قال الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبي، وخطيب وإمام الحرم المكي، أن الطعن في العلماء ليس طعنا في ذواته فحسب، بل هو طعنا في الشريعة والدين والعلم الذي يحملونه، مطالبا شباب الأمة بتلمس الأعذار للعلماء وعدم تتبع زلاتهم والبحث في سقطاتهم، لأنهم بشر غير معصوم.
وطالب “السديس” في خطبة الجمعة التي ألقاها بالحرم المكي اليوم (13 مارس 2015) بالابتعاد عن الفتن التي تسعى للوقيعة بين العلماء وبث الشائعات عنهم لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أنه من حق أهل العلم الرجوع إليهم والصدور عنهم خاصة في النوازل والمستجدات وعند حدوث الفتن ووضع الثقة بهم، وإنه ليجدر بأبناء الأمة أن يرعوا للعلماء حقهم ويعرفوا لهم فضلهم ويرفعوا مكانتهم وذلك بمحبتهم وموالتهم واحترامهم وتقديرهم.
وحذر من إعطاء الفرصة للمجاهيل وأنصاف المتعلمين في انتزاع ثقة الناس بالعلماء الربانيين، مطالبا حملة الأقلام ورواد الإعلام بمآزرتهم للعلماء وتحري المصداقية والنقل الهادف، والعمل على تعزيز الوحدة الدينية والوطنية وتوظيف الإعلام في نشر الوعي بحرمة الدماء ومخاطر الظلم والتصدي لمروجي الإشاعات، متابعا: “لن تخط أمتنا شطر العزة ولن تنعتق من الفتن إلا باتباع ذوي الألباب الحصيفة السديدة والعلماء ذوي النهى المكينة الرشيدة”.
وقال “السديس” في خطبته: “إن منن الباري سبحانه على عباده عظيمة مترادفة، ومن أجل نعم الله على عباده أن أرسل فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويذكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فقام صلى الله عليه وسلم برسالته خير قيام، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وقد حمل مشعل الهداية بعده أهل العلم على ميراث الرسالة ومنهاج النبوة في البلاغ والبيان فهم في الأمة أنوار الهدى ومصابيح الدجى وحراس الدين وحماة العقيدة”
وأضاف: “لقد خص الله تعالى أهل العلم بالتكريم والتشريف والمقام العلي المنيف، فالعالم في الأمة بدرها الساري وسلسالها العذب الجاري لا سيما أئمة الدين وعلماء الشريعة ومهما دبجت النعوت في فضائلهم فلن توفيهم حقهم”، لافتا إلى أن “مسؤولية العلماء في الأمة عظيمة ومهمتهم جسيمة وأوجب الواجبات عليهم بيان صحيح الدين، كما أنزل على سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام”.
وتابع أن العلماء “لا يقتصر دورهم على البيان وحسب، بل يمتد إلى محاربة البدع والمنكرات والمحدثات، ليميز الله بهم الخبيث من الطيب والحق من الباطل، فأسمى مقاصدهم إبراز الرؤية الإسلامية لكافة القضايا التأصيلية والمستجدات العصرية فيحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويهدون به من ضل إلى الهدى”.
وقال إن العلماء رمانة الميزان ولسانه، وأهل التوسط والاعتدال، يواجهون الأفكار الضالة ويحاربون التوجهات الشاذة، هم صمام الأمن والأمان، خاصة وقت الفتن والمدلهمات كما هو الحال في زماننا، الذي سادت كثير من أرجائه العصبية الرعناء والحملات الحاقدة الشعواء مع قصور الهمم واستهداف أصحاب هذه الحملات المسعورة الشباب اليافع، يلقمونهم الأفكار الهذيلة والطائشة.