“الباسيج” الإيراني وحزب الله يقدمان الاستشارات للحوثيين للهيمنة بالسلاح
المؤشرات والدلائل المتاحة تؤكد عجزهم التام عن إدارة دولة بحجم اليمن
استمرار الأزمة يوقف الدعم الدولي ومساعدات الخليج.. والضحية الشعب
كل ما يستطيعون تقديمة المزيد من الجوع والعوز والفقر.. ولا عزاء لليمنيين
شواطئ اليمن مصدر لتطوير “القاعدة” من عملياتها و “داعش” ستستغلها
أعمال “الحوثي” ستفكك الدولة.. وأول بشائرها سيكون انسحاب اليمن الجنوبي!
أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور فؤاد برادة، في تصريحات أن الجمهورية اليمنية تشهد حالياً أزمة سياسية عارمة بعدما أوصلتها مجموعة الحوثيين وأعوانهم إلى حافة الهاوية، مشيراً إلى أن الباسيج الإيراني وحزب الله يقدمان الاستشارات للحوثيين للهيمنة بالسلاح، ومع ذلك فالمؤشرات والدلائل المتاحة تؤكد عجزهم التام عن إدارة دولة بحجم اليمن.
وأوضح أن “طهران” لم تقدم لهم سوى أسلحة مخلفات الحرب العراقية وكتب “ثورة الخميني”، فلا يستطيعون تقديم إلا الجوع والعوز والفقر لليمنيين، منبهاً إلى أن شواطئ اليمن ستكون مصدراً لتطوير “القاعدة” من عملياتها و “داعش” ستستغلها، وأن أعمال “الحوثي” ستفكك الدولة، وأول بشائرها سيكون انسحاب اليمن الجنوبي، مؤكداً أن استمرار الأزمة يوقف الدعم الدولي وربما مساعدات الخليج وسيكون الضحية الشعب.
الواقع والاضطرابات
وشرح “برادة” الواقع اليمنى قائلاً: “بدأت الإضرابات السياسية في اليمن عام 2011، وكانت الحشود تطالب برحيل نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن السلطة، وقد أثمرت الاحتجاجات تلك عن إزاحة الرئيس “جزئياً” عن المشهد السياسي، وكان ذلك بفضل المبادرة الخليجية التي قدمتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي كمساهمة منها في حل الأزمة بين الفئات المتصارعة في اليمن”.
وأضاف: “انعقدت بعد ذلك جلسات “الحوار الوطني اليمني” في مارس 2013، وعول عليها لإيجاد حلول لمشاكل اليمن العالقة، وقد استمر ذلك الحوار قرابة عشرة أشهر، واختتم في 25 يناير 2014 بالتوقيع على الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وكان من المتوقع أن يتم إقرار الدستور الجديد لليمن في عام 2015م “.
السيطرة والهيمنة
وبين: “الحوثيون شعروا بأن الأوضاع السياسية تسير في غير صالحهم وأن والطرق الدستورية والقانونية لن تأتي لهم بالسيطرة والهيمنة على الدولة وعلى الشعب اليمني المكافح من أجل الحياة الكريمة والتقدم الاقتصادي والتعليمي والصحي والحياة الدستورية العادلة التي تكفل له العيش الكريم”.
وتابع: “شعر الحوثيون وأعوانهم داخلياً وخارجياً أن الأمور السياسية في ظل يمن مستقر سياسياً وقانونياً وفي ظل مؤسسات سياسية دستورية لن تكون في صالحهم، وبالتالي فإن طموحاتهم في الهيمنة على مقدرات الشعب اليمني ستكون بعيدة المنال “لأنهم فئة بسيطة” واحدة في مكونات الشعب اليمن البالغ 25 مليون نسمة حسب إحصائية الأمم المتحدة”.
وأوضح: “الحوثيون قرروا تنفيذ الأجندة الإيرانية صدقة، والاستحواذ على السلطة بالقوة وتهديد السلاح، فنشروا ميليشياتهم المسلحة في الشوارع خصوصاً العاصمة صنعاء وبعض المدن الأخرى.
ماذا يريدون؟
وأجاب “برادة” عن سؤال: ماذا يريد الحوثيون ومن معهم من اليمن؟ حيث قال: “الجواب بكل بساطة هو أن كافة المؤشرات والدلائل تشير إلي إن الهم الأول والأخير للحوثيين ومن معهم هو تنفيذ السياسيات والأهداف التي تمليها عليهم طهران ومدينة قم في فارس وهم يرغبون في الهيمنة بقوة السلاح على الحياة السياسية والاقتصادية في اليمن، مقتدين في ذلك بما فعله حزب الله في لبنان بأي ثمن كان وبأي شكل كان، فهذه بكل بساطة حدود طموحاتهم ومساعيهم”.
دور حاسم!
