية الصحافة، وفي الحقيقة أن الولايات المتحدة تجنبت عن عمد عدم الوقوف مع أي جانب”.
وأضاف الرئيس الأميركي: “سنواصل العلاقات البناءة مع الحكومة المؤقتة التي تدعم مصالحنا مثل اتفاقية كامب ديفيد ومكافحة الإرهاب، وسنواصل الدعم في مجالات التعليم التي تخدم الشعب، ولكن في نهاية الأمر فإن تقديم أي أنظمة عسكرية أو مساعداتها من هذا النوع سيتوقف على تقدم مصر على طريق الديموقراطية”.
تصريحات إيجابية
من جانبه، أكد نبيل فهمي، وزير الخارجية، أن تصريحات أوباما إيجابية وتعكس تناولاً موضوعياً للوضع في مصر، مضيفاً: “أعتقد أن بعض الإشارات حول إجراءات اتخذت مثل مد قانون الطوارئ جاءت خارج سياق حقيقة التطورات والأحداث في مصر، وهي على العموم أوضاع سيتم تجاوزها في سياق تنفيذ خريطة الطريق وبناء الدولة الديمقراطية المصرية الحديثة.. دولة تتعامل بثقة وندية مع مختلف دول العالم، وتتخذ قراراتها بشكل مستقل ووفقاً للمصالح المصرية المباشرة، وباعتبارها دولة رائدة في إقليمها تشارك بإيجابية في النظام الدولي المعاصر”.
وقال الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين المصريين الأسبق، إن الإدارة الأميركية أدركت أن ما حدث في مصر في 30 يونيو، كان ضرورياً لفشل حكم الإخوان، وأن خطاب أوباما لن يلق قبولاً لدى جماعة الإخوان المسلمين قائلاً: “خطاب أوباما لن ينزل برداً وسلاماً على جماعة الإخوان”.
وأضاف، خلال حواره ضمن برنامج “الحدث المصري” عبر شاشة “العربية الحدث”، مساء الثلاثاء، أن خطاب أوباما خذل الإخوان الذين ما زالوا يراهنون على الموقف الدولي، إلا أنه كان يفترض أن يشمل الخطاب إشارة أو تحميلا للإخوان المسلمين لما يحدث في مصر من أعمال عنف وإرهاب.
الروح البراغماتية الأميركية
واعتبر الكاتب الصحافي عزت إبراهيم، مدير مكتب صحيفة “الأهرام” السابق في واشنطن “أن خطاب أوباما يمثل لهجة معتدلة تعكس قدراً كبيراً من الروح البراغماتية الأميركية، حيث تحدث أوباما بشكل صريح بأن ما يهم الولايات المتحدة هو مصالحها.
وأكد إبراهيم، في حديث مع “العربية.نت”، أن حديث أوباما ليس هو الفيصل في الموقف الأميركي لما جرى بعد 30 يونيو ولكن الأهم هو موقف البيت الأبيض، حيث لابد من حسم مسألة المساعدات الأميركية لمصر قبل نهاية السنة المالية الأميركية خلال الأيام الخمسة القادمة”.
وأضاف: “من الواضح من خطاب أوباما أن أميركا سحبت يدها من تأييد ودعم الإخوان.. كما أبدت الولايات المتحدة تأييدا للعملية السياسية وربطت تقديم مساعداتها بالتقدم في العملية السياسية التي لابد وأن تشمل كافة الأطياف السياسية بما فيها الإسلاميون.. كذلك تهتم واشنطن بشأن حقوق الإنسان في مصر”.
وأوضح إبراهيم “أن هناك صعوبات فنية ستواجه واشنطن بشأن تعليق مساعداتها لمصر، أهمها أن واشنطن ستتحمل عبء تقليص هذه المساعدات بسبب الخسائر التي ستخسرها الشركات الأميركية الموردة للمساعدات العسكرية لمصر”.
موقف دولي لا يعبر عن أوباما
من جانبه، أكد أبو العز الحريري، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أن تصريحات أوباما بشأن التعامل بصورة طبيعية مع الحكومة المصرية، موقف دولي ولا يعبر عن موقف شخصي لأوباما.
ونقلت صحيفة “اليوم السابع” عنه قوله: “الموقف الأميركي تجاه مصر تغير لعدة أسباب.. منها التحول الأخير الذي صنعه الجيش المصري في سيناء، وإثباته لقوته بعد تطهيرها من معظم البؤر الإرهابية، الأمر الذي قابلته إسرائيل بالصمت لأول مرة”.
من جانبه، قال الدكتور وحيد عبد المجيد، القيادي بـ”جبهة الإنقاذ الوطني”: “خطاب أوباما يدل على استقرار الموقف الأمريكي منذ شهر مضى عند مستوى الحفاظ على العلاقات المصرية، ولكن بطريقة ليست كما كان الوضع عليه قبل 30 يونيو، والاستمرار في تقييم التحول الديمقراطي في مصر وحتى نهاية المرحلة الانتقالية”.
وأكد عصام الشريف، منسق “الجبهة الحرة للتغيير السلمى: “الولايات المتحدة الأميركية لا تبقى على جماعات بعينها، بدليل تخليها عن مبارك في الماضي، والآن تتخلى عن جماعة الإخوان التي دعمتها، وذلك لأن أميركا لا تريد إلا مصالحها”.
أما مصطفى الحجري، المتحدث باسم “حركة شباب 6 أبريل الجبهة الديمقراطية” فيرى أن تصريحات أوباما تعد تراجعاً واضحاً في الموقف الأميركي السابق والمتعنت، تجاه ما حدث في 30 يونيو، المتمثل في الرفض الشعبي لحكم الإخوان المسلمين.