أثار نبأ إعدام تنظيم الدولة الإسلامية للطيار الأردني معاذ الكساسبة ردود فعل ساخطة وإدانات دولية وعربية واسعة، خاصة بعد الطريقة الشنيعة التي نفذ بها التنظيم عملية الإعدام، التي كشفت كواليسها صحيفة لبنانية موضحة أنهم حرموه من الطعام 5 أيام قبل إعدامه بعد حكمٍ صدر عن أعلى المرجعيات الشرعيّة في “داعش”، كاشفة أن المكان الذي أعدم فيه شهد مقتل 25 عنصراً من “داعش” في قصفٍ للتحالف.
غضب أردني
وشهد الأردن ظهر اليوم مسيرات عدة منددة بالجريمة وسط حالة من الصدمة والحزن والذهول خيمت على أوساط الشارع الأردني بعد تلقيه نبأ مقتل الطيار الكساسبة، ودعا والد الطيار الأردني “معاذ الكساسبة” في أول تعليق له على الحادث، جميع الدول وعلى رأسهم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لأخذ ثأر ولده المقتول، والانتقام من التنظيم الإرهابي.
وقال صافي يوسف الكساسبة، في حديث لقناة العربية: إن ما يقوم به كفار “داعش” من أعمال إرهابية لا تزال بعيدة عن معنى الإسلام، داعياً جميع الأردنيين للتحلي بالصبر بعد وفاة ابنه.
وشهدت عدة مناطق أردنية، لاسيما منطقة الكرك التي ينحدر منها الكساسبة، بعد انتشار الفيديو الذي تضمن مشاهدا وصفت بـ “الوحشية”، مسيرات مناهضة لداعش ومتضامنة مع ذوي الطيار.
ونقلت صحيفة الغد الأردنية عن رئيس ملتقى الكرك للفعاليات الشعبية، خالد الضمور، مطالبته للشعب الأردني بـ “الوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي وعدم التهاون مع كل من يدعي الولاء له”.
أما في العاصمة عمان، فقد تجمع العشرات أمس واليوم في وسط المدينة، حيث أكدوا على تضامنهم مع ذوي الكساسبة، وطالبوا الحكومة بالرد على مقتل الطيار الذي كان محتجزاً لدى داعش منذ 24 ديسمبر الماضي بالرقة بسوريا.
سيل من الإدانات
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحادث، داعياً كافة الدول إلى تعزيز جهودها الرامية إلى مكافحة الإرهاب والتطرف “وفقاً لالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأعرب بان كي مون في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للأمم المتحدة عن تعاطفه مع ذوي الطيار الأردني وأهله وتضامنه مع الأردن شعباً وحكومة.
من جانبه ندد البيت الأبيض أمس الثلاثاء بقوة بإعدام الكساسبة، مؤكداً تضامن الولايات المتحدة المطلق مع الأردن بعد هذا “الفعل الشنيع”.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: سنضاعف من جهود التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش”.
ووصف أوباما الفكر الذي يغذي “داعش” بالمفلس، متعهداً بمواصلة الجهود للقضاء على التنظيم الإرهابي.
اليابان تتضامن
بدوره قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إنه يشعر بغضب كبير نتيجة “هذا العمل الإرهابي الخسيس والشائن وإمعان الإرهابيين في العنف والقتل”، مشدداً على أنه لا يمكن تبرير الإرهاب أو غفرانه.
وأكد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في بيان رسمي صادر عن مكتب رئاسة الوزراء في طوكيو، صباح الأربعاء، أن اليابان تقف وتتضامن مع الأردن حكومة وشعبا في هذا الوقت الصعب”.
وكذلك دان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، مساء الثلاثاء 3 فبراير قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة مشدداً على أن قتله لن يؤدي إلا إلى تعزيز عزيمة قوات التحالف لهزيمة التنظيم.
بدوره أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “مساندة مصر ووقوفها إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية في هذا الظرف الدقيق، في مواجهة تنظيم همجي جبان يخالف كل الشرائع السماوية”.
وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل محاربة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، فضلاً عن مواجهة الفكر المتطرف الذي يقف وراءه، ولا سيما الجماعات الإرهابية التي ترفع شعارات الدين الإسلامي.
فلسطين والبحرين
من جانبه ندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالجريمة البشعة، وقال عباس في تصريح صحفي أوردته وكالة وفا الفلسطينية “لا يمكن لأي إنسان أن يتحمل هذه الجريمة البشعة، فقد فضحت طبيعة الإرهابيين المريضة واللاإنسانية وبعدها كل البعد عن الإسلام السمح”.