واستكمل: “الحوثيون ومن خلال تصرفاتهم وإعلاناتهم يطمحون لأن يكون لهم دور حاسم ومفصلي في رئاسة الدولة وفي رئاسة الوزراء وفي الوزارات الهامة: “الدفاع، الداخلية، المالية، والوظائف الهامة وفي الضرائب وغيرها، وهذا بطبيعة الحال لن يأتي لهم في ظل محدودية عددهم ومكونهم السياسي؛ حيث إنهم لا يشكلون سوى نسبة بسيطة من مكونات الشعب اليمني، وهذا الوضع غير مريح لهم ولا يتماشى مع طموحاتهم وأوامر أعوانهم في إيران”.
“الباسيج” وحزب الله
وقال: “يبقى السؤال الهام: هل يستطيع الحوثيون السيطرة على دولة بحجم اليمن؟ رغم قلتهم سكانياً وضعفهم اقتصادياً وحتى عسكرياً ورغم وجود المستشارين في “الباسيج” الإيراني وعناصر من حزب الله اللبناني، وفي ظل ضحالة تفكيرهم السياسي وقصر نظرهم العملي، وعدم وجود التأييد الشعبي لهم من كافة القوى السياسية الأخرى في اليمن باستثناء بعض الفرقاء من أعوان الرئيس السابق علي عبد الله صالح”.
لن يتحقق نهائياً
وشدد “برادة” على أن كل المؤشرات والدلائل وحتى التاريخ السياسي -القديم والحديث- لليمن يؤكد أن ذلك لن يتحقق للحوثيين نهائياً، فلا الشعب اليمني المكون من العديد من القبائل سوف يسمح لهم بذلك، ولا المكون الجنوبي في اليمن سوف يسمح لهم أيضاً، فكيف ستتمكن قلة قليلة من الشعب لا تتمتع بأي صفة دستورية أو شرعية أو قانونية أن تحكم دولة بحجم اليمن، ومن أين سيأتي الحوثيون بالدعم الاقتصادي الدولي لهم في ظل سحب أو إيقاف دول العالم المانحة للمساعدات عن اليمن، وسحب سفاراتها وتعليق أعمالها في اليمن، وأين هو هذا النفط والغاز “الضئيل جداً” وغير المطور حتى الآن في اليمن والذي سيمكنهم من إدارة الدولة.
العجز والجوع
واستطرد: “كل المؤشرات والدلائل المتاحة والموجودة في اليمن تؤكد عجز الحوثيين التام عن إدارة دولة بحجم اليمن، وكل ما يستطيع الحوثيون تقديمه للشعب اليمني وللأسف الشديد هو المزيد من الجوع والعوز والفقر، فالشعب اليمني الذي عانى لسنوات طويلة من الفقر والجوع والعوز جدير بحياة سياسية مستقرة واقتصادية، وبتقدم صناعي وزراعي وتعليمي وصحي لائق وكريم وهذا ما لا يستطيع الحوثيون تقديمه لهم، ولا أعوانهم في طهران.
“الملالي” ومخلفات الحرب
ووالى برادة حديثه قائلاً: “كل ما يستطيع “الملالي” في إيران -وهذا من باب السخرية الحقيقة- تقديمه للشعب اليمني والحوثيين، هو بعض “أجهزة الطرد المركزي” الخربة والصدئة مع قليل من الأسلحة ومخلفات الحرب العراقية الإيرانية، بالإضافة إلى بعض الكتيبات الصغيرة عن تصدير الثورة لآية الله الخميني وبعض نصائح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خاماني عن المعارضة والممانعة.
اليمن لا يحتاج إلى أسلحة
ولفت “برادة” إلى أن الشعب اليمني بحاجة لتقدم اقتصادي وزراعي وصناعي وتعليمي وصحي ومشروعات حيوية والتي هي امس ما يحتاجه، وليس في حاجة إلى المزيد من الأسلحة ومخلفات الحروب والمتفجرات بأنواعها، فهذه ليست مطالب الشعب اليمني الذي خرج في عام 2011 للمطالبة بأبسط حقوقه بعيداً عن العوز والفاقة، وبعيداً حتى عن المساعدات الخارجية.
الخليج ينظر لليمن
وأوضح أن دول الخليج عامة والمملكة العربية السعودية خاصة دائماً وأبداً ينظرون إلى اليمن كدولة عربية شقيقة، فاليمن وشعبها هم ضمن النسيج الاجتماعي المكون لسكان شبة الجزيرة العربية، وأواصر الود والمحبة ثابتة ومؤكدة عبر مئات السنين وهي ليست بحاجة إلى براهين أو أدلة، فالتراث مشترك اللغة والدين، وليس من المعتاد في سياسيات دول الخليج أو المملكة العربية السعودية أن تستخدم الضغوط السياسية أو المساعدات الخارجية لتوجيه أحداث معينة بعينها خصوصاً بين الأشقاء لان مثل هذه السياسيات لو استخدمت سوف يكون المتضرر والأخير منها هو الشعب اليمني نفسه وليس من هم في السلطة، والشعب اليمني يستحق دون منة أو تمنن كل مساعدة ودعم.
