لم يعد أحد يتشكك في وقوف الولايات المتحدة الأمريكية خلف تصفية المسؤول السابق لتنظيم “القاعدة” الإرهابي في شبه جزيرة العرب أنور العولقي، في 30 سبتمبر عام 2011م، رغم أن الكثير من فصول قصة الاستهداف مازال طي الكتمان، لكن المثير حقا أن ترتبط نهاية العولقي بشاب دنماركي يدعى مورتن شتورم انضم للقاعدة في اليمن ثم تعاون مع الاستخبارات الأمريكية والدنماركية في القضاء عليه، والأكثر إثارة من كل ذلك هو ما كشفه شتورن أخيراً في حديثه لموقع “دويتشه فيله” الألماني، من أن العولقي كان مولعاً بالنساء، و”كان ضعيفاً أمام الشقراوات وخاصة المتحدرات من أوروبا الشرقية”، وعندما سرّب شتورن هذه المعلومة للمخابرات الأمريكية سارعت بتجنيد شابة كرواتية شقراء ادعت اعتناق الإسلام، فكانت بمنزلة الطعم الذي اقتنص العولقي.
لماذا كشف شتورن هذا السر؟ ولماذا أصبح يفضل الخروج من منطقة الظل إلى دائرة الضوء؟ ولماذا اعتنق الإسلام؟ وكيف انضم للقاعدة؟ تساؤلات عديدة يجيب عنها في حديثه لموقع “دويتشه فيله”.
تهديد “القاعدة”
عندما تشاهد هذا الشاب الدنماركي بلباس رياضي ولحية خفيفة وهو يقود سيارته بهدوء، لا يمكن أن تتخيل للحظة أنه كان في يوم من الأيام أحد مقاتلي تنظيم القاعدة الإرهابي. مورتن شتورم يعيش حاليا في مكان لا يريد أن يكشف عنه في شمال إنجلترا، فالشاب البالغ من العمر 39 عاما مهدد بالقتل من قِبل “القاعدة”.
مراد الدنماركي
“يوميا أقوم من الصباح حتى المساء بمراقبة الأشخاص والأشياء بشكل دقيق وكأنني أقوم بعملية مسح ضوئي، فهناك عديد من الأشخاص في هذا العالم يريدون قتلي” يقول شتورم، الذي كان اسمه الحركي داخل القاعدة هو مراد الدانمركي؛ كان أحد المقربين من أنور العولقي؛ الذي يُوصف بالملهم الروحي لتنظيم القاعدة.
القتل الحتمي
شتورم، الذي بدأ في مرحلة متأخرة يطرح على نفسه تساؤلات حول عمله مع “القاعدة” والدين الإسلامي، ساعد الاستخبارات الدنماركية والأمريكية في الإيقاع بالعولقي بعد قصف سيارته بطائرة دون طيار في اليمن في 30 سبتمبر2011. ويقول شتورم عن العولقي ” كنت متأكداً أنه سيتم قتله من قِبل الاستخبارات الأمريكية، لقد كان هذا الأمر حتمياً وإلا كان المزيد من الناس سيقتلون بسببه”.
الموسيقى والكحول
بدأت قصة شتورم في قرية صغيرة على بحر البلطيق في الدنمارك قبل حوالي عقدين من الزمن، إذ كان عضواً في فرقة لموسيقى الـ “روك آند رول”، كما كان يقبل على المعارك والسلاح والكحول، شعر شتورم أن حياته تفتقد المعنى، وأنه يشعر بخواء داخلي. في أحد الأيام وبينما كان في إحدى المكتبات المحلية، أخذ يتصفح القرآن بترجمة دنماركية، ويقول عن تلك اللحظة “لقد شدتني الصفحة الأولى وشعرت أن هذا الكتاب يحمل كل الأجوبة عن الأسئلة التي كنت أطرحها عن معنى الحياة”.
الانضمام للمتطرفين
بعد ذلك أعلن إسلامه وبدأ يتعمق يوماً بعد يوم في الدين، فالتحق بمُريدي الداعية الإسلامي السلفي عمر بكري في لندن، وفاق حتى المتشددين المتطرفين في تشددهم، وفي بريطانيا كانت له أنشطة عنيفة، منها مشاركته في مظاهرة أمام السفارة الأمريكية في لندن، إذ طالب برفقة متشددين آخرين، بإقامة دولة إسلامية، واتسمت المظاهرة بأحداث عنف.
إرهابي آلي
ويقول شتورم إنه “وصل إلى مرحلة من التطرف لم يعد يقتنع فيها حتى بما يقوله عمر بكري، وكان يطمح للجهاد فانتقل إلى اليمن، حيث تعرف على أنور العولقي هناك”، ويتابع “لقد تحولت هناك شيئاً فشيئاً إلى روبوت، إنسان آلي، مجردٍ من الإرادة الحرة والتفكير العقلاني. عندما يتحول الإنسان إلى هذا الشكل يمكنه أن يكره حتى أسرته نفسها”.
الاتصال بالاستخبارات
بعد فترة من العمليات الإرهابية والإجرامية التي تورط فيها شتورم بقتل جنود أمريكيين ومدنيين، أراد أن يتراجع عن القتال، لم يعد مقتنعاً بما يقوم به، وأراد العودة إلى الدنمارك ليعيش حياة عادية. فاتصل بالمخابرات الدنماركية والأمريكية وعرض عليهم خدماته للإيقاع بالعولقي.
نقطة ضعف العولقي
كان شتورم من القليلين جداً الذين يعرفون نقطة ضعفه، وهي حبه للنساء “لقد كان ضعيفاً أمام الشقراوات، وخاصة المتحدرات من أوروبا الشرقية”. شابة كرواتية شقراء ادّعت اعتناقها للإسلام وارتداء النقاب، كانت الطعم الذي اقتنص العولقي. إذ تواصلت معه من خلال أحد الفيديوهات التي أرسلتها له، في حين أنها كانت تابعة لجهازي الاستخبارات الدنماركية والأمريكية.
بعد مقتل العولقي تحدثت الاستخبارات الدنماركية عن إنجاز شخصي، دون الإشارة إلى دور شتورم، كما رفضت أن تدلي بأي تصريح لدويتشه فيله حول الموضوع. أما تنظيم القاعدة فقد أرسل له فيديو، من المفترض أنه صُور في سوريا، يُظهر صور عديد من الشخصيات الدنماركية وهي معلقة على صخرة، ثم يقوم مقاتلون بإطلاق النار عليها. وهو ما يرمز إلى رغبة التنظيم في قتله.
الاحتماء بالإعلام
وعلى الرغم من تهديدات القتل التي تلقاها، فإن شتورم لا يحظى بأي حراسة من الشرطة بل يشعر أنه قد تم التخلي عنه “حمايتي الوحيدة، هي الإعلام والرأي العام” ولهذا الغرض أصدر شتورم في سنة 2014 كتابا يروي فيه قصته بعنوان “العميل شتورم، حياتي داخل القاعدة والسي آي إيه”. إذ يعتقد أن تسليط الأضواء الإعلامية عليه قد يكون نوعا من الضمانة له بألا يصاب بمكروه من بعض الجهات.