مؤشرات عدة بدأت تلوح في الأفق على سعي إيران للتصالح مع المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل ما تواجهه من أزمة اقتصادية قاسية نتيجة انخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى مفاوضاتها الجارية مع الدول الغربية بشأن ملفها النووي، والذي تحرص على الخروج منه باتفاق، حتى لا تفرض عقوبات جديدة عليها.
طهران أعلنت أمس الثلاثاء (20 يناير 2015) استعدادها لإجراء “محادثات صريحة” مع المملكة بشأن القضايا الخلافية، والتي يشير مراقبون إلى أنها تتركز حول قيام إيران بالزج بنفسها في الأزمات الداخلية لعدد من دول المنطقة، خاصة في سوريا والعراق واليمن والبحرين، فيما تشتكي إيران من انخفاض أسعار النفط.
إيران كانت قد أعلنت قبل أيام إرجاء زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف للسعودية بسبب رفض الرياض خفض إنتاج النفط للمساعدة في رفع أسعاره، فيما قالت مصادر إيرانية داخلية إن السبب هو تصريحات وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل التي هاجم فيها تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، خاصة سوريا، واصفًا إياها بالاحتلال.
لكن إيران حاولت الخروج من هذه النقطة، بالبحث عن عدو مشترك يضعها في خندق واحد مع المملكة، وربما وجدت هذا في تنظيم داعش، حيث قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني سفير إيران لدى السعودية: “في ضوء الخسائر البشرية والمالية التي لم يسبق لها مثيل جراء الصراعات الطائفية ينبغي أن نمنع المزيد من إراقة الدماء، ونشن معركة لا هوادة فيها ضد التطرف والإرهاب الذي يجسده داعش”.
ورأى خبراء، وفقًا لوكالة أنباء “رويترز”، أنّ ضيق هامش المناورة أمام إيران في موضوع أسعار النفط، هو ما يدفعها للعب بورقة الحوار مع السعودية التي تعتبر طرفًا أساسيًّا لا غنى عنه في إيجاد حلّ للأزمة النفطية، مشيرين إلى أنه بدا واضحًا ربط الحوار بمسائل مالية واقتصادية من خلال إشارة شمخاني في حديثه عن الخسائر المالية الناتجة عن الصراعات في المنطقة.
ولفت هؤلاء إلى أن حوار السعودية المفترض مع إيران يستحيل فصله عن ملفات أخرى سياسية وأمنية، على رأسها الملف السوري، وأيضًا التدخل الإيراني في لبنان والعراق واليمن والبحرين وسوريا.
تأتي هذه المعطيات في الوقت الذي أكد فيه أوباما خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي الذي ألقاه، أمس الثلاثاء، أمام جلسة موحدة للكونجرس الأمريكي بغرفتيه “النواب والشيوخ”، معارضته لفرض عقوبات جديدة ضد إيران بسبب برنامجها النووي، كما تحدث عما اعتبره تقدمًا في المفاوضات النووية مع إيران: “لدينا فرصة للتفاوض على اتفاق شامل يمنع إيران من التسلح نوويا، حماية أمريكا وحلفائنا بما فيها إسرائيل، بينما نتجنب صراعا آخر في الشرق الأوسط”.
وأشار مراقبون إلى أن مثل هذه التصريحات تؤكد سعي الإدارة الأمريكية لإحداث تقارب بين إيران ودول المنطقة، والذي ربما يكون بلا معنى إذا لم يتم هذا مع المملكة العربية السعودية أولا.