وأعربت مملكة البحرين عن استنكارها الشديد لهذه الجريمة البشعة التي تؤكد “الوحشية المفرطة والهمجية التي وصل إليها هذا التنظيم الإرهابي والخطر المتزايد لجرائمه اللاإنسانية”.
وأشارت المنامة إلى أن هذه الممارسات البربرية تتنافى تماما مع جميع المبادئ والقيم وتتعارض مع كل الشرائع والأديان السماوية وأكدت البحرين دعمها الكامل وتضامنها مع الأردن في اتخاذ ما يراه من إجراءات إزاء هذا التنظيم الإرهابي وجريمته النكراء.
منظمة التعاون الإسلامي
أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إياد مدني، الجريمة البشعة التي أقدم عليها تنظيم داعش الإرهابي بقتل الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة حرقاً؛ دونما اعتبار لما أقره الإسلام من حقوق للأسرى أو التفات لما التقت عليه الإنسانية جمعاء من شرائع للحرب والأسر، معبرا عن خالص العزاء لأسرة الفقيد وذويه وللأردن ملكاً وحكومة وشعباً.
كما عبر في بيان اليوم عن أساه العميق لما وصلت إليه بعض المناطق من انتكاسة فكرية، وتمزق سياسي، وامتهان للإسلام، الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين على رسول بعث ليتمم مكارم الأخلاق، صلى الله عليه وسلم.
وأفاد أن الأمانة العامة للمنظمة ستدعو لاجتماع عاجل للجنة التنفيذية التي تتكون من “ترويكا” القمة وترويكا المجلس الوزاري ودولة المقر، للتأكيد على وحدة الدول الأعضاء في المنظمة في مواجهتها للإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية، والتوجهات التي تصنعها وتؤدي إليها وتسخرها وتستفيد منها، كما ستدعو لاجتماع جلسة عاجلة خاصة لمجمع الفقه الإسلامي للتعبير عن إجماع الأمة حيال هذه الحالة.
الموقف السعودي
وفي السعودية صرح مصدر مسؤول: بكل الأسى والحزن والغضب تابعت المملكة العربية السعودية الجريمة الوحشية البشعة التي اقترفها التنظيم الإرهابي داعش بحق الشهيد الطيار العربي الأردني المسلم معاذ الكساسبة في عمل بربري جبان لا تقره مبادئ الإسلام الحنيفة المنصوص عليها في كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يقدم على ارتكابه إلا ألد أعداء الإسلام.
وقال: إن حكومة المملكة العربية السعودية وإذ تعبر عن موقفها هذا، لتؤكد مجدداً على عزمها وتصميمها في المضي قدماً في محاربة هذا الفكر الضال وكافة التنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه وتسعى إلى الفساد في الأرض وتشويه قيم الإسلام الحنيف ومبادئه السمحة وتحث المجتمع الدولي على تكثيف جهوده في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره أو الجهات التي تقف وراءه لاستئصاله من جذوره، وترفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل أن يتغمد الشهيد الكساسبة بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، كما تتقدم المملكة لأسرة الشهيد ولجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية وحكومته وشعب الأردن الشقيق بخالص العزاء والمواساة.
الأردن يخفض طلعاته
ونقلت صحيفة “وورلد تريبيون” الأمريكية عن مصادر دبلوماسية قولها إن الأردن خفضت من عملياتها الجوية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا بشكل حاد عقب اختطاف الطيار معاذ الكساسبة الذي أعلن عن إعدامه حرقاً أمس.
وأضافت المصادر أن الأردن أصدرت أمراً بتعليق العمليات الجوية في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، وذلك تحت ضغوط داخلية مكثفة، وأشاروا إلى أن سلاح الجو الملكي الأردني أوقف كافة الغارات الجوية على التنظيم، بينما وافق على إجراء عمليات استطلاع محدودة على طول حدود المملكة وفقاً لوكالة “أنباء الشرق الأوسط” التي قالت اليوم إن الأردن لا يزال بمثابة قاعدة لعمليات مكافحة ضد داعش، ولكن لم يعد مشاركاً نشطاً”.
خفايا جديدة
ووفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية فقد أكدت مصادر قريبة من “داعش”، أن الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، الذي أعلن عن مقتله يوم أمس، الثلاثاء، تم “حرمانه من الطعام لمدة خمسة أيام قبل إعدامه، مطلع الشهر الماضي، في البناء الملاصق لمبنى الأمن السياسي بالرقة” وردّت ذلك إلى “حكمٍ صدر عن أعلى المرجعيّات الشرعيّة في داعش يقضي بموته جائعاً، ومحرّقاً”.
وبررت المصادر اختيار المكان بأنّه شهد مقتل 25 عنصراً من “داعش” في قصف نفّذه طيران “التحالف الدولي” في وقت سابق لأسر الكساسبة.