ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن تنامي نفوذ الميليشيات الشيعية -المدعومة من إيران- في العراق، وتوليها زمام المبادرة في الحرب العراقية ضد تنظيم “داعش”، يهدد بتقويض خطط الولايات المتحدة التي تهدف إلى دعم الحكومة المركزية، وإعادة بناء الجيش العراقي، وتعزيز المصالحة مع الأقلية السنية في البلاد.
ونقلت الصحيفة الأمريكية -الإثنين 16 فبراير 2015، عن مسؤولين أمريكيين وعراقيين، قولهم- إن هذه المخاوف تزداد عندما تعلم أن هناك ما يقدر بـ100 ألف إلى 120 ألف مقاتل شيعي، لديهم روح معنوية عالية، مقارنة بـ48 ألف مقاتل ينضوون تحت راية الجيش العراقي، الذي فقد كثيرًا من قوته منذ الصيف الماضي.
وأضافت “واشنطن بوست” أن الهجوم الأخير ضد “داعش” -في محافظة ديالى الذي قادته منظمة بدر- يعزز مكانة الميليشيات الشيعية كقوة عسكرية مهيمنة عبر رقعة من الأرض، تمتد من جنوب العراق إلى كركوك في الشمال.
وقال المسؤولون، إن دورًا أكبر لهذه المليشيات، يعني لجوءها –أحيانًا- إلى تكتيكات تنفر السنة، وتزيد من الأبعاد الطائفية للصراع. وهم أيضا يرسّخون السيطرة الإيرانية الموجودة بالفعل على العراق، بطرق قد يكون من الصعب علاجها.
وقالت الصحيفة: “بالدعم -وفي بعض الأحيان التسليح- فإن هذه الميليشيات تعلن بصراحة ولاءها لإيران”.
وتابعت: “إن عديدًا من هذه الجماعات، مثل: عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، هي أول من طالب بإخراج القوات الأمريكية من العراق قبل سنوات من رحيلها عن البلاد عام 2011”.
وبرر مسؤولون عراقيون وجود هذه القوات بالقول “إن الميليشيات شغلت فراغًا كبيرًا عندما احتاج الجيش للمساعدة عند تقدم داعش تجاه بغداد”. مضيفين أن “مساعدة الولايات المتحدة جاءت متأخرة، بعد أكثر من شهرين، بعد أن تقدم المسلحون باتجاه العاصمة، بالإضافة إلى أن محاولة إعادة بناء الجيش العراقي المنهار، بدأت -فقط- في ديسمبر، وحتى الآن لم يتخرج أي متدرب”.
وقال “موفق الربيعي” -عضو البرلمان عن قائمة ائتلاف دولة القانون-: “نحن في فترة انتقالية.. نحن في حالة طوارئ.. هناك تهديد وجوديّ، وهذا التهديد يحتّم علينا استخدام طرق استثنائية”.
وقالت “واشنطن بوست”، إن الميليشيات -التي تفضل أن توصف بأنها “قوات التعبئة الشعبية”- تشير إلى أن انتشارهم تم بإذن كل من الحكومة، وفتوى من رئيس السلطة الدينية في العراق، آية الله “علي السيستاني”.
لكن الصحيفة قالت إن هذه الميلشيات تدار من خلال زعماء من داخلها، وفي أحيان كثيرة، بأوامر مباشرة من إيران.
وقالت الصحيفة، إن بعضًا من قادة هذه الميليشيات من قادة الحرس الثوري الإيراني، ومنهم من يخضع لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، ومنهم العراقي “أبوالمهدي المهندس” المتهم في تفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت عام 1983.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه من خلال جولة على القرى المحررة في الآونة الأخيرة، وضح أن هناك خطرًا من أن دور الميليشيات قد يؤدي إلى تعزيز الطائفية، ففي قرية “العسكري”، تعرضت كل البيوت للحرق من قبل المليشيات الشيعية، وهو ما دعا السياسيين السنة إلى القول بأن هذا التكتيك يهدف إلى تطهير مناطق كاملة من السنة ومنعهم من العودة إلى ديارهم.
وأضافت أن هناك قرية أخرى، تدعى “بروانة”، حيث أعدم 53، وربما ما يصل إلى 70 رجلًا سنيًّا بعد هزيمة “داعش”، على أيدي الميليشيات الشيعية، وفقًا لشهود عيان وسياسيين سنة.
وفي تعقيبه على هذه التقارير، قال كينيث بولاك من معهد بروكينغز، الذي زار بغداد مؤخرًا، إن زيادة نفوذ الميليشيات الشيعية -واستخدامها مثل هذه الأساليب- لا يساعد على تعزيز المصالحة، التي تشكل عنصرًا أساسيًّا في سياسات الولايات المتحدة تجاه العراق.