– الإعلام أصبح وسيلة من أهم الوسائل التي تؤثر في صانع القرار السياسي في الدول.
– سرحان العتيبي: للإعلام دور كبير في دعم الحقائق والتأثير على أطراف النزاع.
– محمد سليمان الأحمد: الإعلام العربي ينقصه الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع الطوارئ.
– سعود كاتب: “عاصفة الحزم” واحدة من التجارب التي أثبتت أن الإعلام على قدر الحدث والتعامل مع الأزمات.
إلى أي مدى كشفت الأزمات المتلاحقة في منطقتنا العربية، كعاصفة الحزم على سبيل المثال، قدرة وسائل الإعلام المحلية في التعامل مع الأحداث، والمستجدات، ومساندة الجانب السياسي، والعسكري؛ باعتبارها أحد أهم الوسائل التي تساهم في توضيح الحقائق ودحض الشائعات، والتأثير في الرأي العام.
تساؤلات تطرحها “احد المصادر” على عدد من المختصين حول “الإعلام الأزمات”.. وهل هو قادر على التعامل مع الأحداث باحترافية عالية، أم يفتقد إلى خطط الأزمات؟ مما يوقعه في ارتباك وضعف مصداقية؛ سرعان ما تداركها ليكشف زيف ما يقدمه الإعلام المضاد الذي يسعى ليهز ثقة المتلقي فيه، وإيضاح الحقائق منذ اليوم الأول؟
سلطة رابعة
يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، ورئيس الجمعية السعودية للعلوم السياسية الدكتور سرحان بن دبيل العتيبي، أن الإعلام أصبح وسيلة من أهم الوسائل التي تساهم في التأثير على الرأي العام وعلى صانع القرار السياسي في الدول؛ فقد كان يُصَنّف في ألأهمية بأنه السلطة الرابعة، وينافس السلطات الأخرى في توجيه الرأي العام تجاه القضايا التي يدعمها الإعلام.
وعن الدور الإعلامي المنوط به وقت الأزمات، قال: للإعلام دور كبير في دعم الحقائق أو تغييرها أو التأثير على أطراف النزاع إيجاباً أو سلباً، ولم تقتصر وسائل الإعلام على الوسائل التقليدية؛ بل أصبحت الوسائل الإعلامية الحديثة ذات تأثير كبير على مختلف الأزمات والصراعات الداخلية والدولية؛ لذلك فوسائل الإعلام بشقيها التقليدي والإلكتروني تمتلك القوة في التأثير على مختلف الأحداث والأزمات.
وتابع: الإعلام بات يُستخدم في توضيح وجهة النظر لكل أطراف الأزمات، بالآلية التي تراها تخدم سياسة المؤسسة الإعلامية والدولة التابعة لها هذه الوسيلة؛ مؤكداً أن المهنية العالية والشفافية والقدرة العالية على المصداقية والموضوعية تُرَسّخ تأثير وسائل الإعلام على المتلقي.
العقلية التقليدية
وحول “عاصفة الحزم” أو الحدث الحالي، قال: الإعلام في هذا الجانب ينقسم إلى قسمين: القسم الأول فهو ذلك الإعلام المهني عالي المصداقية والموضوعية، المبادر دائماً، والمبدع والذي يصيغ الخبر ويشرح الحدث بطريقة قد يقلب فيها الحقائق، ولديه شمولية في استعراض الحدث من خلال محللين متخصصين ومراسلين متميزين في مختلف العالم، وهذا الإعلام يؤثر في المتلقي سواء بالإيجاب أو السلب.
أما القسم الثاني من وسائل الإعلام؛ فهو الإعلام الذي يفتقد المهنية العالية؛ لافتاً إلى أن تلك المهنية العالية تفتقدها وسائل إعلامنا مع الأسف الشديد، وقال: إعلامنا، على الرغم من تاريخه الطويل في الممارسة الإعلامية؛ فإنه لم يتطور، وبَقِيَ رهين العقلية التقليدية التي لا ترى الأمور إلا من خلال رؤية صانع القرار، ولم يتحرر إعلامنا من القيود التي كبّل نفسه بها منذ عقود طويلة، حتى أصبح عند المتلقي يفتقد للمصداقية والموضوعية.
ووأوضح “العتيبي” أنه في الدول المتقدمة عندما تحدث أزمة أو حرب، أول ما تهتم به الدولة هو وسائل الإعلام؛ لأنها هي الصورة التي يشاهدها العالم وينعكس عليها الحدث للعالم الآخر؛ ولذا يتم تشكيل هيئات أو إدارات خاصة للإشراف على وسائل الإعلام؛ حتى تستطيع نقل الخبر بصورة مؤثرة وجذابة ومهنية عالية، دون أن يعلم المتلقي بتأثير صانع القرار على وسائل الإعلام؛ لتبدو للمتلقي بأنها متحررة من تأثير صانع القرار وتحمل رسالة صادقة وموضوعية؛ وذلك للتأثير الإيجابي على الداخل وتغيير وجهة نظر الطرف الآخر ودفعه للتعاطف.
وقال: نجد أن الدول الديموقراطية التي تتمتع فيها وسائل الإعلام بحرية كبيرة، تضع في وقت الأزمات أو الحروب وسائل الإعلام تحت الرقابة المباشرة؛ وذلك لعدم نشر ما قد يسيء لمصلحة الدولة أو يعرقل تحقيق أهدافها العليا.
