شريدًا ملاحقًا يتنقل من منطقة إلى أخرى لدى معارفه من مشايخ القبائل الذين يدينون له بالولاء، هذا هو حال الرئيس اليمني المخلوع على عبدالله صالح، المطارد من قبل قوات التحالف العربي التي ضيّقت الخناق عليها باستهداف مقراته، والأماكن التي يختبئ بها من وقت لآخر، وكان آخرها قصف منزله
بقرية بيت الأحمر، ومنازل أشقائه وأقربائه من القادة العسكريين البارزين.
وأكدت تقرير صحفية مجددًا، أن “صالح” يعاني عزلة شديدة، وأن من كانوا يرحبون به بالأمس، يبدون عدم استعدادهم لاستضافته اليوم؛ لأنهم يخشون من قصف قوات التحالف. وقالت صحيفة الشرق الأوسط الخميس (21 مايو 2015)، إن المواقع التي أنشأها للاختباء، باتت شبه معروفة لدى الجميع، بينها
منازله غير الرسمية والسراديب أسفل “دار الرئاسة” و”جامع الصالح” في منطقة السبعين بجنوب العاصمة، إضافة إلى المناطق الجبلية التي يلجأ إليها في مسقط رأسه في سنحان.
ونقلت الصحيفة -عن مصادرها- أن “صالح” ينوي معاقبة كثير من الزعامات القبلية والقيادات التي يعتقد أنها خذلته في هذه الظروف، رغم العطاء الجزيل الذي كان يمنحهم إياه. مشيرة إلى أن المخلوع شرع فعليًّا في إعداد قوائم بأسماء تلك الشخصيات، على أمل تصفية الحساب معها في القريب العاجل،
تحت مبررات وأسباب متعددة، منها الثأر القبلي و(القاعدة) والحوادث المرورية والأزمات الصحية المفاجئة، كما كان يحدث إبان حكمه.
وذكرت المصادر -التي رفضت الكشف عن هويتها- أن المخلوع “صالح” تخلى عن كثير من «الهيلمان» الذي اعتاد عليه لعقود خلال تنقلاته، فقد ترك جزءًا كبيرًا من مرافقيه والسيارات التي كانت ضمن موكبه، وبات يتنقل في موكب لا يتجاوز عدد سياراته الثلاث، وأنها لا تسير في وقت واحد معًا،
وأشارت المصادر إلى أن المخلوع، وجراء هذه التطورات التي لم يكن يتوقعها، بات يعاني من أزمة نفسية وحالة اكتئاب.
وقالت مصادر مقربة منه، إن كثيرًا من الزعماء العرب -الذين كان يعتبرهم أصدقاءه أو حلفاءه- رفضوا –مؤخرًا- الردّ على اتصالاته، خاصة بعد المحاولات التي قام بها بعض القادة والشخصيات العربية لدى دول التحالف العربي، لتخفيف الحصار عن صالح، والسماح له بمغادرة اليمن. بينما قالت مصادر
أخرى، إن بعض دول التحالف كانت توشك على التوسط لمغادرة صالح اليمن، في حال نفّذ الشروط المطلوبة منه، لكنه رفض، وتلك الشروط تتمثل في التنازل عن قسم كبير من أمواله لصالح الخزينة العامة للدولة اليمنية ولمرحلة إعادة الإعمار، والاكتفاء بمبالغ معقولة ليعيش منها في أية دولة كريمًا إلى أن
يوافيه الأجل.
وقدّر، خبراء في الأمم المتحدة الثروة التي يمتلكها الرئيس المخلوع على صالح، بأكثر من 60 مليار دولار أمريكي، نهبها من أموال الشعب اليمني خلال فترة حكمه التي امتدت لنحو 33 عامًا، إضافة إلى رفضه طلب إدانة التمرد الحوثي، ودعوة أنصاره في الجيش اليمني إلى عدم القتال إلى جانب الحوثيين.
وإضافة إلى الملاحقة من قبل طيران التحالف وقوىً محلية تسعى إلى الثأر السياسي والقبلي منه، جراء ما اقترفه بحقها خلال فترة حكمه، يعاني المخلوع صالح أو «عفاش» كما يحلو لبعضهم تسميته، تيمنًا باسم جده الكبير في العائلة الفلاحية في سنحان، من ملاحقة دولية، بعد أن أصبح اسمه واسم نجله
مدرجين على قائمة العقوبات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، ففي الـ7 من نوفمبر المنصرم، أدرج مجلس الأمن صالح على قائمة عقوباته، وأمر بتجميد أمواله ومنعه من السفر، إضافة إلى قياديين آخرين في حركة “أنصار الله” الحوثية، وفي الـ14 من إبريل الماضي، أصدر المجلس قرارًا آخر
حمل رقم (2216)، وأدرج بموجبه نجل صالح وزعيم حركة الحوثيين، عبدالملك الحوثي، ضمن قائمة العقوبات.
وأشارت معلومات -حصلت عليها “الشرق الأوسط”- إلى أن عددًا من المنظمات الحقوقية، شرعت في إعداد ملفات تتعلق بممارسة المخلوع خلال فترة حكمه، بدءًا بالإعدامات التي نفذها بحق معارضيه في العام نفسه الذي تولى فيه السلطة (1978)، وإخفاء جثامينهم، مرورًا بكل ممارسات القمع السياسي
والفساد ونهب الأراضي والثروات البترولية والمعدنية، وانتهاءً بضحايا ما عرفت بـ«جمعة الكرامة» في الـ18 من مارس 2011. ثم تحالفه مع الحوثيين لاحتلال المحافظات الجنوبية وتعز ومأرب، بعد احتلال المحافظات الشمالية.