سجالات واسعة ومخاوف عميقة اكتنفت فئات مختلفة في المجتمع المغربي بشأن استغلال النقاب والمنتقبات في أعمال إجرامية أو غير أخلاقية.
واستحوذ الموضوع على اهتمام المغاربة في الآونة الأخيرة في ضوء ثلاثة أحداث أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات التلفزيون.
وكان الحدث الأول، وفقًا لما قالته شبكة “سي إن إن” الأمريكية الإخبارية، هو ما تردد عن اعتداءات إجرامية لامرأة تتنكر في زي المنتقبات على الفتيات بمدينة سلا، والثاني يخصّ فيديو مغربية منتقبة تطلب الزواج، والثالث ما راج عن قبض على أستاذة احترفت التسوّل عبر استخدام النقاب.
وحظيت الواقعة الأولى التي شدت انتباه المغاربة خلال شهر مارس الفائت، بالنصيب الأكبر من تسليط الأضواء عليها، ورغم نفي الدوائر الأمنية وجود مجرمة بهذا الوصف، فإن سكان مدينة سلا تحدثوا لوسائل إعلام مغربية عن مشاهدتهم هذه المنتقبة المعتدية.
فيما كان التعاطي ساخرًا مع فيديو المنتقبة الراغبة في الزواج، خاصة طلبها من زوجها المستقبلي ارتداء النقاب كي لا يشعل الفتنة، ممّا يبين أن صاحبته تبتغي السخرية من هذا اللباس، وفيما يتعلّق بالواقعة الثالثة، فهي تعود إلى توقيف أستاذة تعليم ابتدائي بمدينة مكناس، خلال هذا الأسبوع، وهي تمارس التسوّل، متنكرة في زيّ منتقبة.
يقول مولود أمغار، الباحث في السوسيولوجيا (علم الاجتماع): “الاستعمالات الاجتماعية السلبية للنقاب في إخفاء الهوية وتوظيفه لغرض الإرهاب، أو الإجرام أو التسول، سارت في اتجاه تزكية المعرفة العادية والأجوبة العفوية عن فئة المنتقبات”.
وتابع أمغار: “إن التفكير الاجتماعي المغربي اتجه لتخصيب الحيطة والحذر من كل الصور التي يعتبرها المجتمع تعبيرًا عن التشدد في الدين، غير أن تصاعد حدة الخطاب السلبي ضد هذه الفئات، لا يعني وجود رفض اجتماعي للدين في بعده المعياري، بل هو نفور من صور اجتماعية تختزل الدين في شكل أو سلوك معيّن”.
وبتفاصيل أكثر يشرح أمغار: “الصور الاجتماعية التي كنا نعتبرها مثالية عن “المؤمن الصالح والمؤمنة الصالحة”، آخذة في التغير تجاه حق ممارسة الدين وفق تصورات فردية، فقد تبيّن أن هناك نوعًا من الرفض لتمركز الدين في صور تعبر عن جماعات معينة داخل المجتمع”.
ويُضيف أمغار: “يجب أن نشير كذلك إلى أن انتشار مجموعة من الصور والحكايات السلبية التي تخترق مجتمعنا عن المنتقبات، فيها نوع من المغالاة في تقدير الاختلافات بين الجماعات المكونة للمجتمع، وتحريف للواقع خصوصًا عندما يتم استغلاله إعلاميًّا وسياسيًّا، الفضاءات المشتركة والعمومية هي حق للجميع، ولا يجب قمع الحريات بداعي إخفاء الهوية”.