وقف المساعدات
واستكمل: “الدعم الاقتصادي سوف يكون مهدداً بالتوقف أو التعليق إذا استمر الحوثيون في الهيمنة على السلطة بقوة السلاح في اليمن لأنه لا توجد ضمانات في أن تتحول تلك المعونات والاستثمارات الضخمة التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات إلى يد الحوثيين ويستغلونها لتحقيق أطماعهم على حساب الشعب اليمني الشقيق، فبدون شك إذا استمر الحوثيون في الإصرار على مواقفهم الحالية والمعلنة، فمن المؤكد أن تلجأ دول الخليج وغيرها من دول العالم والسعودية إلي تعليق أو إيقاف أو إلغاء كافة المساعدات والاستثمارات الموجودة والقائمة الآن في اليمن باستثناء المعونات الإنسانية الملحة كالغذاء والدواء فقط، وهذه لو حدثت لا سمح الله، سوف تشكل أوضاعاً كارثية على الشعب اليمني وهي أوضاع لا تفضلها ولا تسعى لها دول الخليج ولا ترغب في وجودها أصلاً.
تفكيك اليمن
وبيّن “برادة” أنه “دون أدنى شك الأعمال والتصرفات التي أقدم عليها الحوثيون وأعوانهم في اليمن حتماً سوف تؤدي إلى تفكك الدولة اليمنية وانهيارها التام إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن، وأول هذا التفكك الذي سيظهر هو انسحاب “اليمن الجنوبي” من لوحة اليمن، وتفكك بقية اليمن، وانقسامه إلى عدة دويلات متحاربة ومتصارعة.
القبلية اليمنية والدولة
وحول المجتمع القبلي في اليمن وتأثيره في الأحداث أشار “برادة”، قائلاً: “لقد سعى الرئيس “الحمدي” السابق في اليمن إلى تحويل المجتمع القبلي اليمني إلى دولة مؤسسات ولكن محاولاته تلك لم يكتب لها النجاح لعدة أسباب لا مجال لذكرها، كما أن مدة حكمه لليمن كانت قصيرة نسبياً فلم يتحقق الكثير في ذلك الاتجاه وعندما أتى الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى السلطة قبل 30 عاماً لم يسع بأي شكل من الأشكال إلى تحويل اليمن لدولة مؤسسات وبقي اليمن على حاله.
الحرب الأهلية
وأضاف: “التاريخ السياسي للقبائل في اليمن يؤكد أن ما أقدم عليه الحوثيون لن يكون مقبولاً من بقية مكونات الشعب اليمني وبالتالي فإن الأوضاع في اليمن ستتحول إلى حرب أهلية بين القبائل، وربما يكون الذي أخر وقوف القبائل في اليمن حتى الآن في وجه تصرفات الحوثيين غير الشرعية هو افتقار تلك القبائل للخيارات السياسية القبلية لها؛ حيث إن القيادات التقليدية لتلك القبائل في ظل حكم علي عبد الله صالح كانت منشغلة طيلة فترة سلطته في تكديس الأموال والسلاح لدى تلك الزعامات، وكانوا بعيدين كل البعد عن المعاناة اليومية الحياتية للشعب اليمني ما أفقد أفراد القبائل الثقة في قياداتهم التقليدية”.
مرتع للإرهاب
وأشار “برادة”، إلى أن الأوضاع السياسية المضطربة في اليمن وفي ظل غياب الدولة ومؤسساتها خاصة الأمنية، سوف تكون مرتعاً خصباً للفئات المتطرفة في كل أنحاء العالم لإقامة تنظيمات إرهابية على أرض اليمن وخصوصا أن لليمن شواطئ طويلة تمتد لمئات الكيلومترات على خليج عدن والبحر الأحمر وسوف تتمكن القاعدة من تطوير عملياتها الإرهابية داخل اليمن كما أن تنظيم داعش سوف يدخل في اليمن المساحة الفارغة لكي ينشئ لنفسه قاعدة جديدة في اليمن والدخول في تحالفات أخرى مع الجماعات الإرهابية لتجعل من أرض اليمن منطلقاً لمشروعاتها الإرهابية.
المفاوضات والانهيار
واختتم قائلاً: “اليمن يمر بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وسكانية في تاريخه المعاصر، فالدولة منهارة تماماً، والمؤسسات السياسية والدستورية الهشة غائبة أو مغيبة بفعل الحوثيين والمستقبل القريب لا يبدو فيه حالياً ضوء مشرق في نهاية النفق، ولكن تبقى الآمال معقودة على العقلاء في اليمن وأصحاب الحكمة في أبناء القبائل المتعلمين والطبقة الوسطى وطلاب الجامعات وبعض القيادات السياسية والعسكرية المعتدلة بالمشاركة مع أبناء الجنوب اليمني لرص الصفوف وإقناع بقية فئات الشعب اليمني أن تصرف الحوثيين مرفوض ويجب عدم السكوت عليه، وأن البديل الوحيد لخروج اليمن من أزمته الحالية سليماً هو العودة إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، وتطبيق كافة القرارات السابقة الموقعة بين الأطراف اليمنية وأهمها اتفاق السلم والشراكة بين القوى السياسية في اليمن.