ربكة إعلامية
من جهته، رأى أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور محمد سليمان الأحمد: أنه ينبغي دائماً أن يضع المخططون الإعلامون خطة للأزمات؛ كحالات (حروب، وحرائق، وزلازل، وخلافه)؛ بيْد أن الكثير من الدول النامية يفتقدون التخطيط والقوى البشرية المؤهلة؛ ولذلك نجدهم يفاجؤون بحدوث الأزمة؛ مما يحدث ربكة في البداية؛ بيْد أنهم تدريجياً يستطيعون التفاعل والاستمرار، وهذا ما حدث في كثير من الأزمات السابقة.
ورأى أن عملية التعاطي مع الحدث والرجوع إلى متخذ القرار والسياسين، لا يزال غير منضبط؛ ما يؤدي إلى تأخير التعامل مع الأزمة إعلاميا؛ نتيجة عدم وجود الخطط والاستراتيجيات.
وبسؤاله عن تقييمة للدور الإعلامي في أزمة “عاصفة الحزم”، وكيفية تعاطية للأحداث من البداية، أجاب: لا نستطيع أن نقول إنه كان ناجحاً بنسبة مائة في المائة؛ فقد حاول منذ البداية التعامل، وبدأ في تحسين وضعه.
كسب ثقة المتلقي
وتابع “الأحمد”: في الدول المتقدمة تكون هناك خطط خاصة للأزمات، وفريق معين لتغطية الحروب من كل منطقة، ويتم التعامل بشكل محترف مع المسؤولين، ويكون لديهم معلومات عن الفِرَق العسكرية؛ لافتاً أن الإعلام العربي ينقصه الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع الأزمات والطوارئ.
وحول كيفية التعامل مع الإعلام المضاد، أوضح أستاذ الإعلام أن كشف الحقائق وفضح الإعلام المضاد يوضّح للمتلقي زيْف ما يقدمه الإعلام المضاد، كما أن تفنيد الأخطاء والعيوب يهز ثقة المتلقي للإعلام المضاد؛ مؤكداً أن المصداقية من أكثر الأمور التي تربط الجمهور بالإعلام.
ورداً عن ما ينقص الإعلام حتى يكون على مستوى الحدث، أجاب “الأحمد”: ينقصنا التفرغ؛ لافتاً إلى أن وجود الإعلامي المتفرغ بشكل كامل للعمل، أمر في غاية الأهمية، كما أن التدريب والتخصص تُعَدّ أموراً هامة يجب أن يهتم بها الإعلامي، وينبغي أن يتوفر له التدريب بشكل سنوي حتى يتابع التطورات العالمية.
جبهة رابعة
وتوجهت “مصادر” إلى وكيل وزارة الإعلام المساعد للإعلام الخارجي والمتحدث الرسمي لوزارة الإعلام الدكتور سعود كاتب، الذي أكد أن الإعلام السعودي كان على مستوى الحدث، وأظهر قوته في كل الاتجاهات؛ سواء من ناحية المتحدث الرسمي الذي كان يظهر بشكل يومي لإيضاح الحقائق والرد على التساؤلات الموجهة من كل القنوات المحلية والعربية والعالمية، أو من ناحية الإعلام الذي كان متواجداً في كل المناطق الحدودية ، وفي مجال الر أي والتحليل السياسي، وبرغم أن هناك عدداً من الصحفيين ليس لديهم خبرة بالأزمات؛ بيْد أنهم قدّموا تجربة ممتازة.
وأضح أن الإعلام يُعَدّ جبهة رابعة بعد الجبهات البرية والبحرية والجوية، والذي لا يقل أهمية عن باقي الجبهات الأخرى؛ مؤكداً أنه تم التعامل بمنتهى الاهتمام، والتغطية كانت متوائمة مع الحدث، وقال: لقد تم إدارة الإعلام بشكل جيد، وظهرت استراتيجيته وتوجهه من اليوم الأول؛ حيث أوضح وجهة النظر السعودية ودول التحالف، ورد على كثير من الدعايات والشائعات.
ولفت المتحدث باسم وزارة الإعلام إلى أن الموقف الدبلوماسي لعب دوراً مهماً في إيضاح الحقائق كاملة، وقام الإعلام بالدور المكمل لإيضاح الصورة كاملة للعالم العربي والخارجي؛ مشيراً إلى أنه تعامل باحترافية مع القنوات المختلفة التي كانت متواجدة لتغطية الأحداث.
إعلام مدروس
ورداً على اتهام البعض للإعلام بعدم الاحترافية ووجود ربكة في بداية الأزمات، أجاب كاتب: تحدُث الربكة في كثير من الدول النامية؛ بيد أن الإعلام السعودي من اليوم الأول كان لديه اختلاف؛ فهناك متحدث إعلامي محترف يرد بمهنية على كل التساؤلات، ولم تحدث ربكة كما كان يتوقع البعض، وقال: كان هناك تواجد مدروس من اليوم الأول وعلى قدر المسؤولية.
وعن طرق التعامل مع الإعلام المضاد، قال: الحقيقة دائماً تتكلم عن نفسها، وكشف الحقائق يقف عائقاً أمام انتشار أي أكاذيب؛ مشيراً إلى أنه على الرغم من انتشار الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعي؛ بيْد أنها كانت خط دفاع من نوع آخر للتصدي للشائعات من خلال المواطن الواعي الذي استطاع تفنيد الحقائق والرد على الاتهامات والأكاذيب الموجهة.
وأنهى حديثه قائلاً: تُعَدّ “عاصفة الحزم” واحدة من التجارب التي أثبتت أن الإعلام على قدر الحدث والتعامل مع الأزمات.