يبدو أن اليمن يندفع بقوة نحو عزلة عن العالم، في ظلّ تواصل مغادرة البعثات الدبلوماسية للعاصمة صنعاء، في وقت بات اليمنيون يشعرون معه بخيبة أمل كبيرة، جراء ما وصف بـ”تخلي” العالم عنهم، بينما تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لانتشال هذا البلد العربي من طمع الحوثيين.
وعلقت كل من؛ إسبانيا والإمارات وتركيا، عمل بعثاتها الدبلوماسية في صنعاء أمس السبت؛ بينما أغلقت هولندا والسعودية وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، سفاراتها في العاصمة اليمنية خلال الأيام الماضية، كما أغلقت السفارة اليابانية القسم القنصلي هناك. وقررت بتينا موشايت -سفيرة الاتحاد الأوروبي- بصنعاء، مغادرة البلاد.
جاء ذلك بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة ومدن أخرى في سبتمبر الماضي، وفق تقرير لوكالة الأناضول التركية، الأحد (15 فبراير 2015).
وبحسب مراقبين، فإن هذا الإجراء -الذي أقدمت عليه عدد من دول العالم العظمى- يأتي في سياق المواقف السياسية الدولية الرافضة لما أقدمت عليه جماعة الحوثي مؤخرًا، التي أعلنت في 7 فبراير الحالي وبشكل انفرادي، ما سمي بـ”إعلان دستوري”، متحدية بذلك القوى المحلية والإقليمية والدولية التي تشرف على مفاوضات لحل أزمة الفراغ الدستوري الناجمة عن استقالة الرئيس “عبدربه منصور هادي”.
واعتبر عضو مؤتمر الحوار الوطني، والقيادي في التنظيم الناصري، مانع المطري إغلاق السفارات بأنه “إجراء تأديبي لجماعة الحوثي”، لكنه أكد أن “المتضرر من ذلك الشعب اليمني كله”.
ويعتقد المطري أن “دائرة عزل اليمن عن العالم ستكتمل في الأيام القليلة القادمة”، متوقعًا أن تسعى المملكة -وهي دولة لها عمق استراتيجي وجغرافي في اليمن- لإقناع بقية الدول العربية بشأن إغلاق سفاراتها بصنعاء.
وكان القيادي في جماعة أنصار الله (الحوثي) “حسين العزي” قد وصف قرارات غلق السفارات، بأنه عمل “غير مبرر”.
اقتصاديًّا، أبدى خبراء تخوفهم من انعكاس “عزلة” اليمن الجارية على تدهور ما تبقى من الاقتصاد، خصوصًا أن عددًا من المشاريع الممولة من الخارج حاليًا ستتوقف مع توقف عمل السفارات، الأمر الذي سيفاقم الأزمة المعيشية أكثر، في ظلّ أرقام تتحدث عن أن ما يزيد عن 50% من عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وكان المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، قد أكد -في بيان أصدره في ختام اجتماعه الاستثنائي بالرياض، السبت (14 فبراير 2015)- دعم السلطة الشرعية في اليمن، وإدانة استمرار احتجاز الرئيس اليمني “عبدربه منصور هادي”، ورئيس الوزراء “خالد بحاح” والوزراء والمسؤولين، من قبل الميليشيات الحوثية، مطالبًا بإطلاق سراحهم فورًا.
ورفض البيان ما يسمى بـ”الإعلان الدستوري” للميليشيات الحوثية، ومحاولاتها فرض الأمر الواقع بالقوة، وكل الإجراءات المتخذة لفرض الأمر الواقع بالقوة، ومحاولة تغيير مكونات وطبيعة المجتمع اليمني.
ودعا الحوثيين إلى وقف استخدام القوة، والانسحاب من كل المناطق التي يسيطرون عليها، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والانخراط في العملية السياسية.
ووجّه دعوة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، للانعقاد عاجلًا على مستوى وزراء الخارجية، لاتخاذ قرار لرفض الانقلاب وكل ما يترتب عليه.
وطالب المجلس الوزاري الخليجي، مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي، باتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يتضمن إجراءات عملية عاجلة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، اللذين يهددهما استمرار الانقلاب على الشرعية في اليمن، ورفض ما يسمى بـ”الإعلان الدستوري” ومحاولات فرض الأمر الواقع بالقوة.
واتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة وصحة الرئيس “عبدربه منصور هادي” ورئيس الوزراء “خالد محفوظ بحاح” والوزراء والمسؤولين، وإطلاق سراحهم، ودعم استئناف عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2140 (2014)، الصادر تحت الفصل السابع من الميثاق، بشأن إيقاع العقوبات على من يعرقل عملية الانتقال السلمي للسلطة.